انتشر مؤخراً الكثير من التحليلات والتأويلات والمقالات والكتابات عن ما يسمى صفقة القرن وأنَّ المصالحة الفلسطينية سوف يتلوها تلك الصفقة والتي ممكن أن تكون كونفدرالية بين الضفة والأردن وبين غزة ومصر، دون الحديث عن القدس واللاجئين، مع بعض التسهيلات من خلال إعادة إنشاء ميناء ومطار غزة الدولي والذي تمَّ قصفه وتدميرهُ من خلال طيران الاحتلال قبل عدة سنوات، وتوسيع حدود غزة، ومما لا شك فيه أنَّ الاحتلال الإسرائيلي يسعى جاهداً تحت مظلة وحماية ورعاية ومباركة الإدارة الأمريكية والكونجرس والرئيس الأمريكي ترامب، لإدارة الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الصهيوني الفاشي، وليس حل فعلي للصراع، كما أنَّ الإدارة الأمريكية تتبنى وجهة نظر وسياسة الاحتلال كالأعمى بل هم أظلُ سبيلاً.

وإنَّ الاحتلال الإسرائيلي الظالم يسعى بكل قوة لتهويد كل ما تبقى من أرض فلسطين المحتلة، مع العمل على خلق القلاقل والفتن وافتعال وإشعال الحروب خارج أرض فلسطين المحتلة، وفي الداخل المُحتل، ويحاول أن يُبقي الشعب الفلسطيني في حالة بين البينين كالمعلق بين السماء والأرض، فلا سلم ولا حرب في فلسطين، حالة من القلق والترقب، مع استمرار الاحتلال في بناء المزيد من المغتصبات والتهويد بصورة ووتيرة متسارعة للضفة الغربية والقدس المحتلة، فهو يدير الصراع كيفما وحيثما شاء، ولا يريد حل فعلي للصراع، كما أنه يسعى للتطبيع مع كل الدول العربية من خلال ضغط الرئيس الأمريكي وإدارته على قادة وزعماء الدول العربية للموافقة على التطبيع مع الاحتلال، وقبل أي حل سياسي فيما يعمل كيان الاحتلال على تفصيل أي حل على هواه ومقاس عقلية نتنياهو وحكومتهِ اليمينية الاستيطانية الغاصبة الإجرامية، وهذا ما لا يقبله ولن يقبله شعب فلسطين وهو ما سترفضه القيادة الفلسطينية وفصائله كافةً، وعلى أي حال فالمصالحة الفلسطينية مصلحة وطنية فلسطينية عُليا يجب أن يدعمها الجميع لأنها تقوي الكل الفلسطيني، وكذلك هي تشكل رافعة للموقف الوطني الفلسطيني العام وتعمل على تمكين وتقوية الجبهة الداخلية للوطن والمواطن في وجه التحديات الجسام التي تحاك للقضية الفلسطينية، وفي ظل اللهاث والهرولة العربية لبعض من يتمنى ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، بدون حتى حلحلة أو حل للقضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الغاشم، وتلك أمانيهُم من المحاولات للتطبيع، بغير زوال الاحتلال لن يكتب لها النجاح لأنَّ فلسطين فيها ومنها ومعها مفتاح الحرب ومفتاح السلام العالمي، وبها المسجد الأقصى المبارك سرت الأرض قبلة العرب والمسلمين الأولى، ومهما أدلهم الليل وزادت الخطوب والمحن والرزايا والبلايا بالأمة جمعاء وضعفت ووهنت وخارت قواها إلا أنَّها أمة لن ولم تموت وستنهض من بين الركام والدمار لتعيد الْعمار، والإعمار، والسلام والازدهار، ولتبني مدينةً بيوتها المحبّة وطرقها التسامح، والعفو، فكل المؤامرات التي حكيت للأمة العربية والإسلامية على مدار الزمان باءت بالفشل، وأمريكا اليوم هي أوهن من بيت العنكبوت، تترنَّح بسقوطها الأخلاقي والإنساني لدعمها الغير محدود لعصابة وكيان الاحتلال الإسرائيلي الدخيل، والذي يعتبر نمرٌ من ورق، وجبلٌ من قش، وريشة في مهب الرياح العاتية التي ستقتلع يوماً قريباً وليس بعيداً هذا الكيان الصهيوني الغاصب، ليس حباً من العرب والمسلمين في الحروب والقتال، بل لأنَّ هذا الاحتلال وأمريكا التي تدعمه وتدفع من أموال المواطن الأمريكي الذي يدفع الضرائب الباهظة للحكومة الأمريكية لتذهب تلك الأموال دعماً لكيان غاصب احتلالي عنصري، فاليهود لا يريدون للإنسانية الخير بل الشر! وهم من يشعلون فتيل الحروب في العالم ويقتاتوا ويعيشوا على دماء الأبرياء من النساء والشيوخ والأطفال من شعب فلسطين القابع تحت سياط وظلم وقهر الاحتلال، وأمريكا اليوم بإدارتها المتصهينة يعبدون الأصنام الجديدة من دون الله عز وجل، فهم عَبَدة البلايين من الدولارات، وذلك من خلال السيطرة على خيرات ومقدرات العالم العربي من المال والنفط والغاز الخ، واختلاق الصراعات والأزمات وافتعالها وإدارتها وتسمينها وتكبيرها، بين العرب والمسلمين، ليتسنى لهم ولشركاتهم تصنيع وبيع المزيد من السلاح للعرب كي يقتلوا بعضهم بعضاً، وهم يتفرجون علينا ولكن دوام هذا الحال من المُحال، لأنَّ دولة الظلم والاحتلال إلى زوال قريب آتٍ لا محالة وأمريكا الظالمة التي تدعم الظالمين سينوبها ذلةٌ ومهانةُ وغضبٌ، وخسفٌ ومسخٌ وأعاصيرٌ وزلازل مُدمرة بما كانوا يفعلون من دعمهم للصهاينة المعتدين على الأبرياء الأمينين، فلا تقلقوا على فلسطين ولا تظنون الظنون بصفقة بل مؤامرة القرن والتي لن تُمر هي ولا غيرها إلا إن أحقت الحق للشعب الفلسطيني، وهذا مستحيل لأنَّ الحقوق تُنتزع انتزاعاً ولا توهب، وما اعتقده جازماً أن ما أُخِذّ بقوة السلاح لن يُنتزع إلا بقوة السلاح، وأن الصراع سيستمر بين الحق والباطل ما دامت الليل والنهار والسماوات والأرض، وكذلك فإن السلاح يحتاج للحكمة، لأن البُندقية الغير مُسيَّسة قاطعة طريق على صاحبها، والعمل السياسي والعسكري يكمل كُلٍ منهما الأخر فمن يدخل معركة السياسة مع الأعداء دون سلاح كمن ينوي الصلاة بغير وضوء، لذلك علينا أن نكون يداً واحدة ننبذ الخلاف من بيننا ونحكم المصلحة الوطنية العليا وأن نبتعد عن الغوغائية، ويد الله مع الجماعة، وأن نبتعد عن المنافقين الأفاكين القطط السمان من كلا الفريقين، من أولئك النفر القليل الذين عاشوا واعتاشوا من دم وقوت الشعب، تلك الفئة الضالة القليلة التي تتمنى دوام الانقسام حتى تبقي كروشهم ورقابهم وجيوبهم منتفخة من التخمة والسرقة، والشعب يعاني الويلات والنكبات والعلقم والمُّرْ، فعلينا أن لا نتكئ على عكاز العالم وأمريكا والاحتلال ونحلم بأنهم سيجلبون لنا الأمن أو السلام، كي لا نقع على وجوهنا، لأنهم لا يؤمنون بالسلام وكل ما يهمهم هو مصالحهم وإدارة الصراع لا حلهُ، لأن أمريكا قائمة على أنقاض شعبٍ آخر، فلا نتوقع منها أمن ولا سلام لأنها حبيبة وربيبة الاحتلال.