في الوقت الذي تستعد فيه عائلة الشهيد موسى ضراغمة من مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، للاحتفال بزفاف نجله نور الدين المقرر يوم غد الخميس، فاجأهم الاحتلال بتسليم ملابس الشهيد المحتجزة منذ استشهاده قبل (13 عاما) لتنكأ الجرح في محاولة لتنغيص أجواء الفرحة والبهجة.
بنطال وحذاء رياضي، وملابس داخلية، مضرجة بالدماء تعود للشهيد، كانت الهدية التي استلمتها عائلة ضراغمة احتفالا بزفاف نور الدين.
الشهيد ضراغمة استشهد في تاريخ 22-5-2002 على المدخل الشمالي لبيت لحم عندما كان متوجها إلى مكان عمله في مدينة القدس، سلم جثمانه ووري الثرى، إلا أن القصة يبدوا أنها لم تنته.
محمد الابن الثاني للشهيد، يقول "اتصلت قوات الاحتلال من مقر الإدارة المدنية في مجمع مستوطنة "غوش عتصيون" على هاتف المنزل، أمس الثلاثاء، ثم الخلوي الخاص بي أبلغوني بضرورة التوجه إلى معبر 300 على المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، لاستلام أمانه دون معرفة تفاصيلها".
ويضيف "رفضنا تلبية الطلب إلا أنهم هددونا باقتحام المخيم واحضار الأمانة بأنفسهم، هنا تراجعنا عن قرارنا ووافقنا على الذهاب إلى المعبر واستلام الأمانة دون علمنا بفحواها، وذلك خوفا من تعكير وتنغيص أجواء الفرح بعرس شقيقي نور الدين، وتم طلبي أنا شخصيا للاستلام".
واشار إلى أنه توجه في نفس اليوم برفقة والدته إلى المعبر وهناك دخل وحده إلى أحد الغرف وكانت الساعة تشير الثانية ظهرا، وتسلمت كيسا طلب مني بعدم فتحه إلا بعد مغادرة المكتب، لافتا إلى أنه عاد إلى مكان تواجد والدته وهناك كانت المفاجأة التي أعادت الذاكرة بنا إلى (13 عاما) تاريخ استشهاد والدي.
يقول ضراغمة: "وقفت إلى جانب والدتي لفترة أمام الكيس ثم قمت بفتحة لنجد بداخله الملابس الخاصة بوالدي لحظة استشهاده، وهي عبارة عن بنطال وحذاء وملابس داخلية كلها مضرجة بالدماء الذي ما زال باللون الأحمر والأخضر برائحة زكية، تعرفت الوالدة على الملابس وأكدت أنها تعود لوالدي".
لم يخف محمد حقيقة الموقف الذي امتزجت فيه مشاعر الحزن والفرح معا، لكن الفرحة كانت الأشمل لأن رائحة الوالد عادت وحضرت بيننا، والفرحة ستكون فرحتين والعرس سيتحول إلى مهرجان، رغم محاولة الاحتلال تنغيص الأجواء، إلا أن الفرحة ستكون عارمة.
وقال "عدنا إلى المنزل حيث كان الجميع في انتظارنا لمعرفة الأمانة، قمنا بفتح الكيس مجددا وهذه المرة أمام والدة الشهيد 'جدتي" التي انهارت وأخذت بالبكاء ثم بإطلاق الزغاريد لحظة إمساكها بملابسه وحضنها لتذرف الدموع أمام جموع الحاضرين.
وأضاف أنه رغم كل محاولات الاحتلال لتنغيص الأجواء إلا أن الفرح لن تشوبه أي شائبة وسيكون بمثابة مهرجان لوالدي، وسنفرح وتعم البهجة كرسالة للمحتل لن تنل من مشاعرنا سنفرح.
من جهتها، تقول زوجة الشهيد "الأمر كان صدمة كبيرة خاصة في هذا التوقيت، ونحن نستعد لزفاف ابني في الوقت الذي لم نطلب فيه بتاتا استلام ملابس زوجي الشهيد، لكن الحمد لله على كل شيء وعادت الأمانة إلى أصحابها".
وأضافت أن صدر البيت سيكون مكانا مخصصا لملابس زوجي، سنحافظ عليها وستكون وسام شرف نفتخر فيه'.
بدوره، اعتبر الناطق الإعلامي باسم هيئة الأسرى والمحررين حسن عبد ربه، هذه الخطوة بمثابة محاولة لتنغيص فرحة أهل الشهيد، لكن معنوياتهم أكبر بكثير من تحقيق هذه الرغبة من خلال مواصلة إجراءات الفرح.
وأشار عبد ربه إلى أنها محاولة لنبش الألم وذكريات الشهيد، لكنهم يتعاملون في هذا الموضوع بوصية الشهيد بأن يكون هناك مساحة من الفرح والحياة والتطلع لمستقبل أفضل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها