القى بنيامين نتنياهو خلال اليومين الماضين خطابين في الايباك اليهودي والكونغرس الاميركي. في الخطاب الاول حاول التمهيد للخطاب الثاني، بمعنى انه، حرص على التأكيد، بانه لا يهدف إلى إحراج او الاساءة للرئيس اوباما ولا لادارته. وان العلاقات الاميركية الاسرائيلية راسخة ولن تتأثر نتاج التباينات، وان الهدف هو الحيلولة دون تمرير الاتفاق الايراني مع الاقطاب الدولية (5+1). كما ان الولايات المتحدة خففت من حدة التصريحات الاعلامية، واكدت على ان العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، لن تتأثر بسبب التباينات الناشئة عن الخلافات في هذه المسألة او تلك. غير ان كل المراقبين بما في ذلك مسؤولون اميركيون، أكدوا ان العلاقات بين الحكومتين الاميركية والاسرائيلية ستبقى متوترة طيلة الفترة المتبقية من حكم اوباما. مع ذلك العلاقات الاميركية الاسرائيلية ستبقى راسخة ما لم تحدث تحولات دراماتيكية في العلاقات الثنائية نتاج الغطرسة والعنجهية الاسرائيلية، التي يمثلها اليمين المتطرف الصهيوني، الذي يتعامل مع اميركا كـ”جارية” في خدمة السياسات الاسرائيلية. وهذه المفارقة الاهم، حيث يتطاول نتنياهو على الرئيس اوباما وإدارته متجاوزا كل التقاليد والبروتوكولات الدبلوماسية، ومتحديا الادارة في عقر دارها، ومستخدما منبر الكونغرس لحملته الانتخابية. مع ان رسالة خطاب او خطابي نتنياهو وصلت للادارة الاميركية وللاقطاب الدولية المعنية بالاتفاق مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، إلا انه أصر على القاء خطابه في الكونغرس، والتأكيد على رسالته بالغاء الاتفاق المنوي التوقيع عليه بين المجموعة الدولية بقيادة اميركا وإيران، وبالتالي فرض المنطق الاسرائيلي على الارادة الدولية، وهو ما يتناقض ومنطق العلاقات الدولية، لأنه من غير المنطقي لدولة مركبة وصغيرة، نشأت كدولة استعمارية وإمتدادا للاستعمار الغربي في وسط الشعوب العربية وعلى حساب نكبة الشعب الفلسطيني، ان تتحدى الارادة الدولية، وتلوي ذراع الولايات المتحدة الاميركية، القوة الاعظم في العالم حتى اللحظة السياسية الراهنة. مع ان دولة التطهير العرقي الاسرائيلية متخمة حتى أسنانها بالاسلحة النووية والكيمياوية والجرثومية ، وفي ذات الوقت تطالب العالم بحرمان دولة اقليمية رئيسية، وذات حضارة عظيمة من حيازة الاسلحة النووية اسوة بها وبغيرها من دول العالم. وهذا الحرمان يطال الدول العربية كبيرها وصغيرها، لا بل ان مجرد تفكير اي دولة بامتلاك السلاح النووي مرفوض من قبل الدولة المارقة والخارجة على القانون، ومصير اي مشروع نووي التدمير. الامر الذي يؤكد ان العالم عاجز، ويفتقد للمعايير الواحدة، ويكيل بمكيالين في المسائل المثارة من قبل دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. من المؤكد لا يمكن للمرء او لاي إنسان محب للسلام، ان يوافق على وجود اسلحة نووية في المنطقة او في اي دولة من دول العالم، لانها خطر يهدد البشرية برمتها، وعبء ثقيل على الانسانية والسلم الاممي. ولكن لا يجوز السماح لدولة استعمارية وطارئة في الجيوبوليتك بامتلاك الاسلحة النووية في الوقت الذي تحرم منه الدول الاخرى. وبالعودة لخطاب نتنياهو، الذي لم يضف جديدا للمنطق والرؤية الاسرائيلية. غير ان اللافت للنظر، ان الخطاب، لم يحظ بالاهتمام، الذي كان يحظى به خطاب اي زعيم إسرائيلي، ولا حتى خطابه السابق. حيث تمت مقاطعة اركان الادارة للخطاب، وايضا عدم استقباله. كما قاطع 60 عضوا من اعضاء الكونغرس الخطاب، وما التصفيق المفتعل من قبل بعض الجمهوريين المتصهينين إلا لذر الرماد في العيون، وشكل مبتذل من التملق للايباك للحصول على الرشوة المالية لاحقا. اضف الى انه ترك بصمات سوداء على العلاقات الثنائية بين الدولتين. التقدير الاستشرافي، ان نتنياهو لن يحصد النتائج المرجوة من خطابه، لا بل العكس صحيح، حيث ستكون ردود الفعل الاسرائيلية والاميركية وحتى الاوروبية سلبية ولا تخدم بحال من الاحوال المصالح الاسرائيلية.