في البدء، كالعادة في كل المجتمعات الشرقية "المحافظة"، كان صعبا على الفلسطينية تحرير حماد من بلدة سلواد أن تكون جسورة في التقدم بطلب لإشغال وظيفة "مأذونة شرعية" في بلاد تعودت "أباً عن جد" أن عقود الزواج تدون من قبل مأذون رجل؛ يكون غالبا متجهم الوجه، كما لو أن "التجهّم" أحد متطلبات الوظيفة ...
تحرير حماد التي تزاول عملها بمحكمة رام الله الشرعية، باعتبارها "المأذونة الشرعية الأولى" في فلسطين، خرج من بين يديها ( حتى إعداد هذا التقرير للنشر ) 14 عقد زواج، بينها عقد زواج العروسين اللذين حضرا من ألمانيا للزواج في قرية عبوين شمال رام الله، أشرف عاقلة و رانيا يوسف، حيث أكدت الاخيرة تولي "تحرير" مهمة تدوين عقد زواجها أشعرها بالسعادة و بدد الكثير من خجلها.
قالت "المأذونة" تحرير حماد أن توليها هذه الوظيفة بدء كـ"فكرة متهيبة"، لا سيما وأنها مهنة عرفت منذ القدم باعتبارها قصرا على الرجال؛ إلا أن الفكرة التي خطرت لها قبل 5 سنوات ( أثناء عملها كموظفة في المحكمة الشرعية ) كسرت أخيرا احتكار الرجال لهذه الوظيفة؛ بعد أن تقدمت بطلب لإشغالها قبل شهور إلى قاضي قضاة فلسطين الدكتور محمود الهباش؛ حيث رد الاخير بقبول الطلب لعدم وجود موانع قانونية أو شرعية لتوليها من قبل إمرأة.
والدة العروس رانية يوسف التي بدت على وجهها وهي تشهد تدوين عقد زواج ابنتها البكر بيد امرأة كانت توجه الاسئلة للخطيبين بسلاسة وبـ"وجه بشوش"، قالت أنها سعيدة لعقد زواج بنتها البكر على يد امرأة؛ معتبرة أن "هذا المشهد يمنح المرأة الفلسطينية القوة والشجاعة للعمل في اي مهنة ويعكس مدى تطورها"، لافتة إلى أنها ستتحدث لأصدقاء العائلة في المانيا بفخر عن مهنة تحرير حماد الجديد، فيما أشار العريس "عاقلة" الذي لم يتخيل يوما أن من "سيعقد" قرانه امرأة – اشار إلى أنه شعر بالارتياح حين بدأت في توجيه أسئلتها إليه مصحوبة بـ"طيف ابتسامة" .
في الإطار، أكدت المأذونة الشرعية تحرير حماد أنها تكتسب يوما فيوما ثقة أكبر بمهنتها الجديدة التي تولتها منذ اسالبيع، بما في ذلك من البهجة التي تكتسي وجوه عائلات "الازواج" الذين تعقد قرانهم، موضحة أن تدوين عقد الزواج يتطلب مهارة في توجيه الاسئلة، وتقريب وجهات النظر حول قيمة المهر حين يختلف الطرفان، اضافة الى ان المسألة تصبح اكثر تعقيدا حين تحضر شابة مكرهة على زاوجها؛ "حيث أن وجودي قد يجسّر الفتيات المكرهات للتعبير عن رفضهن للزواج"، مضيفة "نحن النساء نفهم مشاعر بعضنا البعض، كما أن هناك مساحة أوسع لكي تعبر العروس المكرهة عن رفضها للإقتران رجل لا ترغبه". إلى ذلك، أشارت المأذونة "حماد" التي حظيت باهتمام الصحافة المحلية و العالمية إلى أنها تتلقى الدعم من عائلتها و أهل بلدتها، كما أن شبان وشابات اعربوا لها عن اعتزامهم دعوتها لتدوين عقود زواجهم؛ مقابل حالتين فقط رفضتا ان تعقد زواجهما؛ انطلاقا من "ذكورية طافحة" تعتقد أن تدوين عقود لزواج وظيفة للرجال، فقد لا غير !
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها