يطرح عدد 108 (خريف 2016) من "مجلة الدراسات الفلسطينية" سؤال: فلسطين إلى أين؟ انطلاقاً مما يجري من تطورات إقليمية ودولية، في مقابل انحدار الاهتمام بالقضية الفلسطينية وغياب المشروع الوطني وضعف الحقل السياسي الفلسطينيين. وأيضاً مع تأصل التطرف العنصري الإسرائيلي وهيمنة اليمين الديني القومي على الفضاء السياسي والمؤسساتي.
سؤال فلسطين إلى أين، هو سؤال ملف العدد 108، الذي يحتل الجزء الأكبر من عدد صفحات المجلة؛ يفتتح الياس خوري الملف في باب مداخل من حيث أدخل الإسرائيليون قصيدة محمود درويش "بطاقة هوية"، إلى حلبة النقاش، في خطاب مبتذل قارن بين القصيدة وكتاب "كفاحي"!!، ويعنون خوري مقالته بـ "الشاعر والأوغاد"، ويرى أن "الحملة الإسرائيلية على قصيدة درويش أعادتنا إلى مربع النكبة الأول، فإذا باللغة التي اعتقدنا أن الزمن تجاوزها تُستعاد، فاليمين القومي الديني لا يقاتل على الأرض فقط، بل يقاتل في اللغة من أجل تجريدها من المعاني، عبر استدعاء المخزون اللاسامي، في محاولة صريحة لتحويل الفلسطينيين إلى يهود اليهود." واستكمالاً للمقالة نشرت قصيدتا درويش "بطاقة هوية" و"عندما يبتعد"، بهدف التذكير "بأن المعركة لا تزال في بداياتها ضد الأوغاد".
سؤال فلسطين إلى أين؟ أخذ حيز المجلة كلها، من الغلاف الذي خططه الفنان حسين ماجد إلى المقالات التي كتبها نخبة من المناضلين والمثقفين الفلسطينيين في مسعى لتقديم إجابات مختلفة ومتنوعة تشكل أرضية لنقاش حر، بهدف بلورة فضاء مفتوح، بعدما بدت القضية أمام أفق مسدود.
يبدأ الملف بالندوة التي عقدتها المجلة في مكاتب مؤسسة الدراسات الفلسطينية في رام الله، وعبر موقع سكايب من بيروت في 12 / 7 / 2016، وشارك فيها: أيمن عودة وجمال زحالقة وأحمد الطيبي ومحمد اشتيّة وبسام الصالحي. ثم قراءتين للواقع الإسرائيلي كتبهما رائف زريق وإيلان بابِهْ، ومداخلات لمحمد بركة وناصر القدوة وقدورة فارس وعلي الجرباوي وغسان الخطيب وهبة يزبك. ويقرأ فيصل درّاج وعلاء حليحل واقع الثقافة الفلسطينية في هذه المواجهة، كما يقرأ مصطفى اللباد وشفيق الغبرا فلسطين في السياسات العربية الراهنة. وفي ختام الملف تقرير عن المناضل بلال كايد في إضرابه عن الطعام احتجاجاً على الاعتقال الإداري،ثم حوار مع المناضلة خالدة جرّار بعدما أمضت 15 شهراً، معتقلة إدارياً، في سجون الاحتلال.
فضلاً عن ملف "فسطين إلى أين" يكتب ميشال نوفل في باب المقالات: "تركيا: إعادة هيكلة الدولة، واستدارة نحو موسكو وطهران"، في محاولة لقراءة السياسة التركية بعد فشل الانقلاب، وتأثير هذه السياسة في التحولات الإقليمية. وتعالج حنان جاد موضوعاً ثقافياً سياسياً بالغ الأهمية هو "رواية اليافعين والقضية الفلسطينية".
وسؤال "فلسطين إلى إين" يدخل أيضاً في محور "وقائع القدس" فتكتب دعاء حمّودة وليالي حمايل ولين ولشمان دراسة عن كفر عقب في مدينة القدس المحتلة، حيث يتدخل الاحتلال في الحياة اليومية للمقدسيات والمقدسيين، ويمارس سياسة التطهير العرقي بخبث وعنف سعيا لتفكيك المجتمع الفلسطيني؛ وفي "وقائع القدس" أيضاً، تقرير لعبد الرؤوف أرناؤوط عن "الاستثمار الفلسطيني في القدس"، ويختتم المحور بمقابلة كانت قد أُجريت مع المناضل الراحل إبراهيم دقاق الذي يروي فيها صفحات من نضال أهل القدس من أجل الدفاع عن هوية مدينتهم. ومع إبراهيم دقاق تضيء المجلة على سير ثلاثة راحلين كبار، هم المناضلَين تيسير قبعة وتيسير عاروري في مقالة لماهر الشريف، والمفكر والسفير اللبناني كلوفيس مقصود في مقالة لناصيف حتي، أمّا يهودا شنهاف شهرباني فيستعيد سلمان ناطور وأدبه، فيما تقدم رندة حيدر قراءة خاصة لرواية الإسرائيلية دوريت رابينيان: "الجدار الحي"، وهي الرواية التي مُنع تدريسها في إسرائيل لأنها تروي حكاية حب بين إسرائيلية وفلسطيني. كما يقرأ عفيف عثمان كتاب جنكيز تشاندار: "قطار الرافدين السريع: رحلة في التاريخ (تركيا الكورد الشرق الأوسط العرب). ويختتم العدد بالتقريرين الفصليين الفلسطيني والإسرائيلي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها