في سياق مشروعها التي دابت على تنفيذه منذ سنوات عدة بهدف احكام سيطرتها الامنية الكاملة على مخيم عين الحلوة، مستخدمة كل الامكانات والوسائل المتوفرة لديها , ومنها اساليب التصفية الجسدية وجهت القوى الاسلامية المتشددة في عين الحلوة المحسوبة على جند الشام و فتح الاسلام و القاعدة و جبهة النصرة و داعش المنضوية تحت اسم ( الشباب المسلم )، ضربة قاضية باغتيال احد ابرز خصومها في المخيم قائد كتيبة شهداء شاتيلا في حركة فتح العقيد طلال البلاونة 51 عاما المعروف باسم طلال الاردني، اضافة الى اغتيال احد مرافقيه ابن شقيقه طلال بسام البلاونة 30 عاما.
ولم يشكل اغتيال الاردني في وضح النهار اي مفاجئة لغالبية القوى والقيادات الفلسطينية على اختلافها، على اعتبار ان الاردني ظل محسوبا على قائد الكفاح المسلح الفلسطيني السابق محمود عبد الحميد عيسى (اللينو) على رغم فصله من حركة فتح وتجريده من كل صلاحياته ومسؤولياته من دون ان يتخلى اللينو عن انتمائه لـ حركة فتح واعلانه تشكيل تيار اصلاحي فيها ، وكما كان اللينو ظل الاردني يشكل راس حربة في مواجهة العناصر الاسلامية المتشددة سبق له ان نجا مرات من الموت ومحاولات الاغتيال لا سيما وان كتيبته المسلحة تتوزع مراكزها ومواقعها على تماس مع الاحياء التي تتواجد فيها العناصر الاسلامية وكان بينهما صولات وجولات من الاشتباكات المسلحة وعمليات القتل المتبادلة ويعتبر اغتيال الاردني رسالة مباشرة الى اللينو الذي يسعى لتجميع القوى المناهضة للمتشددين.
كما لم يكن مفاجئا اغتيال الاردني بعد ان سبق للمسؤول المتشدد الاكثر صرامة وشراسة بلال بدر ان توعد علنا واقسم اليمين بقتل الاردني بيديه، ويبدو من خلال الاطلاع على اشرطة الكاميرات المثبتة في مكان عملية الاغتيال ان بدر هو فعلا من نفذ عملية القتل مع عنصرين كانا برفقته على دراجتين ناريتين.
اما المفاجأة التي ابدتها بعض القيادات الفلسطينية فتمثلت بعدم قيام حركة فتح والقوة الامنية الفلسطينية المشتركة بتحمل مسؤولياتها وملاحقة القتلة فوراً، وكان لافتا لديها قرار حركة فتح ابلاع جميع عناصرها بعدم اطلاق اي رصاصة وانتظار نتائج التحقيق . وكان واضحا ان اطلاق النار ورصاص القنص الذي جرى بعد ساعات على جريمة الاغتيال حصل بعد منتصف الليل وبعد عودة اللينو الى المخيم وقطع زيارته الى مصر.
ورات مصادر فلسطينية انه في ظل ما تبديه قيادة حركة فتح من عجز او تقصير في حماية مسؤوليها وكوادرها فان اللينو وعناصره المسلحة والمتعاطفة معه في فتح لن يسكت على جريمة اغتيال الاردني الذي كان يشكل العصب الرئيسي لحركته الاصلاحية ويوفر له مظلة امنية واقية، وعلى هذا الاساس ابدت المصادر خشيتها من انفجار كبير داخل عين الحلوة لا يمكن التكهن بعواقبه ونتائجه المدمرة على سكان المخيم واهله وعلى الجوار ايضا.
تفاصيل عملية الاغتيال
وكما اظهرت التحقيقات الاولية فإن عملية الاغتيال حصلت قرابة الساعة الاولى والنصف بعد ظهر يوم السبت الفائت، بعد خروج الاردني من مركزه في الشارع الفوقاني عند المدخل الجنوبي لمخيم عين الحلوة الى منزله سيرا ومعه مرافقان واحد يسير امامه والاخر ابن شقيقه خلفه، تقدمت دراجتان ناريتان من خلفهما اثنان على دراجة وواحد على دراجة وكانوا جميعا يضعون على رؤسهم القبعات ويغطون عيونهم بنظارات شمسية ولدى وصولهما الى مسافة قريبة من الاردني ومرافقيه ترجل عنصران من الدراجتين ومن مسافة قريبة وبطريقة الغدر اطلق احدهما النار على المرافق الذي يسير خلف الاردني وارداه على الفور وفي الوقت نفسه اطلق الاخر النار ايضا من مسافة قريبة على الاردني وارداه ارضا واستمر باطلاق النار عليه وهو يقف فوقه فيما تمكن المرافق الاول ويدعى فيصل خميس من النجاة وتردد انه اصيب ايضا وتمكن من الاحتماء.
وسادت اجواء المخيم حالة من الذعر وسط استنفار للمسلحين واطلاق نار وقنابل يدوية اسفرت عن اصابة مدنيين وحالة نزوح من مكان الجريمة , وترددت معلومات عن مغادرة بلال بدر منزله في حي الطيري , خشية تعرضه للقصف او مهاجمته.
وعقدت القوى والفصائل الفلسطينية اجتماعات مفتوحة لتدارس الوضع ومنع تفجيره واكتفت حركة فتح باصدار بيان قالت فيه ان جريمة الاغتيال تمت على ايدي عناصر مشبوهة ومعروفة بإرتكابها الجرائم في إطار مسلسلٍ دموي يستهدف أمن المخيم.
وشددت على الاتي:
"أولاً: إننا في قيادة حركة "فتح" نعاهد شهيدنا طلال بأن دمه لن يذهب هدرًا، ولن يضيع حقه، ولن نتسامح مع الـجُناة.
ثانيًا: إننا نطالب بملاحقة واعتقال المجرمين مُنفِّذي عملية الاغتيال بحق الشهيد طلال وابن اخيه، ومرافقه الجريح، وتسليم المجرمين للقضاء اللبناني.
ثالثًا: نحن في حركة "فتح" حريصون كل الحرص على أمن المخيمات والجوار وندرك أن هناك أطرافًا تنفّذ مشاريعَ تدميرية لـ المخيمات_الفلسطينية.
رابعًا: نحن نأمل أن تقوم قيادات كافة الفصائل واللجان الشعبية بدورها المطلوب في تسهيل دور اللجنة الأمنية في متابعة واعتقال مُرتكِبي الجريمة لأن المماطلة والفشل ستكون لها تداعيات مُحبِطة لشعبنا في المخيمات".
واكد مسؤول القوة الامنية المشتركة في مخيمات لبنان منير المقدح ان منفذي الهجوم من داخل المخيم ومن الصعب لاي شخص من خارج المخيم ان يدخله او يخرج منه الا بعد المرور على نقاط التفتيش التابعة لقوات الامن الوطني الفلسطيني واشار المقدح الى ان احدا لم يعتقل حتى الان، ولدى ثبوت ضلوع اي شخص سيتم رفع الغطاء عنه واعتقاله فورا ليتم تسليمه ومحاكمته والساعات القليلة ستكشف النتائج.
وشدد ان الفصائل لن تسمح بعودة الخلافات الى داخل المخيم وان الهدف من عملية الاغتيال اعادة خلط الاوراق وارباك الوضع الفلسطيني , وحول اتهام جند الشام قال هناك مجموعات من جند الشام في المخيم لكن نتائج التحقيقا لم تصدر بعد.
وكشف ان قيادة فتح عينت احمد النصر مسؤولا مؤقتا لكتيبة شهداء شاتيلا التي كان يرأسها طلال الاردني.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها