يطلّ علينا في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر، اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وشعبنا يمر في مرحلة من أصعب المراحل، حيث ما زال يتذوق الظلم والتعسف والقهر الصهيوني ومرارة الاحتلال والاستعمار، ويعاني من قسوة الإبعاد واللجوء والتشريد، وتدمير وتهويد المؤسسات والمنازل وسلب الأراضي وتصاعد عمليات والاستيطان، واستمرار الاعتقالات والاغتيالات اليومية لأبناء شعبنا، والحصار الجائر على قطاع غزة، والانتهاكات اليومية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، تحت مرأى ومسمع العالم، الذي يلوذ بالصمت ولا يحرّك ساكنًا إزاء ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم ضد أهلنا وشعبنا، ترقى جميعها إلى مستوى جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية.
في مثل هذا اليوم أعلنت الأمم المتحدة، وفقًا للولايات المخوّلة من الجمعية العامة في قراريها 32/40 باء المؤرّخ 2 كانون الأول/ ديسمبر 1977، و 34/65 دال المؤرخ 12 كانون الأول/ديسمبر 1979، يوم الـ 29 من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، يومًا دوليًّا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في نفس التاريخ الذي صدر فيه قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، عام 1947، 181 (د-2)، الذي أصبح يعرف باسم "قرار التقسيم". والذي ينص على تقسيم أرض فلسطين التاريخية، لما ينطوي عليه من معانٍ ودلالات بالنسبة للشعب الفلسطيني.
وبسبب دعم الدول الاستعمارية الكبرى، وتقاعس الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن القيام بواجباتهم وتحمل مسؤولياتهم في إحقاق حقوق شعبنا الفلسطيني، نشأت دولة الكيان الصهيوني الغاصب عام 1948، استنادًا لقرار التقسيم، ونالت دولة الكيان الصهيوني، اعتراف الأمم المتحدة والدول الكبرى فيها وأصبحت عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة، فيما الدولة الفلسطينية التي نص عليها القرار ذاته لَمْ تَرَ النور حتى يومنا هذا، ونتج عن ذلك تدمير كيانية الشعب الفلسطيني وتشريده، وحرمانه من أرضه ووطنه وإقامة دولته الفلسطينية منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا.
وعلى الرغم من كل محاولات العدو الصهيوني منذ ذلك التاريخ، إلغاء وجود الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقوقه، وبتمثيله السياسي الذي جسّدته منظمة التحرير الفلسطينية فيما بعد، إلّا أنَّ هذه المحاولات جميعها باءت بالفشل، وتمكَّن الشعب الفلسطيني عبر تضحياته الجسام ونضاله وكفاحه الطويل والمستمر من فرض حضوره على الصعيد العربي والإقليمي والدولي، ومن تعزيز مشروعية نضاله وحقوقه الوطنية في أرضه ووطنه.
إنَّنا في هذا اليوم الدولي للتضامن مع الشعب، ندعو إلى ترجمة هذا التضامن بخطوات عملية وتنفيذية من خلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي أصدرتها الجمعية العامة ذاتها، وفي مقدّمتها حقّه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين إلى أرضهم وديارهم بموجب القرار الأممي 194.
وندعو مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي، والدول الراعية لعملية السلام، إلى اتخاذ قرارات حازمة وصارمة بإنهاء أطول احتلال في التاريخ الحديث، والاعتراف الكامل بحقوق شعبنا الفلسطيني بموجب القرار الذي اعتمدته الأمم المتحدة، ويحمل الرقم 3236 في 22 نوفمبر 1974 الذي أكَّد الحقوق الثابتة لشعب فلسطين، وضرورة التوصّل إلى حل عادل لمشكلة فلسطين وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ذات الصلة، الذي يؤكِّد حقوق الشعب الفلسطيني في فلسطين، غير القابلة للتصرّف، وخصوصاً، الحق في تقرير مصيره والحق في الاستقلال والسيادة الوطنيّين، وحق الفلسطينيين، غير القابل للتصرف، في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا واقتلعوا منها، ويطالب بإعادتهم وفق القرار 194.
وندعو الدول العربية والإسلامية الشقيقة والدول الصديقة إلى تكثيف الجهود على كل الصعد والمستويات لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ودعم صمود شعبنا الفلسطيني معنويا وماديا ومساعدته في تحقيق حقوقه الوطنية المشروعة.
وفي هذه المناسبة نُجدِّد الدعوة إلى ضرورة التنفيذ الأمين والدقيق والصادق لكل بنود "المصالحة الوطنية" وفق التواريخ المحددة فيه وصولا لاضطلاع الحكومة بمسؤولياتها وواجباتها كاملة وفقًا للقانون الأساسي والأنظمة الفلسطينية المعمول بها في فلسطين.
ونجدِّد دعمنا وتأييدنا الكامل لما جاء في البيان الختامي لاجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة، من أجل تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية كافّةً باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني لإنجاز كافة أعمال اللجنة التحضيرية لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني المتزامنة.
إنَّنا في لبنان، نُجدّد الشكر والتحية للشعب اللبناني الشقيق الذي احتضن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وقدَّم آلاف التضحيات دفاعًا عنها، وأننا ضيوف في لبنان إلى حين عودتنا إلى أرضنا وديارنا في فلسطين، ونحترم سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وتحت سيادة القانون، ونؤكّد موقفنا الثابت بالتمسك بحق العودة ورفض التوطين والتهجير، ونتمسك بسياستنا الثابتة بالحياد الإيجابي ورفض زج المخيمات الفلسطينية في لبنان في أي تجاذبات داخلية أو صراعات عربية أو إقليمية.
وفي نفس الوقت ندعو إلى تعزيز وتفعيل وتطوير العلاقة اللبنانية – الفلسطينية بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين اللبناني والفلسطيني، وإلى ضرورة إقرار الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان حتى يتمكَّنوا من العيش بكرامة إلى حين عودتهم إلى أرضهم وديارهم.
إنَّنا نؤكِّد ضرورة أن تتحمل مؤسسات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مسؤولياتهم الكاملة تجاه اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما "الأونروا" التي أنشئت من أجل ذلك، وضرورة أن تفي الدول بالتزاماتها المالية لدعم موازنتها، كي يتسنّى لـ"الأونروا" القيام بواجباتها وبمسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في كافة المجالات للتخفيف من معاناتهم.
التحية لشعبنا الفلسطيني الصامد المناضل والمكافح في كل أماكن تواجده من أجل حريته واستقلاله واستعادة حقوقه الوطنية المشروعة في أرضه ووطنه فلسطين، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف عودة اللاجئين إلى أرضهم وديارهم في فلسطين.
التحية والحرية لأسرانا البواسل في معتقلات الاحتلال
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
عاشت فلسطين حرة عربية
وإنها لثورة حتى النصر
فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان
29 تشرين الثاني- نوفمبر 2017
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها