بعد انتصار الثورة في إيران في شباط 1979 انفصلت السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه المنطقة وإسرائيل بصفة خاصة، وقطعت إيران علاقاتها مع إسرائيل وأغلقت مقر الكيان الصهيوني الغاصب ورفعت العلم الفلسطيني، وبذلك كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أول دولة في العالم تفتتح سفارة لفلسطين.

في هذه المناسبة، وبعد مرور 35 عاماً على هذا الحدث الوطني، نظمت مسيرة العودة إلى فلسطين ندوة تحت عنوان "فلسطين ضمير الأمة والإنسانية" في اوتيل غولدن توليب – الجناح عصر الخميس 19 /2/ 2015.

وبحضور وزراء ونواب سابقين، وممثلو سفراء السودان وأندونيسيا وبنغلادش، ورجال سلك دبلوماسي وقناصل، وممثل عن السفارة السورية، والمستشار الثقافي الإيراني، وأئمة ورجال دين، وممثلون عن حزب الله، وحركة "أمل"، وقيادة حركة "فتح" في بيروت، والقوى الوطنية اللبنانية، وفصائل الثورة الفلسطينية، والأحزاب والقوى الإسلامية الفلسطينية، ومنظمات نسائية، وممثلون عن المؤسسات الأهلية الفلسطينية، ومؤسسات المجتمع المدني.

تحدث في الندوة المفوض العام محمد صادق فضلي القائم بأعمال السفارة الإيرانية ممثلاً سعادة سفير إيران في لبنان محمد فتح علي، والدكتور سرحان سرحان مسؤول العلاقات السياسية في سفارة فلسطين ممثلاً سعادة سفير فلسطين في لبنان أشرف دبور.

بدأت الندوة بالنشيد اللبناني والفلسطيني والإيراني. ثم كلمة افتتاحية لرئيس الجمعية اللبنانية لمقاطعة إسرائيل الدكتور عبد الملك سكرية جاء فيها: "هدفنا من هذه الندوة تسليط الضوء على الإنجاز العظيم الذي قامت به الثورة الإسلامية في إيران، عندما أقفلت سفارة إسرائيل في زمن الشاه، ورفعت علم فلسطين مكانها، وحولتها إلى سفارة فلسطين. إذاً وحدها المقاومة تصنع العدالة لتكون الأبقى والأقدر في بداية الاستعمار.

وتحدث الوزير فضلي عن فلسطين في منظور الثورة الإسلامية فقال: "فلسطين ضمير الأمة والإنسانية عنوان لقائنا الدائم حتى يأذن الله بنصره، وتعود أرض الأنبياء والقديسين والشهداء حرة، عزيزة، أبية، ومحررة من البحر إلى النهر".

مضيفاً: في الحادي عشر من شباط عام 1979 شهد العالم والأمة الإسلامية ثورة من أفضل الثورات وأعظمها من حيث المحتوى، الثورة الإسلامية المباركة مثلت رسالة الخلاص لمستضعفي العالم وسلاح القضاء على المستكبرين، حيث استطاع الشعب الإيراني أن يتغلب بالإيمان بالله ووحدة الكلمة على قدرة شيطانية عظيمة تدعمها كل القوى، وأن يقطع يد جميع القوى العظمى عن إيران.

في 11 شباط 1979، انتصرت الثورة الإسلامية في إيران، وأشرق عصر جديد للفقراء والمحرومين والمستضعفين مشع بالانتصارات، وأفول زمن الظالمين والمستكبرين.

وعن الإمام الخميني الذي أمضى ما يربو على عشرين عاماً قبل انتصار الثورة، بوجه أعنف الحملات ضد الكيان الصهيوني داعماً الشعب الفلسطيني، قال فضلي:

ما أن حققت الثورة الإسلامية في إيران انتصارها المبارك، حتى ترجمت شعاراتها إلى واقع عملي، وشعار اليوم إيران وغدا فلسطين ترجم فعلياً، عندما قام الشعب الإيراني بتحرير جزء مبارك من أرض فلسطين بإنزاله العلم الصهيوني، ورفع أول علم فلسطيني في أول سفارة لفلسطين في العالم في عاصمة الثورة طهران، فكان هذا اليوم المبارك مؤشرا استراتيجيا لعصر جديد للشعوب المقهورة والمظلومة تتنسم فيه عبق الحرية التي طال انتظارها. والعنصريون الصهاينة وحماتهم الغربيون وجدوا أنفسهم منذ ذلك اليوم المشهود وصاعدا أن عليهم أن يواجهوا عقيدة تمتلك جميع مقومات إلحاق الهزيمة بهم، الإيمان مقابل كفرهم، والشهادة مقابل قسوتهم وإرهابهم، والآخرة مقابل دنياهم، والعدل والإيثار في مقابل ظلمهم.

ونقل فضلي عن الإمام الخميني قوله: "إذا كنتم تريدون تحرير القدس، فلا تدعوا الحكومات هي التي تقرر، فالشعوب هي التي يجب أن تثور، ولا بد لها أن تفهم سر الانتصار، إن سر الانتصار هو أن تتمنى الشهادة، ولا تقيم وزنا للحياة المادية والدنيا الزائلة، فهذا السر هو الذي يدفع الشعوب إلى الأمام".

وتابع: في 7 آب 1979، أعلن الإمام الخميني الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوما عالميا للقدس الشريف، فرفع بذلك لواء الجهاد ضد الصهيونية ووضعه في أيدي المسلمين، وفصل من خلال عبارته الجميلة: "يوم القدس يوم حياة الإسلام، بين خط الإسلام المحمدي الأصيل، وبين الإسلام الأميركي وأذنابه".

واستطرد قائلاً:  أن "فلسطين في منظور الثورة الإسلامية في إيران هي بمثابة الحدقة من العين والقلب من الجسد والروح من الحياة، ارتباط أزلي سرمدي لأنه جزء من إيمان شعبنا وإسلامه والتزام بنهج نبينا الأعظم محمد، فالوصية الخالدة لأمير المؤمنين علي كونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً، جسدتها الثورة الإسلامية منذ اللحظات الأولى لانتصارها بكلمة الحق التي صدحت بها واضحة لا لبس فيها لا لأميركا ولا لإسرائيل ولا لكل الطواغيت الظالمين. نعم، لفلسطين لأقصاها، للقدس للمجاهدين، للأطفال والنساء والشيوخ المقهورين من دير ياسين إلى صبرا وشاتيلا، رفضا لكل المظالم التي ارتكبها اليهود الغاصبون".

وختم فضلي: هذه حال الثورة مع فلسطين وكل قضايا الحق في هذا العالم، فإيران الثورة أضحت قلعة للأحرار وقبلة للثوار، ووثقت موقفها الإسلامي ميثاقا ونهجا للأجيال المقبلة فعبرت في دستورها على الركائز الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمع الإيراني، على أساس القواعد والمعايير الإسلامية التي تجسد أهداف الأمة الإسلامية وآمالها القلبية.

كلمة سفير فلسطين ألقاها الدكتور سرحان سرحان أشار فيها إلى العلاقات المتميزة التي نشأت بين الثورة الإسلامية في إيران وحركة "فتح" وقال: إن أول لقاء جرى بين الإمام الخميني وياسر عرفات كان في العراق، تلا ذلك إقامة معسكرات تدريب للشباب الإيراني عام 1969. كما قدمت حركة فتح أسلحة إلى الثورة الإسلامية في إيران في بدايتها.  ولفت إلى "تخصيص الإمام الخميني نسبة من الزكاة كتبرع للثورة الفلسطينية".

وتحدث عن معسكرات التدريب لكبار القادة الإيرانيين الذين تولوا قيادتها في البداية، لافتا أن "منظمة التحرير الفلسطينية كانت أول من قدم الدعم إلى الثورة الإيرانية، وتطورت العلاقة في مجالات عدة".

وشدد على أن "فتح" كانت من أوائل داعمي الثورة في إيران، وأن الرئيس عرفات كان أول الواصلين للتهنئة، حيث عقد لقاءاً مهما مع الإمام الخميني، الذي أكد أن إيران الثورة الإسلامية لن تدخر جهدا في دعم ثورة فلسطين وشعبها.

وأشار أن "إيران حررت أول قطعة ارض فلسطينية برفعها أول علم لفلسطين في طهران، وكانت الأسيرة الفلسطينية المحررة فاطمة البرناوي وأحد شباب "فتح" من توليا مع الرئيس الراحل عرفات رفع علم فلسطين يومها".

وعرض سرحان سلسلة من مواقف قادة إيران الداعمة للثورة الفلسطينية، التي كان لها الأثر الأكبر في دعم القضية.

وختم: إن علاقة المقاومة الفلسطينية مع الثورة الإسلامية في إيران هي امتداد لتلك العلاقة التي بدأت بين الإمام الخميني والرئيس الراحل ياسر عرفات.

هذا وعرض خلال الندوة فيديو وثائقي عن الثورة الإيرانية وزيارة الرئيس الشهيد ياسر عرفات إلى إيران عام 79 عقب انتصار الثورة الإيرانية مباشرة.