اثارت بعض وسائل الاعلام ضجة مفتعلة قبل ثلاثة ايام حول توجه القيادة الشرعية لمجلس الامن بمشروع القرار الفلسطيني، الداعي لادانة الاستيطان الاستعماري، وتأكيدعدم شرعيته، والعمل على إيقافه كليا كمقدمة لازالته من اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران عام 1967. وشككوا في توجه القيادة الحاسم، وقولوا الدكتور مجدي الخالدي، مستشار الرئيس للشؤون الديبلوماسية ما لم يقله. ففي حديثه مع إذاعة موطني، قال الخالدي "نصح البعض الرئيس ابو مازن بعد التوجه لمجلس الامن، ولكن الرئيس عباس ومعه القيادة لم تأخذ بالنصيحة". أخذ الجانب الاول من التصريح، وأسقط الجانب الاخير، مما إضطر وزارة الخارجية لإصدار بيان رسمي، أكدت فيه بمواصلة الجهود الفلسطينية للتوجه لمجلس الامن لانتزاع قرار اممي جديد يؤكد على ما أُشير اليه انفا.

وللاسف بعض القيادات الوطنية، التي لم يكن لديها صورة واضحة عن التصريح وما اثارته وسائل الاعلام المختلفة عن "تراجع" القيادة بالتوجه للمنبر الاممي الاول، مما حال دون خروجها على الفضائيات للاجابة عن الاسئلة المثارة حول الموضوع. وهو ما كان يتطلب من القيادة إصدار بيان رسمي لتعميميه فورا في كافة المنابر، وإرساله للقيادات المعنية في الحكومة والقوى السياسية وللناطقين باسم فتح او من هم في مقامهم، لحماية الموقف الوطني، ولقطع الطريق على القوى المتربصة بالمشروع الوطني والقيادة عموما والرئيس عباس خصوصا.

مما لا شك فيه، حصل تباين في الاجتهادات بشأن مشروع القرار بين القيادة الفلسطينية وبعض الاشقاء العرب وخاصة اعضاء لجنة المتابعة حول توقيت توزيع مشروع القرار على مندوبي الدول الاعضاء في مجلس الامن، وايضا بشأن صيغة المشروع. ولكن لم يكن هناك إختلاف على مبدأ التوجه، لان هناك اكثر من قرار عربي رسمي، أكد على طرح مجموعة قرارات على المجلس لحماية الحقوق والمصالح الفلسطينية. لاسيما وان الامم المتحدة بمنابرها المختلفة تعتبر واحدة من الساحات الهامة لمواجهة التحديات الاسرائيلية المتناقضة مع خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. وخيار التسوية السياسية من حيث المبدأ. إلآ ان التباين تم معالجته وبات التوجه للمجلس قيد التنفيذ بالتنسيق مع الاشقاء العرب.

غير ان القيادة الفرنسية أثناء زيارة الرئيس عباس لها الاسبوع الماضي، نصحته بتأجيل التوجه للمجلس، لحرصها (فرنسا) على تكثيف الجهود الدولية لعقد المؤتمر الدولي. لكن القيادة وخاصة شخص الرئيس ابو مازن، لم يرَ اي تناقض بين الجهود الفرنسية والدولية لعقد المؤتمر الدولي والتوجه لمجلس الامن لانتزاع قرار حول عدم شرعية الاستعمار الاستيطاني في فلسطين، لان القرار الدولي يساعد المؤتمر الدولي والعكس صحيح  في تحقيق الغاية المرادة، وهو دفع عملية السلام للامام، ومحاصرة حكومة نتنياهو في الزاوية، خاصة وان القوى الدولية المختلفة بما فيها الولايات المتحدة، لم تعد تستسيغ او تقبل السياسات الاسرائيلية العدوانية والمتناقضة مع خيار السلام، وهذا ما اعلنه جو بايدن، نائب الرئيس الاميركي قبل ايام.  

                                                                   *******

توضيح:

كنت اثرت اول امس موضوع عملية الباص الاخيرة في القدس، وأكدت على عدم وجود اية اصابع للفصائل الفلسطينية في تنفيذها. غير ان الحقيقة أظهرت العكس، حيث تبين ان احد منتسبي حماس، هو من نفذها. مع ان قرار قيادة حماس وغيرها من الفصائل، كان مع خيارعدم التصعيد لاعتبارات تنظيمية وسياسية وعسكرية. لكن بماذا يمكن تفسير ما حصل؟ وفق المعلومات الراشحة من مصادر شبه عليمة، ان الشاب قام بتنفيذ العملية دون العودة لقيادته وبشكل فردي. الامر الذي احرج قيادة حماس امام الشارع الفلسطيني نتاج التردد، الذي شاب موقفها في البداية، ولكن بعدما تبينت هوية المنفذ في جامعة القدس ابو ديس، ونشرت صوره، إضطرت حماس لتبني العملية. واما التصريح الذي اطلقه احد قادة حماس "بان العملية ليست سوى قطرة من غيث"، فلم يكن إلآ من باب المزاودة السياسية، التي لا تعكس حقيقة موقف حركة الانقلاب. يبقى ان اؤكد، ان جوهر ما ورد في مقالة يوم الخميس "اسباب تغير الرواية الاسرائيلية" صحيحا جدا. لان إسرائيل تعمل بشكل دائم على الصاق التهم جزافا بالقيادة والشعب الفلسطيني، وللاسف هناك قوى فلسطينية تسبح في المياة الاسرائيلية العكرة. الامر الذي يفرض عليها التدقيق في مواقفها وسياساتها غير الصحيحة.