لا نحتاج لتوضيحات ولا لتفسيرات ولا لمواقف من رئيس سياسة حماس، فما يقوله القائد الحقيقي لها في قطاع غزة الدكتور محمود الزهار، هو جوهر سياسة حماس.
ما قاله الزهار للصحيفة البلجيكية كان اشارة خضراء إلى انطلاق التطبيع مع دولة الاحتلال، لكنها باغتت الجمهور بسرعة غير معهودة في العمل السياسي، وان لم تك غريبة على جماعات الاسلامويين (مستخدمي الدين) فهؤلاء يحرقون المراحل ولا يعترفون بنظرية التطور الطبيعي اصلا، فهم يقدمون انفسهم كوكلاء عن الخالق بامكانيات الاعجاز حتى ولو كان بالكفر.
تصريحات الزهار للصحيفة البلجيكية هي انعكاس طبيعي لمستوى حالة التطبيع التي وصلتها قوى اقليمية في المنطقة، احداها (تركيا) ووصول تطبيعها مع اسرائيل الى الدرجة الاعلى ما قبل (السدة)، وايران التي عززت اقفالها على صندوق الدعم كان مفتوحا امام حماس، حتى تاريخ غدر حماس بمصالحها ووقوفها الى جانب الاخوان المسلمين المسلحين في سوريا ضد القيادة السورية حليف ايران الوثيق، وكاستحقاق للاتفاق النووي مع القوى الكبرى والولايات المتحدة الأميركية بالذات، أما قطر التي كان اميرها من الرجال الذين تناديهم القدس!! حسب يافطات حماس الضخمة في ميدان الجندي المجهول في مركز مدينة غزة، فصارت مساعداتها لسلطة حماس الانقلابية في قطاع غزة كالتنقيط بالقطارة في العين المصابة بالرمد.
تصريحات الزهار انعكاس طبيعي لسياسة من لا سياسة له، ولسياسة الانزلاق في التطبيع مع دولة الاحتلال (اسرائيل ) مقابل وهم الاعتراف بها كقوة تملك تقرير مصير الفلسطينيين والقضية، وتعبير حقيقي عما يجول في خاطر من سعى – ولم يفلح - لتسليم رأس القرار الوطني الفلسطيني على طبق من ذهب، لقوى فشلت تحالفاتها وآلاتها الحربية، ومؤامراتها في سلب الفلسطينيين قرارهم الوطني المستقل، ووحدانية تمثيلهم، ولدفع الفلسطينيين الى اعماق هوة حفروها بمساعدة اسرائيل لاسقاط الفلسطينيين، واحراق قيادتهم الوطنية بالاشاعات والتقارير الاعلامية المفبركة !!.
تصريحات الزهار التي قال فيها: "نحن لا نمانع من أن تُشرف اسرائيل على الميناء ولكن دون تدخل سلطة محمود عباس".. رسالة لمن تراه حماس حليفها الموثوق، منذ أن ابتكرها (كجمعية) في قطاع غزة وقوى ساعدها لضرب قوى حركة التحرر الوطنية الفلسطينية التقدمية، ولوأد المشروع الوطني الفلسطيني، ولالغاء شرعية منظمة التحرير كممثل وحيد للشعب الفلسطيني، وهل من حليف اصدق واقوى واحسن من اسرائيل، للاستقواء بها على حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، بالتأكيد لا، لأن صمود حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، رغم الحروب والمؤامرات وانقلاب حماس وتقسيمها الوطن، مقارنة بما حدث لحراك الشارع العربي وانهيار مشروع الاخوان المسلمين، يعني ان جذوة الأمل، ما زالت مشتعلة، تبشر بالأمل، بالحرية والاستقلال وبناء المجتمعات الديمقراطية لفلسطين والشعوب العربية، وهذا ما يشكل خطرا وجوديا على المشروعين (الصهيوني)، و(الاخواني)، لذلك خرج الزهار بكل جرأة ليعترف باستعداد حماس على التحالف مع دولة الاحتلال (اسرائيل) ضد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وضد منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس الشعب الفلسطيني التي عجزت كل من اسرائيل وحماس بما ملكتاه من ارهاب وأدوات تأثير عن مواجهة حكمته وحنكته السياسية، وفشلتا في دفعه الى اليأس او للتراجع عن معركته في ميادين القانون الدولي والنضال السياسي، واسقاط المقاومة الشعبية السلمية، أو للانسحاب من خطة مقاطعة دولة الاحتلال ومستوطناتها اقتصاديا، وتعرية سياساتها العنصرية الاحتلالية.
ليس مستغربا ما قاله الزهار، انما رهان البعض على دخان ابيض سيطير من بيت جماعة حماس.. وكأنهم لا يعلمون انه عندما يطبع (الكبار) فان (التابعون) لا يملكون من امرهم إلا الانزلاق بزلاجة التطبيع.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها