انتصار الدنان/ تزداد آلام النازحين الفلسطينيين من سوريا، حيث لا يؤمّن لهم العلاج اللازم لعلاج أولادهم، ولا تؤمن لهم المستشفيات لاستقبال مرضاهم ودفع الموت عنهم. محمد نازح فلسطيني من مخيم اليرموك في سوريا، يعمل في خيمة صغيرة خصصت كغرفة للحالات المرضية الطارئة، لكنه شرح لنا المعاناة التي يعانيها المرضى النازحون، حيث لا دواء غير خافض الحرارة، ولا طبيب ليقوم بعملية تطبيبهم، ولا مستشفيات يلجأون إليها.
قال: نحن هنا لخدمة المرضى، ولا نمتلك إلا القليل القليل من المواد اللازمة للعلاج كخافض الحرارة والأبر البسيطة وبعض المعقمات. افتتحنا هذه العيادة البسيطة من مساعدات من بعض الجمعيات والمستشفيات، حيث قدموا لنا بعض المواد التي تساعد في معالجة أي طارئ للمرضى، فعلى الرغم من صغر المكان إلا أنه كان يفيدنا في إجراء العلاجات الطارئة كجرح وغيره، فنضمد الجرح حتى لا يحصل نزيف ونحاول إرساله لاحقاً إلى المستشفى إن استطعنا ذلك، كما كان يحضر إلى المركز طبيب في الأسبوع ليعالج الأطفال والنساء والرجال، وبخاصة عوارض الإسهال والحرارة المرتفعة.
ولكن اليوم ليس هناك من طبيب يحضر للقيام بعلاج الحالات، وليس هناك من أدوية لخدمة النازحين، ونحن نطالب المؤسسات والجهات المعنية بأن يعملوا على أن يحضر طبيب ولو مرة واحدة في الأسبوع، وتأمين المواد اللازمة للعلاج.
محمد والد طفلة تبلغ من العمر ثمانية شهور توفيت نتيجة الجفاف على باب المستشفى، بدأ حديثه من معاناته الحالية، وهي الشتوة الأولى التي هطلت على غفلة، فهدمت الأمطار خيمته ودخلت الجرذان والأفاعي عليهم مع طوفان مياه المجاري، لكن معاناته التي أبكته ابنته التي ماتت من دون أن يستطيع معالجتها.
وقال: «الصغيرة مرضت وعمرها ثمانية أشهر، عانت من التجلطات المتتالية وذلك نتيجة السخونة والحرارة المرتفعة والجفاف، وكل ذلك بسبب الخيمة التي نعيش فيها. عندما بدأت تشعر بالمرض أخذناها إلى عيادة الأونروا الموجودة في المخيم، وصاروا يراوغون معي، وكل يوم يتحججون لي بحجة، وصرت كل يوم أذهب للعيادة من أجل تأمين العلاج لطفلتي التي كانت تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، ومن ثم أخذتها إلى مستشفى الأقصى للعلاج، لكنهم أوقفوني خارج الغرفة لأراهم وهم يعطون ابنتي صدمات كهربائية، فحينها أدركت أن ابنتي قد ماتت، ماتت لأنني لا أملك المال لعلاجها، ولم أجد من يقوم بتأمين العلاج لها، وأنا أوجّه رسالة للرئيس محمود عباس رئيس دولتنا، وأقول له: «أنا فلسطيني، تعالَ وشوف شعبك الفلسطيني شو عم بيصير فيه»، شعبنا جميعه في حالة سيئة، فقد ماتت كل عائلتي في أحداث اليرموك، إخوتي وأمي، وفي المرض والفقر والنزوح ماتت ابنتي».
وأم أحمد ليست معاناتها أقلّ من غيرها، نزحت من مخيم اليرموك من سوريا ومعها ابنها الذي يعاني من إعاقة جسدية، ابنها البالغ من العمر تسعة وثلاثين عاماً، نقلته من مكان إلى آخر خوفاً عليه من الذلّ والهوان، جاء معها إلى لبنان ليعيش في هذه الخيام التي تفتقر لأدنى حد من حدود الإنسانية، مات على كرسيه المتحرك وهي تبحث على الأبواب عن علاج له وعن دواء، لكن «ما من أحد سمعنا أو مدّ لنا يد العون حتى مات ولدي ودفنّاه هنا، وحتّى أثناء تقبلنا العزاء به كانت الجرذان تسير بيننا للدلالة على مستوى الوضع الصحي والبيئة النظيفة التي نعيش فيها.
وأنا أوجه صرخة لكل المعنيين أن يرأفوا بنا وبأولادنا الذين يموتون من أجــــل تأمـين العلاج والدواء لهم».
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها