يوم الثلاثاء الماضي الموافق الـ 30 من ديسمبر 2014 اصطدم مشروع القرار الفلسطيني العربي بعدم الحصول على تسعة أصوات داخل مجلس الأمن، الامر الذي احال دون طرحه للتصويت. وبذلك خرجت الولايات المتحدة من مأزق استخدام حق النقض الفيتو ضده. معتقدة انها نجحت في تبييض صورتها او بالأحرى التخفيف من بشاعة صورتها في أوساط الشعوب العربية. 
المندوبة الأميركية بررت رفضها التصويت لصالح القرار بذرائع واهية ومفضوحة، لا يجد المرء ضرورة لإعادة التذكير بها، لأنها لا تستحق قيمة الحبر الذي تكتب به. ونسيت السيدة الأميركية، ان أبسط المواطنين وعيا في الشعب الفلسطيني وشعوب العالم المحبة للسلام، والداعمة للحقوق الفلسطينية، بات يعلم منذ زمن بعيد مواقف الولايات المتحدة الاميركية جيدا الداعمة والمؤيدة والمتساوقة مع سياسات دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، حليفتها الاستراتيجية. ولم تتوان يوما عن استخدام كل الحجج للتغطية على جرائم حرب تلك الدولة. لان صانع القرار والقوى النافذة في المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية / القانونية والتعليمية الثقافية الاميركية، ترى تاريخيا في دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية، صورة نموذجية مصغرة عن اميركا في ابادة الهنود الحمر، فضلا عن أنها تمثل لها القاعدة المتقدمة في منطقة الشرق الاوسط عموما والحوض العربي خصوصا في تنفيذ مخططاتها الاستراتيجية. 
على السياسة الأميركية ان تدرك ان تجاوزها لعقدة استخدام الفيتو لا يغطي دورها ونفوذها في التأثير على الدول، التي امتنعت عن التصويت بغض النظر عن اسمائها. وبالتالي فإن الادارة الاميركية استخدمت بشكل واضح وجلي (الفيتو) بوسائل الترهيب والترغيب. وعكست عداءها لخيار السلام، ولدورها كراع اساسي للتسوية السياسية. ووقوفها الصريح والبائن بشكل فج وبشع لجانب دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، وتدعم سياساتها الاستعمارية في اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران عام 1967، واكدت للمرة الالف، انها تكيل بمعيارين. مع ان الادارات الاميركية المتعاقبة منذ الانتفاضة الكبرى 1987/ 1993 تعلم ان قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، مدت يدها للصداقة مع اميركا، ولا ترغب بافتعال اي توترات معها، ولا تريد ان تحرجها، وكل ما طالبت به منذ فتحت ابواب العلاقات الثنائية، هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، التي تبنتها اميركا نفسها، ومازال قادتها والمتحدثون الرسميون باسمها يؤكدون عليها. 
لكن سكان البيت الابيض من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أبوا وأصروا على تجاهل المصالح الوطنية الفلسطينية، وتركز جل اهتمامهم، على تطويع ارادة القيادات الفلسطينية لصالح خيار دولة إسرائيل المحتلة من خلال سياسة الاملاءات والضغوط باساليب ووسائل متعددة. ونسوا ان الشعب الفلسطيني الصغير جدا، يملك من الامكانيات والطاقات والقدرات ما يسمح له لي ذراع الولايات المتحدة نفسها وليس ربيبتها وحليفتها الاستراتيجية في حال فقد الأمل بالتسوية السياسية. ويخطئ الاميركيون، إن اعتقدوا ان واقع الحال العربي البائس والضعيف الماثل للعيان، يمكن ان يشكل عائقا أمام إرادة الفلسطينيين او يربكهم ويضعف من تمسكهم بثوابتهم الوطنية. وللتذكير فقط لا غير، كل ثورات الشعب الفلسطيني حصلت في لحظات الانكفاء والتراجع العربي، وهي مفارقة قد تسجل بالبعدين الايجابي والسلبي للفلسطينيين. 
إدارة اوباما سقطت مجددا في اختبار دفع عربة السلام للامام. وهو ما يتطلب من قيادة منظمة التحرير اتخاذ ما تراه مناسبا لنفض اليد من الدور الاميركي المعادي للمصالح الوطنية، دون التورط بالاصطدام مع الولايات المتحدة، لعلها تستيقظ من سبات منطقها وخيارها المتناقض مع مصالحها الحيوية في المنطقة. لا سيما وان اسرائيل باتت لعنة على ذاتها وعلى اميركا خصوصا والغرب عموما، وبالضرورة على العالم، لانها قنبلة موقوتة، قد تنفجر في كل لحظة في جه المصالح الاقليمية والدولية.