بقلم: خالد أبوعدنان

الرسامة الاسترالية الأخت الفتحاوية جانيت فان براون خطيبة الشهيد وائل زعيتر وآخر من شاهده قبل استشهاده. تناقش الأخت جانيت مفهوم عروس الشهيد من منطلق ثوري وتعلق على حفلات الزفاف بين الشهداء والشهيدات  في مظاهرة الأرواح المطالبة بعدالة ربانية ضد كل الظلم الواقع علينا.

تبدأ الأخت جانيت كلامها معي ما هو إسمك؟ فابتسم وأقول لها وائل زعيتر! فتضحك عيناها وتقول آه منك أيها الفتحاوي الأحمر أنا متأكدة لم يبق في فتح اشتراكيين سواك، ليتك تتعلم من كلامي معك كيف سحبنا وائل زعيتر من الاشتراكية إلي اليسار الوسط؟ علمنا أن قضية فلسطين مسؤولية كل إنسان على وجهة الأرض، وأن الفلسطيني يناضل مع كل أحرار العالم ضد الظلم، أنا الآن عمري 91 عاماً لكنني مازلت أمتلك طاقة ثورية، فتح يا رفيقي الاشتراكي هي قانون المحبة لهذا آمنا بها وناضلنا في أطرها لأنها ثورة عشاق العدل والحالمين بأرض الأحرار، عليك أن تقرأ كتابي مرة أخرى كتابي عن الشهيد وائل زعيتر، أنت تعرف أن الشهيد ياسر عرفات كتب تمهيد رائع للكتاب، كانت كلمات عرفات كلها عن قانون المحبة.

أريد جواباً منكي على سؤال يحيرني: متى ستتزوجين وائل زعيتر؟ تنظر لي بنظرة عميقة لتتأكد أنني جاد بسؤالي، ثم تطلب مني أن تجلس لأن جوابها ليكون قصيرا، ثم تتنهد طويلا وتقول: لا أعرف من أين أبدأ معك، في عمري هذا يصبح من السخافة الحديث السطحي ومعك أنت لا يوجد إجابة مختصرة أو الامتناع منك للهروب إليك. وائل حبي الأول والأخير وقصة حبي له عميقة جداً فهي تتسامى فوق الأجساد هناك في إلتقاء نجمتين تعلنان ثورة جديدة، كنا لا نتكلم عن الحب بل نعيشه في موسيقى لا يفهمها أحد غيرنا أنا أرسم وهو يقرأ لي الشعر العربي الذي لا أفهم حروفه لكنه يغذي نبض الثورة في عروقي، كان يحب أن يتعلم اللغات لكنه أصر على الكتابة بالعربية، معه لا يوجد وداعا وسأراكي قريبا، بل مع السلامة وسأعود قريباً، لأننا لم نعرف السلام كنا نتمناه لبعضنا ولأننا نناضل معاً سنعود ونلتقي. قلتها لعرفات وأعود لأقولها مجدداً أنا مناضلة وسأستمر بالنضال لأن فلسطين تستحق ولن أرضى أن أكون مجرد ذكرى تحت مسمى عروس الشهيد، رغم أن وائل كان قد جهّز كل الأوراق لعقد القران وكنّا في مرحلة تجهيز حفل الزفاف إلا أنني أذكره قائدا أكثر من ذكره حبيباً، أذكر كلماته عن فلسطين ولا أذكر غزله لي؟

هل تعرفين أن هناك صرعة جديدة في فلسطين: والد شهيد يخطب لولده شهيدة، كيف تعلقين على هذا؟ وهل ستكونين عروس وائل بالجنة؟ أنت أجبت على سؤالك أنها صرعة ثورية هدفها دنيوي ضمن الحرب النفسية على الصهاينة وأيضا رفع معنويات المقاومين، أما هل حقاً سيتزوجون بالجنة؟ وهل هناك زواج بالجنة على هذه الطريقة؟ لا أتوقع، أتمنى أن أكون جيدة لدرجة دخولي الجنة ويكفيني ابتسامة من وائل زعيتر وهو يقول ها قد عدنا من الجديد وهناك عمل جديد، ممكن أن ننظم مظاهرة بالجنة لتكون أول مظاهرة فرحة لنا ولكل الذين ظُلموا. كم عميقا هذا الحلم لكنه لا يعني أن نتوقف عن النضال لأننا قدمنا شهداء، في شبابي كان سقوط الشهيد يعني أن العديد من أقاربه سينضمون إلي صفوف الثورة، كانت زوجات الشهداء في مقدمة الصفوف ولا ننظر لمفهوم التكريم بل أن أننا نناضل عن أنفسنا وعن شهداؤنا في طاقة تتجدد حتى النصر.

والآن يا رفيقي الفتحاوي، أين مجلة فتح؟ أين المهام المطلوبة مني؟ لقد توقف كل شيء منذ عام 1995، قتلوا التنظيم الدولي لحركة فتح، أصبحنا نعمل بشكل فردي، بل أحياناً لا نعمل! بعد كل هذا يسألون لماذا سقط مشعل فتح في أوروبا؟ يا رفيقي كانت أعداد الأجانب بحركة فتح أكبر من أحصيهم. أراهم الآن يعملون خارج مفاهيمنا الثورية أصبحوا بالمنظمات الغير حكومية؟ هل تعرف أن هذه المنظمات مخترقة من الصهاينة والمخابرات الدولية؟ هل تعرف أنهم يبثون السموم في العقول رغم أنهم يقولون أنهم يخدمون القضية، وحتى لا أكون ظالمة أقول أن الغالبية الساحقة كما وصفت.

شهداؤنا سقطوا وهم يناضلوا لا يريدوا منّا عرائس بل يريدونا أن نستمر بالنضال ونحقق أهداف الثورة بنصر العدل وقهر الظلم، إن كنت تسألني حقاً ما أفعل أقول أستمر بالنضال ولا أفكر مطلقاً ماذا سيحدث بعد موتي لأنني بنت الثورة الفلسطينية التي علمتنا أن طريقنا صعبة وطويلة وسيسقط فيها شهداء لكننا نُصِّر على الاستمرار. الشهداء لا يرهبون الصهاينة بل من يستمرون بالنضال هم من يقلقلون الصهاينة، الصهاينة يعلمون أن سقوط الشهداء يجعلنا نصعّد بأعمالنا النضالية، وأنتظر الطبعة الجديدة من كتابي لقد أضفت لها فصلا جديداً، وكذلك معرض رسوماتي القادم سيكون عن البيوت المهجورة التي تنتظر عودة اللاجئين الفلسطينيين لها.

بقلم: خالد أبوعدنان

ولدت لاجئا وأحيا مهاجرا