أكد إعلان شرم الشيخ الصادر عن القمة العربية في دورتها السادسة والعشرين، في شرم الشيخ، محورية القضية الفلسطينية كونها قضية كل عربي.
وشدد الاعلان على أن التأييد العربي التاريخي للقضية الفلسطينية سيظل قائما حتى يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة والثابتة في كل مقررات الشرعية الدولية ووفقا لمبادرة السلام العربية، بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ودعا الاعلان إلى ضرورة صياغة مواقف عربية مشتركة في مواجهة كافة التحديات، مع الاحتفاظ بكافة الخيارات المتاحة، بما في ذلك اتخاذ اللازم نحو تنسيق الجهود والخطط لإنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا ولصيانة الأمن القومي العربي، والدفاع عن أمننا ومستقبلنا المشترك وطموحات شعوبنا.
وطالب المجتمع الدولي بدعم الجهود العربية في مكافحة الإرهاب، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتجفيف منابع تمويله للحيلولة دون توفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية، وشدد على ضرورة تنسيق الجهود الدولية والعربية في هذا المجال، من خلال تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية.
وفيما يلي نص إعلان شرم الشيخ:
نحن قادة الدول العربية، المجتمعين في الدورة السادسة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في شرم الشيخ/ جمهورية مصر العربية يومي 8 و9 جمادى الآخر 1436هـ الموافق يومي 28،29 مارس/ آذار 2015 والتي كرست أعمالها لبحث التحديات لمجابهتها بما يحفظ وحدة التراب العربي ويصون مقدراته وكيان الدولة، والعيش المشترك بين مكوناته في مواجهة عددا من التهديدات النوعية وهو الامر الذي يتطلب تضافر جهودنا واستنفار امكانياتنا على شتى الاصعدة، السياسية ، والعسكرية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية:
- إذ نؤكد اعتزازنا بجامعتنا العربية في الذكرى السبعين لإنشائها، فإننا نجدد التزامنا بمقاصد الزعماء والقادة المؤسسين، من ضرورة توثيق الصلات بين الدول الاعضاء، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقا للتعاون بينها، وصيانة لاستقلالها وسيادتها، ومحافظة على تراثها المشترك، والتي تجسدت في ميثاق جامعة الدول العربية 1945.
- وإذ ندرك أن مفهومنا للأمن القومي العربي ينصرف الى معناه الشامل، وبأبعاده السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، من حيث قدرة الدول العربية على الدفاع عن نفسها وحقوقها، وصيانة استقلالها وسيادتها وسلامة اراضيها، وتقوية ودعم هذه القدرات من خلال تنمية الامكانيات العربية في مختلف المجالات، استنادا الى الخصائص الحضارية والجغرافية التي تتمتع بها، وأخذًا في الاعتبار الاحتياجات الامنية الوطنية لكل دولة، والامكانيات المتاحة، والمتغيرات الداخلية والاقليمية والدولية التي تؤثر على الامن القومي العربي.
- وإذ نستشعر أن الأمن القومي العربي قد بات تحت تهديدات متعددة الابعاد، فبنيان الدولة وصيانة اراضيها قد اضحيا محل استهداف في اقطار عربية عديدة، ونتابع بقلق اصطدام مفهوم الدولة الحديثة في المنطقة العربية بمشروعات هدامة تنتقص من مفهوم الدولة الوطنية وتفرع القضايا العربية من مضامينها وتمس في التنوع العرقي والديني والطائفي، وتوظفه في صراعات دموية برعاية اطراف خارجية ستعاني نفسها من تدمير كل موروث حضاري كان لشعوب المنطقة دور رئيسي في بنائه، فضلا عن التحديات التنموية والاجتماعية والبيئية، وازاء كل ما يحيط بالأمن القومي العربي من تهديدات وتحديات في المرحلة الراهنة تهدد المواطنة كأساس لبناء مجتمعات عصرية تحقق الرفاهية والازدهار لشعوبها كي تستعيد الأمة العربية مكانتها المستحقة، فإننا:
· نؤكد التضامن العربي قولا وعملا في التعامل مع التطورات الراهنة التي تمر بها منطقتنا، وعلى الضرورة القصوى لصياغة مواقف عربية مشتركة في مواجهة كافة التحديات، ونجدد تأكيدنا على أن ما يجمع الدول العربية عند البحث عن اجابات على الاسئلة الرئيسية للقضايا المصيرية هو أكبر كثيرا مما يفرقها، ونثمن في هذا السياق الجهود العربية نحو توطيد العلاقات البيئية وتنقية الاجواء.
· نجدد تعهدنا بالعمل على تحقيق إرادة الشعوب العربية في العيش الكريم، والمضي قدما في مسيرة التطوير والتنوير، وترسيخ حقوق المواطنة، وصون الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية وحقوق المرأة العربية، وتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وجودة التعليم، وندرك اهمية تلك الأهداف كأدوات رئيسية وفاعلة تصون منظومة الأمن القومي العربي، وتعزز انتماء الانسان العربي، وفخره بهويته.
· ندعو المجتمع الدولي إلى دعم الجهود العربية في مكافحة الإرهاب، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتجفيف منابع تمويله للحيلولة دون توفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية، كما نشدد على ضرورة تنسيق الجهود الدولية والعربية في هذا المجال، من خلال تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية، والتعاون القضائي، والتنسيق العسكري، مشددين على حتمية الشمولية في الرؤية الدولية في التعامل مع الارهاب، دون انتقائية أو تمييز، بحيث لا تقتصر على مواجهة تنظيمات بعينها، وتتجاهل أخرى، خاصة أن كافة تلك التنظيمات يجمعها نفس الاطار الأيديولوجي، وتقوم بالتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات والمقاتلين والسلاح فيما بينها، ونؤكد في هذا الاطار رفضنا الكامل لأي ربط لتلك الجماعات، أو ممارساتها بالدين الاسلامي الحنيف.
· ندعو كافة المؤسسات الدينية الرسمية في عالمنا العربي إلى تكثيف الجهود والتعاون فيما بينها نحو التصدي للأفكار الظلامية، والممارسات الشاذة، التي تروج لها جماعات الإرهاب، والتي تنبذها مقاصد الأديان السماوية، وندعوها إلى العمل على تطوير وتجديد الخطاب الديني بما يبرز قيم السماحة والرحمة وقبول الاخر، ومواجهة التطرف الفكري والديني ودحض التأويلات الخاطئة لتصحيح المفاهيم المغلوطة تحصينا للشباب العربي، كما نشدد في هذا السياق على دور المثقفين والمفكرين العرب والدور الرئيسي لوسائل الإعلام العربية والقائمين على المنظومة التعليمية في العالم العربي، بما يستهدف نشر قيم المواطنة والاعتدال.
· ندرك أن التحديات العربية باتت شاخصة لا لبس فيها ولا نحتاج إلى استرسال في التوصيف بقدر الحاجة إلى اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لها، وقد تجلى ذلك بشكل ملموس في المنزلق الذي كاد اليمن أن يهوي إليه، وهو ما استدعى تحركا عربيا ودوليا فاعلا بعد استنفاد كل السبل المتاحة للوصول إلى حل سلمي ينهي الانقلاب الحوثي ويعيد الشرعية، وسيستمر إلى أن تنسحب الميليشيات الحوثية وتسلم أسلحتها ويعود اليمن قويا موحدا.
إذ نجدد تأكيدنا على محورية القضية الفلسطينية كونها قضية كل عربي، فسيظل التأييد العربي التاريخي قائما حتى يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة والثابتة في كل مقررات الشرعية الدولية ووفقا لمبادرة السلام العربية، بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
أما في ليبيا فقد أورثت المرحلة الانتقالية منذ عام 2001 دولة ضعيفة ازدادت ضعفا اثر انتشار وسيطرة قوة معادية لمفهوم الدولة الحديثة على مناطق ليبية، فضلا عن تدخلات قوى خارجية تسعى لتوجيه مستقبل الشعب الليبي.
كما يعاني العراق منذ عام 2003 من عمليات إرهابية ممنهجة أثرت سلبا على قدرته في بسط سيطرته على كامل أراضيه وضبط الاستقرار فيه، فضلا عن عنف في سوريا أنتج تطرفا، حوّلها إلى ساحة لصراعات إقليمية ودولية بالوكالة ما أفضى إلى غياب دور الدولة ومؤسساتها عن ربوع البلاد، وعدم قدرتها على حماية شعبها والحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها.
· نتعهد أن نبذل كل جهد ممكن وأن نقف صفا واحدا حائلا دون بلوغ بعض الأطراف الخارجية مآربها في تأجيج نار الفتنة والفرقة والانقسام في بعض الدول العربية على أسس جغرافية أو دينية أو مذهبية أو عرقية حفاظا على تماسك كيان كل الدول والعيش المشترك بين مواطنيها في إطار الدولة الوطنية الحديثة التي لا تعرف التفرقة أو تقر التمييز.
· نعقد العزم على توحيد جهودنا والنظر في اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية لصيانة الأمن القومي العربي في مواجهة التحديات الراهنة والتطورات المتسارعة، خاصة تلك المرتبطة بالممارسات الإجرامية لجماعات العنف والإرهاب والتي تتخذ الدين ذريعة لوحشيتها.
· ونؤكد في هذا السياق احتفاظنا بكافة الخيارات المتاحة، بما في ذلك اتخاذ اللازم نحو تنسيق الجهود والخطط لإنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا ولصيانة الأمن القومي العربي، والدفاع عن أمننا ومستقبلنا المشترك وطموحات شعوبنا، وفقا لميثاق جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع المشترك، والشرعية الدولية وهو ما يتطلب التشاور بيننا من خلال اليات الجامعة تنفيذا للقرار الصادر عن هذه القمة.
· نؤكد ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وعلى انضمام إسرائيل إلى معاهدة منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط، وكذا على إخضاع جميع المرافق النووية لدول منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك إيران لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
· نؤكد في هذا الإطار أن تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، هو جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي العربي، بما في ذلك استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتحقيق الأمن الغذائي ومبادرة السودان في هذا الشأن وكذلك التنمية المستدامة، والاستغلال الأمثل للموارد، وتضييق الفجوة الغذائية العربية، والإدارة المستقبلية للموارد المائية تحقيقا للأمن المائي العربي.
· نعرب عن شكرنا العميق لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، ولشعبها العظيم على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، ولحكومة جمهورية مصر العربية بمؤسساتها المختلفة على دقة التحضير للقمة العربية والتنظيم المحكم والإدارة الجيدة لأعمالها، كما نتوجه بالشكر لمعالي أمين عام جامعة الدول العربية ومسؤولي الامانة العامة على ما أبدوه من حرص وبذلوه من جهد لإنجاح اعمال القمة.
صدر في شرم الشيخ- جمهورية مصر
9 جمادي الآخر 1436هـ 29 مارس/آذار 2015
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها