«أنت وعدتني العام الماضي ان تكون فلسطين عضوا كاملا بالأمم المتحدة ونحتفل بذلك في سبتمبر من هذا العام، وها أنا قد جئت بناء على الوعد الذي سمعناه منك!!».

هذا ما سيقوله رئيس الدولة 194 لرئيس الولايات المتحدة الأميركية باراك اوباما، فالثقة لدى الرئيس محمود عباس مستمدة من الشعب الذي حمله امانة المسؤولية، فشعب اختار الحرية لا يتراجع عن أهدافه الوطنية بمجرد تهديد يخرج عن البيت

الأبيض أو من مكتب رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، أبو مازن يرفض الحديث عن «تهديدات اما لأنه لا يعترف بها أو لأنه يفهم جيدا طبيعة العلاقات ولغة المصالح وعقلية الساسة في الدول الكبرى « فالرئيس قال للصحفيين الطائرين معه الى نيويورك: ما سمعته من المبعوثين الدوليين في اللحظة الأخيرة لم يك تهديدات وانما قالوا لي ان الأمور ستكون سيئة جدا اذا ما ذهبت الى الأمم المتحدة.. لكنني لا اعرف الى أي مدى قصدوا حين قالوا سيئة جدا»!!!.

تعامل قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية الرئيس ابو مازن مع مقترحات المبعوثين الدوليين كمسؤول سياسي أول، عن تحقيق أماني وتطلعات الفلسطينيين الواقعية والعقلانية، كاشف الشعب الفلسطيني والأمة العربية وقال: نعم كان هناك ضغط كبير في الأسبوع الماضي لثنينا عن قرارنا التوجه للأمم المتحدة، لكن الوسطاء لم يقترحوا شيئا مفيدا، فنحن قلنا لهم: ان أي اقتراحات لا تنص وتفضي الى دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران من عام 1967 ولا توقف الاستيطان هي اقتراحات غير مقبولة».

لم تحمل لحظات اللقاءات والاجتماعات الأخيرة مع مندوب اللجنة الرباعية، والسيدة آشتون الأوروبية وديفيد هيل الأميركي أي جديد مقنع، رغم ان جميع المقترحات التي جرى تقديمها نوقشت بكل جدية، لكنها لم تكن تؤد الى دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس. فهل صحيح أنهم لا يعلمون ان ابا مازن مصر على الانتقال بالشعب الفلسطيني الى مرحلة الحرية التامة والاستقلال؟!. أم تراهم قد تخيلوا صورة أدنى من كونه قائدا لحركة تحرر وطنية فلسطينية.

يميز أبو مازن بين الأفكار ويستطيع فرزها فيضع الروسية والأوروبية في خانة، والأميركية في الخانة الاخرى، لكن مواقف الرباعية لم تكن بحجم الدور المنوط بأوروبا والذي اتيح لها عن سابق تصميم وترصد فلسطيني وعربي، ولم يكن بحجم التوقعات، فليس من مصلحة أوروبا ملامسة سقف الآمال بقاع الموقف الأميركي فبعد الثالث والعشرين من أيلول سنرى ان كان بمقدور أوروبا الحفاظ على ركائز الحرية والديمقراطية أو انها زلزال سيدك أركان دعاية الحرية التي كانت بمثابة قاطرتها السريعة في مصر وتونس وليبيا والآن في سوريا !.

عندما يتحدث ابو مازن عن أزمة مالية حقيقية لدى السلطة وأنها سوف تتفاقم اذا تزايدت الضغوطات فهذا يعني أن استقلال القرار الفلسطيني لن يكون بلا ثمن، وحقه على العرب الذين وافقوه على الخطوة تغطية ما قد ينقطع من أموال الدعم، فالأشقاء العرب الذين دفعوا آلاف الملايين ثمن أسلحة وذخيرة لاسقاط «العقيد» بات واجبا عليهم دعم مرحلة انتقال فلسطينية حقيقية من الاحتلال الى الاستقلال، فأبو مازن واثق بأن العرب رغم انشغالهم بالثورات الا انهم لم ينشغلوا عن القضية الفلسطينية»، وتركيزه في الحراك السياسي على مجلس الامن، والمؤسسات الدولية مثل البنك الدولي، الذي امتدح قدرة السلطة الوطنية على بناء دولة، ما كان ليتم لولا دعم عربي رسمي وشعبي سياسي.. لكنه يأمل الدعم المادي أيضا حتى تكون النتائج مؤثرة ومقنعة ولاثبات فشل وجهة نظر محبطة هيأت ان الفلسطينيين سيخسرون!.

يدرك ابو مازن ان غالبية الاسرائيليين يريدون السلام وكذلك غالبية الفلسطينيين أيضا. فوجه أسئلة في المركز الى بيريس وباراك:» لماذا تمنع حكومة اسرائيل تحقيقه»؟ ولماذا تضيعون الفرصة التاريخية لتحقيق ذلك على اساس دولتين»؟ فتوقيع 700 من الأكاديميين والاسرائيليين على عريضة تدعو نتنياهو لأن تكون اسرائيل اول دولة تعترف بفلسطين وثيقة هامة تدعم ثورة ابو مازن السلمية.

ابقى الرئيس ابو مازن القائد الواقعي العقلاني باب خيار المفاوضات مفتوحا، قبل التوجه للامم المتحدة، وسيبقي عليه مفتوحا بعد التصويت في الامم المتحدة. فعملية السلام تتعرض لمحاولة اغتيال بسلاح المتطرفين وهذا ما لن يسمح به سياسي يؤمن بحق شعبه في الحياة بحرية.