في خمسينيات القرن الماضي كتب الروائي الأميركي وليم ليدرر، رواية كان موضوعها الأساسي أو ثيمتها الرئيسة- كما يقال بلغة الأدب- قبح السياسة الأميركية، التي تقبح أكثر الرجال والنساء جمالاً ووسامة، وأطلق على  روايته اسم "الأميركي القبيح" ومن الواضح الْيَوْمَ إن هذا الروائي لم يكن يكتب عملاً أدبياً، بقدر ما كان يسجل طبيعة وحقيقة الإرسال الواقعي للسياسة الأميركية والسياسيين الأميركيين، الإرسال الذي ما زال على حاله حتى اللحظة، بل وقد بات أكثر قبحاً وأكثر صلفاً، ومن يسمع ما قالته  "أليسا فرح" المتحدثة باسم نائب الرئيس الأميركي مايك بنس" لن يرى سوى القبح، وقد تجسد بكامل هيئته التي تدفع إلى التقيؤ...!!!

هذه المتحدثة تريد منا وبتصريح غاية في الصفاقة والصلف، أن نصدق ما لا يمكن تصديقه بعد الآن، أن الولايات المتحدة تريد حقاً صنع السلام في الشرق الأوسط ..!!! لا والأدهى والأكثر قبحاً وفقاً لتلفيقات هذه المتحدثة، إننا نحن من يدير الظهر الآن لعملية السلام...!! بسبب أننا لن نستقبل نائب الرئيس الأميركي "مايك بنس" وكأن عملية السلام ما زالت بخير وعافية، وهي التي أشبعها الرئيس ترامب قتلاً بقراره الأرعن اعتبار القدس الفلسطينية العربية عاصمة للدولة التي تحتلها...!!! لا بل أن هذه العملية لطالما كانت متعثرة بسبب الانحياز الأميركي الدائم لدولة الاحتلال، فعن أي عملية تتحدث الناطقة باسم "بنس"..؟؟ وعن أي دور للولايات المتحدة يمكن أن يكون في هذه العملية والرئيس الأميركي قد أجهز عليه تماماً..!!

وعلى ما يبدو أن "الأميركي القبيح" مشبع بالوهم حتى يتصور أن الضحية يمكن أن تصفق لجلادها، التصفيق الذي أراده منا باستقبال صناع سياسة الطعن  والانحياز والخديعة، باستقبال "بنس" ..!! أليست هذه بعضًا من عقلية "الكوكلوكس كلان" بعضاً من تمنياتها المريضة، أن تصفق الضحية لجلادها، وان تقبل به سيداً لا ترد له كلمة، ولا يعصى له أمر حتى وهو يغرز حرابه في خاصرتها...!! على "الأميركي القبيح" أن يصحو من أوهامه هذه، لن نصفق أبدا لجلادينا، الفلسطينيون أهل التحدي، ولا يقبلون الضيم أبداً، وهم أسياد حالهم وقرارهم وحماة أرضهم ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية، وقد تزنروا الْيَوْمَ بروح جماهير الأمة العربية ومعها أحرار العالم أجمع، وقد هبت هبة رجل واحد تندد بقرار ترامب، التنديد الذي لا يحمل غير رسالة القدس النبوية، ولا يقبل بغير مستقبلها عاصمة لدولة فلسطين, وحاضنة للسلام والمحبة بروحها العربية والإنسانية.

لا كلمات يمكن لها أن تصنع  مساحيق التجميل التي يريدها "الأميركي القبيح" ولا ثمة ادعاءات بعد قرار ترامب قادرة أن تؤلف هذه المساحيق، الاعتراف بالخطأ والخطيئة وحده من يستطيع التجميل، بل من يزيل القبح من أجل وجه النزاهة المشرق، وللشعب الأميركي نقول ونؤكد إن الأميركي القبيح ليس انتم، إنما هو رجل السياسة هذا الذي ينحاز للظلم والاحتلال والعنصرية البغيضة، ما من شعوب قبيحة أبداً، بل جماعاتها بقواها وأحزابها اليمينية المتطرفة، التي لا تسعى لغير العنف والإرهاب والعدوان، ولطالما سقطت هذه الجماعات وستبقى تسقط حتما.