نحن على أبواب قمة عربية، ستعقد في العاصمة السعودية الرياض في النصف الثاني من آذار/مارس. الأمة العربية أمام تحديات تتعلق بمصيرها ومستقبلها كأمة، وحتى كدول عربية وطنية، باختصار العرب امام تحدي الوجود من عدمه. بالتأكيد ان الدخول للتفاصيل، التي باتت معروفة هو امر من شأنه ان يزيد من احباطنا، لذلك المهم اليوم التفكير بالمستقبل ونحن على أبواب القمة، لدينا شعور بالمرارة، شعور وكأن أمتنا العربية قد تخلت عنا وعن قضيتها المركزية، وعن القدس ومقدساتها الاسلامية والمسيحية، وبالرغم من هذا الشعور السائد وهو مبرر فعليا وواقعيا، فإن الشعب الفلسطيني لم يكن ولن يكون عدميا أو جاحدا تجاه امته، فهو يقرأ التاريخ جيدا ويعرف ايجابيات وسلبيات علاقة العرب مع فلسطين وقضيتها.
وبعيدا عن نظرية المؤامرة، التي يستخدمها البعض لتشخيص الواقع والتاريخ، فإن علاقة العرب مع فلسطين، والمقصود بعض الحكام والأنظمة، كانت ملتوية وغير مفهومة يمكن تلخيصها بالمفردات والمصطلحات التالية: عجز، تخاذل، واحيانا تواطؤ وأخرى بمحاولات ايجابية تنم وتعبر عن ارادة قومية عربية حقيقية، لكنها محاولات لم تكن ضمن استراتيجية متوسطة أو بعيدة المدى، ولا تجري متابعة لها.
نعم، هناك شعور بالخوف، خوف الانظمة على نفسها، وخوف الكيانات والشعوب على مصيرها ووجودها. خوف الانظمة دفع بعضها لتقديم تنازلات ومقايضات متسرعة، ليس الخوف فقط، بل صراع المحاور وعلى الادوار الهشة اصلا، هو من دفع الى المقايضات الاستراتيجية، والتي يشعر الفلسطيني، أن قضيته والقدس قد تم التخلي عنها عربيا.
والغريب في الامر، ان بعض الانظمة والحكام، لم يلتفتوا الى البديل الممكن، فبدل هذا التهافت نحو المقايضات والتنازلات لم يلتفتوا الى أن المواجهة، قد تطيل في عمر النظام والكيان أكثر ما قد تطيله التنازلات، وبما اننا لسنا حالمين أو واهمين، فإننا لا نقصد بالمواجهة، الحرب او استخدام القوة أو حتى التلويح بها سياسيا او اقتصاديا، وانما المواجهة عبر الوحدة والتضامن وانهاء سياسة المحاور والتناقضات والصراعات العربية – العربية الجانبية.
قد يرد احدهم علينا، باننا نحن منقسمون وغير موحدين كشعب فلسطيني – ونقول لهؤلاء، إن الانقسام الفلسطيني هو في الأساس صناعة اسرائيلية بتغذية البعض العربي، فالشعب الفلسطيني والمتنورون من الامة العربية يدركون ذلك.
ونحن على ابواب القمة، فإن النظر نحو المستقبل هو الحل، وان العودة للماضي هي فقط بهدف الاستفادة من الدروس والعبر، النظر الى المستقبل يستدعي العودة للتضامن العربي ونبذ سياسة المحاور والخلافات الجانبية.
ان مصير الامة العربية ووجودها كأمة هو اليوم على المحك الاخير، ولعل التضامن يبدأ من العودة الى القضية المركزية، قضية فلسطين والتوحد من حولها، فهذا الالتفاف حول فلسطين، قد يساعد على التخلص من التناقضات والتناحرات الجانبية... لتعود لفلسطين وقضيتها، تسلك طريق التضامن والوحدة.