قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله: "انطلق عملنا الحكومي لتعزيز صمود شعبنا وبناء مؤسساته وتطويرها، ليواكب ويكمل الجهود الدبلوماسية الحثيثة لإعمال حقنا في الحرية والخلاص التام من الاحتلال والتهيئة لتجسيد سيادة دولتنا، وجاء الاهتمام بتطوير وإصلاح قطاع الصحة في صلب هذا الجهد، فهو مؤشر هام على قدرتنا على إدارة الدولة ورعاية شؤون المواطنين".

وأضاف رئيس الوزراء: "ولهذا ننظر اليوم إلى تأسيس وتفعيل معهد الصحة العامة بكثير من الاهتمام، فهو حجر الأساس لتوحيد البيانات الصحية في جميع المستشفيات ومراكز الصحة الأولية في محافظات الوطن كافة، لتطوير سياساتنا وخدماتنا الطبية، وتنمية وتحسين الصحة المجتمعية، وتكريس مجتمع سليم معافى".

جاء ذلك خلال كلمته في حفل اعتماد قانون المعهد الوطني الفلسطيني للصحة العامة، اليوم الأربعاء برام الله، بحضور رئيس ممثلية النرويج لدى فلسطين هيلدا هارلدستاد، وممثل منظمة الصحة العالمية في فلسطين جيرالد روكنشاوب، وزير الصحة جواد عوّاد، ومديرة المعهد الوطنيّ الفلسطينيّ للصحة العامة رند سلمان، وعدد من الشخصيات الاعتبارية.

وتابع: "بكثير من الفخر والاعتزاز، أتواجد بينكم اليوم في حفل اعتماد قانون المعهد الوطنيّ الفلسطينيّ للصحة العامة من قبل الرئيس محمود عباس، الذي يعطي هذا المعهد دفعة ومحفزا قويا لمواصلة العمل ومسيرة التأسيس ليتحول في النهاية، إلى كيان مؤسسي مستقل بعناصر تقنية وقانونية وإدارية مكتملة. نيابة عن الرئيس وباسمي، أهنئكم جميعا بهذا الإنجاز الذي به تساهمون في رفد واحد من أهم قطاعات الدولة، وتمكنون مؤسساتنا من المزيد من العمل بكفاءة ومهنية، وترتقون بحياة أبناء شعبنا".

وأردف رئيس الوزراء: "يأتي احتفالنا هذا، في خضم المعاناة الإنسانية التي يحياها شعب فلسطين، وهو يواجه احتلالا عسكريا ظالما، يضيق عليه الخناق، ويستهدف حياته بالقتل والاعتقال وأعمال التنكيل، ويصادر أرضه وموارده، ويحكم حصاره على قطاع غزة المكلوم، ويفرض مخططات التهجير على أهلنا في القدس والأغوار وفي الخليل وسائر المناطق المسماة (ج)، التي يمنع فيها جهود التنمية والمأسسة والبناء".

واستطرد: "لقد تبلورت فكرة إنشاء هذا المعهد، بناء على احتياجات واقعية لأبناء شعبنا تلمسها العاملون في القطاع الصحيّ الفلسطينيّ كحاجة أساسية للنهوض بواقع قطاع الصحة وتلبية المزيد من احتياجات شعبنا، لتتوج باتفاق رسمي بين فلسطين ومنظمة الصحة العالمية والحكومة النرويجية التي تمول هذا المشروع الحيوي والهام، ليواصل نموه وعمله، ويصبح هذا المعهد، إنجازا وطنيا بل وعربيا واقليميا أيضا، حيث يعد النموذج العربيّ الأول في هذا المجال، الذي تسعى منظمة الصحة العالمية إلى تعميمه ونشره".

وأوضح "ولأننا ندرك تماما أن البيانات الصحية العلمية والموثقة هي الشريان الرئيسي لخدمات صحية متطورة تلبي احتياجات المواطنين وتصون صحتهم وسلامتهم، فقد حرص مجلس الوزراء على أن يتمتع المعهد بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وعملنا على مده بالزخم القانوني اللازم، كخطوة على طريق تحفيز عمله وتنظيمه والاستثمار طويل الأمد بالجهود والموارد المتاحة، ليتولى بناء المعلومات الوطنية الصحية التي يستفيد منها مزودو الخدمات الصحية ووزارة الصحة بمؤسساتها ومراكزها ومستشفياتها، من خلال تطوير وإنشاء السجلات الصحية الوطنية وأنظمة الرصد والتحليل وعمل الدراسات والأبحاث العلمية".

وقال الحمد الله: "لقد استطاع المعهد، وبزمن قياسي تحقيق العديد من الإنجازات النوعية الهامة، وفي مقدمتها مرصد القوى البشرية العاملة في القطاع الصحي والمسجلين في النقابات الصحية، كما تم عمل مسح شامل لكافة المرافق الصحية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبدأ، بالتعاون مع وزارة الصحة، بتطوير سجلات الوفيات والسرطان والصحة الإنجابية، ودعم وتشجيع البحث العلميّ، بالعمل الوثيق مع الجامعات ومراكز الأبحاث، للاستفادة من دراسة وتحليل وتفسير البيانات الصحية في الاستطلاعات والتقارير والدراسات، وتكريس قاعدة بيانات دقيقة ومعتمدة ومدروسة".

وأضاف، "إن إنجاح هذا المشروع الوطني، هو مسؤولية نتشاركها جميعا، مؤسسات وأفرادا، لتمكينه من تحقيق هدفه في نقل المعرفة من إطارها النظريّ إلى الواقع العمليّ، والمساهمة في بلورة ووضع سياسات وتدخلات صحية سليمة تستجيب للواقع وتلبي حاجات المجتمع والتنمية".

واختتم الحمد الله كلمته: "اسمحوا لي أن أشكر كل الجهود التي اجتمعت لتكريس هذا المعهد مرجعا وأداة هامة للتخطيط والتنمية المستدامة، وأتوجه بكل الشكر والتقدير من منظمة الصحة العالمية التي حرصت على أن تكون فلسطين نموذجا رائدا في مجال الصحة العامة، وأثمن جهود وزارة الصحة وطواقمها، وأحيي الحكومة النرويجية على دعمها للشعب الفلسطيني ومؤسسات دولته، ونشكركم اليوم على تمويل هذا المشروع، الذي به تستنهضون قطاع الصحة وتعززون صمود شعبنا وتساهمون في صون صحتهم وسلامتهم".