افتتح في العاصمة اللبنانية بيروت الندوة الفكرية الشبابية العربية الخامسة بعنوان "الحراك العربي بعد أربع سنوات: رؤى شبابية" في اوتيل الكومودور- الحمرا، وبحضور حشد  من الشخصيات الثقافية والسياسية  تقدمهم  رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا، وممثل قائد الجيش  العميد الركن البحري جوزيف واكيم، وممثلون عن سفارات الأردن، والسودان، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأعضاء الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة.

قدم الخطباء المشرف على الندوة عبد الله عبد الحميد وجاء في كلمته الافتتاحية: "أيها الشباب أهلاً وسهلاً بكم، يا من تحديتم كل الحدود من تأشيرات ومن حدود مصطنعة متحملين نفقات السفر المرتفعة لتشاركوا في هذه الندوة، مؤمنين بوحدة الأمة وأمام نصب أعينكم قبلة المسلمين ومهد المسيحية فلسطين، آملين باستمرار الحراك باتجاهه الصحيح ليتحقق المشروع الوحدوي العربي، والمتمثل بالتجديد الحضاري والوحدة العربية والاستقلال الوطني والقومي والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والتنمية المستقلة".

 ثم تحدث رئيس اللجنة التحضيرية خليل الخليل قائلاً: "إيماناً منا بدور الشباب في الدفاع عن مصالح الأمة ووحدتها التي تتعرض لغزوة من نوع جديد تفوق غزوات المعقول وتدمرها، متسترة بالدين الإسلامي لتدمير المنطقة العربية وتفتيتها إلى دويلات طائفية وفقاً للمشروع الأمريكي – الصهيوني – التكفيري، ندعو إلى جمع الشباب ورعايتهم وتوفير الآليات الحاضنة لهم مادياً ومعنوياً على امتداد الوطني العربي".

مضيفاً: "إننا ندعو إلى التمسك بخيار المقاومة في مواجهة أعداء الأمة باعتباره خياراً استراتيجياً اثبت جدواه في ردع أعداء الأمة في لبنان وغزة والعراق".

ودعا الخليل الشباب إلى التمسك بالهوية العربية التي هي الإطار الجامع لكل مكونات الأمة المختلفة من طائفية ومذهبية وعرقية، معتبراً استهداف العروبة هو استهداف لهذه المكونات، وضرب تطلعاتها وتهديد وجودها.

رئيس المنتدى القومي العربي الدكتور محمد المجذوب قال: "إن من أهم أهداف المنتدى القومي العمل الجاد على تحقيق التفاعل والتعاون بين الشباب على امتداد الوطن العربي من أجل استنهاض التيار القومي العربي واستلهام الأمجاد التي جعلت من أمتنا العربية خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتدعو إلى القيم والمبادئ الإنسانية النبيلة".

وتابع: "إن الشباب العربي يواجه اليوم ظروفاً صعبة ويعيش في عصر التحولات السريعة والعميقة والمتلاحقة في خضم القلق النفسي والوجودي الرهيب وهو يشاهد ما يجري في مختلف الأقطار من انتفاضات وثورات ضد القهر والظلم والإهمال وانتهاك حرمات الحقوق والحريات".

مضيفاً: "إن المجتمع الذي يتحرك فيه شبابنا ليس سوى مجتمع مضطرب وحافل بالتناقضات والتحديات  والمآسي، الشباب كان في كل عصر ومكان محور التغيير وطليعة التطوير والتاريخ يتحفنا بأمثلة عن زعامات وقادة كانوا في مقتبل العمر عندما اخترعوا وأبدعوا وتغلبوا على المصاعب والآفات وباختصار فان عنصر الشباب في بلادنا، وخصوصاً في هذا الزمن العربي الرديء الحافل بالمفاسد داخلياً والمؤامرات خارجياً يمثل الأمل المنشود لتغيير الأوضاع المتردية في منطقتنا العربية وإعادة الثقة بالنفس وصنع التاريخ إلى أمتنا".

المنسق العام للمؤتمر القومي /الإسلامي منير شفيق قال: "إن الأوضاع الجديدة وهذه الفوضى وهذه الموازين للقوى المفتوحة على الصراعات الداخلية تملأ ما تشكل من فراغات للسيطرة والسلطة وهذا كله أخذ يوزع سلبيات كثيرة تدفع إلى التشاؤم في قراءة الأوضاع  والمصائر، ولكن هنا علينا أن نلاحظ تطورين هامين وأساسيين يسمحان بالتفاؤل وهما انحصار السيطرة الأمريكية الغربية على المستوى العالمي كما الإقليمي والعربي وتدهور وضع الكيان الصهيوني وفشله في حروبه في قطاع غزة وجنوب لبنان كما مأزقه مع رأي عام غربي ضده".

وتابع شفيق: "إن هذين التطورين يدخلان في القراءة الايجابية المتفائلة للأوضاع وهذه المسؤولية هي مسؤوليتنا ومسؤوليتكم أيها الشباب ربما الأقدر على اجتراح الحلول الإبداعية لأنكم متحررون من أثقال المراحل السابقة ويمكن أن تبددوا ضباب الجديد فانتم الجديد".

رئيس مركز دراسات الوحدة العربية  الدكتور خير الدين حسيب قال: "يسرني أن أرحب بكم واشكر معن بشور رئيس مركز تواصل الذي يهتم ويعمل من أجل شباب هذه الأمة، ليس هذا مجال أن أتحدث عن دوري ودوركم ودور الآخرين ولكن استطيع أن أسجل لكم أنكم استطعتم أن تكسروا حاجز الخوف كان هذا مقدمة ضرورية التي أنجزتموها خلال السنوات الماضية بنجاح وبدرجات مختلفة".

أمل أن تتمكن هذه الندوة رصد أسباب نجاح انتفاضة تونس ومصر وعدم نجاحها في ساحات عربية أخرى لنستفيد من هذه الدروس. وأن تدركوا وتبحثوا لماذا استطاع الشباب ومعهم فصائل وأحزاب أخرى أن يحققوا في انتفاضتهم إسقاط نظام ظالم ومستبد لكنهم لم يستطيعوا أن يبنوا أنظمة جديدة تتفق مع طموحاتهم، لماذا؟

أرجو أن ندرك جميعاً أن هناك حاجه لاستخلاص الدروس من مراحل مختلفة مرت بها هذه الأمة، من سوء حظنا أننا في منطقة غنية بالثروات النفطية تهم العالم المتقدم ولذلك هم حريصون على عدم وحدتنا. حتى الآن أحزابنا منقسمة ومؤسساتنا منقسمة هناك ثغرة أساسية في عملنا هي عدم قدرتنا على العمل كفريق ما إن نبدأ حتى ننقسم ونختلف هذه ثغرة حصلت وتحصل هناك دروس يجب أن ندركها وأن نتعامل بقدر من التواضع مع ما حققناه نحن بحاجة إلى الدراسة والعمق.

أمين عام مؤتمر الأحزاب العربية قاسم صالح عدد مجموعة ثوابت هي:

  1. ترسيخ الديمقراطية وتداول السلطة في أنظمة الحكم واعتماد التنمية والعدالة الاجتماعية.
  2. مواجهة المشاريع والمؤامرات التي تسعى إلى زرع بذور الفتن المذهبية والطائفية والعرقية في بلداننا بغرض تقسيمها وتفتيتها وإضعافها والهيمنة على مقدراتها.
  3. التمسك بالمشروع النهضوي العربي الذي يحفظ الهوية القومية.
  4. إن فلسطين هي البوصلة التي تحدد أي حراك عربي،  لأن القوة هي القول  الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره. وان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة فلا بد من اعتماد خيار المقاومة.
  5. الإرهاب الصهيوني والإرهاب التكفيري وجهان لعملة واحدة يشكلان خطراً وجودياً على أمتنا وتشويهها لتراثها الروحي وقيمنا الإنسانية.

 وتوجه في ختام كلمته باسم الأمانة العامة للمؤتمر العام للأحزاب العربية بالتحية إلى الشباب لأنهم نقطة ارتكاز العمل القومي.

ناشر  جريدة السفير طلال سلمان قال في كلمته: "جئنا نستمد منكم الأمل معتذرين عن أحلامنا كانت أعظم شأناً من قدراتنا وهذا من طبيعة الأحلام، أما القدرات فتحددها ظروف موضوعية، قصرنا عن فهمها فأخذتنا الحماسة بعيداً عن الاعداد الجيد لمواجهة أعداء عتاة، أخطرهم كامن فينا نتيجة تدهور التخلف الطويلة واستعجالنا الانتصار ولو ناقصاً".

وأضاف: "آسف لرنة الحزن في كلماتي، لكنني لا أجد غيركم مصدر للتفاؤل، لقد استطعنا حمايتكم من تجاربنا التي كانت رائعة ومبشرة بغد أفضل لكنها اغتيلت عند عتبة الاكتمال لقد شهدنا خروج الملايين إلى الشوارع واستبشرنا خيراً مع وعينا أنهم خرجوا ولا برنامج ولا قيادة ولا منهج، وتيقنوا أن التويتر والرسائل النصية لا تصنع الثورات قد تفيد في التواصل لكن لا بد من إطار جامعة في برنامج واضح من قيادة مؤهلة ومؤكد أن الميدان سيستولد هذه القيادة".

 وتمنى أن يكون جيل الشباب أصدق منا في كفاحه من أجل غد أفضل وأعظم وعياً مستفيداً من التجارب السابقة التي بدأت غنية وانتهت إلى الخسران لأنها واجهت ما يفوق طاقتها وقدرتها على التنبه.

رئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن معن بشور قال: "قد يبدو الأمر عادياً حتى الآن، خصوصاً أن العواصم والمدن العربية والعالمية حافلة بندوات ولقاءات للشباب حول موضوعات تهمهم وتتناول مستقبلهم، لكن الجديد في الأمر أن هذه الندوة هي تعبير عن إرادة الشباب في استعادة حراك أطلقوا شراراته الأولى، وحققوا انجازاته الرئيسية، فإذا بهم يفاجئون بمن يصادر دورهم، بل يصادر التحرك بأسره ويحرفه عن مساره الأصلي كصحوة عربية ليتحول في اغلب الأقطار كابوساً دموياً جاثماً على صدور الناس".

 فمن حق الشباب الذين تغنى بدورهم كثيراً سياسيون ومثقفون في مثل هذه الأيام قبل أربع سنوات، وامتدحوا شجاعتهم وتلقائيتهم وعفويتهم وتواصلهم وعصريتهم، ليدخل معظمهم فيما بعد بصمت يشبه صمت القبور، بل أن بعضهم الذي لم يكن يرى إلا الايجابيات في بداية هذا الحراك، لم يعد يرى إلا السلبيات اليوم، فقد نقلنا هؤلاء السياسيون والمثقفون من "أمل كاذب إلى يأس غير مبرر"، فيما المطلوب مطاردة اليأس وتحصين الأمل.

من حق هؤلاء الشباب، ومن واجبهم تجاه أمتهم، أن يتناقشوا بكل صراحة، وبكل تحرر من موروثات وحساسيات وحسابات وعصبيات تعيق النقاش المستمر، في المسار الذي اتخذه الحراك العربي، وفي سبل استنقاذ الأهداف الكبرى التي خرج بسببها الناس إلى الساحات والميادين لمواجهة الفساد والاستبداد والتبعية.

من حق هؤلاء الشباب، ومن واجبهم تجاه أمتهم، أن يتساءلوا عما إذا كانت نتائج الحراك جاءت مخيبة لأمالهم، محبطة لطموحاتهم، وان يتداولوا في سبل تجديد نضالهم لتحقيق مطالبهم المشروعة.

من حق هؤلاء الشباب، ومن واجبهم تجاه أمتهم، أن يوضحوا مدى اقترابهم أو ابتعادهم في ظل هذا الحراك من صيانة الأمن الوطني لأقطارهم، والأمن القومي لأمتهم، رغم استحالة الفصل بين ما هو أمن وطني وما هو أمن قومي، كما رأينا في الآونة الأخيرة مع انتقال الفتنة الظلامية المتوحشة من قطر إلى آخر.

 من حق هؤلاء الشباب، ومن واجب أمتهم عليهم، أن يكشفوا إذا ما كان الحراك الدائر منذ أربع سنوات، وخصوصاً الدموي منه، قد جعلهم أقرب إلى فلسطين، أم القضايا، أم أبعدهم عنها، لان في هذا الكشف تترتب نتائج ومواقف.

ومن حق هؤلاء الشباب، ومن واجب أمتهم عليهم، أن يجاهروا فيما إذا كان هذا الحراك، لا سيما الفتنوي والعصبوي منه، قد قرّب مجتمعاتهم إلى الحرية، وأوطانهم إلى الديمقراطية أم انه أبعد هذه المجتمعات عن هاتين القيمتين الساميتين اللتين تتعطش إليهما جماهير امتنا بل شعوب العالم قاطبة.

من حق هؤلاء الشباب، ومن واجب أمتهم عليهم، أن يعلنوا بكل وضوح وجرأة، إذا ما كان هذا الحراك، لا سيّما الذي انزلق منه إلى مهاوي وعصبيات التفتيت والتقسيم، قد جعل من التكامل بين أبناء الأمة، بل وحدتهم، أهدافاً قريبة المنال أم انه جعل منهما أكثر بعداً من أي وقت مضى.

 هذا وعقدت الجلستين الثانية والثالثة ناقش فيها الشباب أوراق عمل مقدمة حول الحراك العربي الشبابي، على أمل استكمال الجلسات اليوم السبت.