ليس ثمة سلاح مثالي في هذا العالم، لكنه إن توفر فانه يقتل صاحبه في النهاية، بحكم ان سلاحا من هذا النوع سوف لا يخلف غير الوهم والغطرسة، وهم القوة وغطرستها، والكثير من الحماقة التي لا علاج لها وحتى الكي بالنار، ومع الوهم والغطرسة والحماقة، لا شيء غير العبث والاستهتار الذي يقود الى الهاوية.
 
العقلاء وحدهم يعرفون ذلك، ويعرفون ان هذه الحقيقة مقياس للتعقل حين ادراكها، ويعرفون اكثر ان القوة تكمن في التفهم، وفي القراءة الموضوعية للواقع ومعطياته، فلا ينكرونه ولا يتجاهلون معطياته، ولا يحاولون تاليا ترميم انكساراته بالبلاغة التي لا ترمم شيئا سوى اوهام متعاطيها. 
 
من عقلاء هذا العصر, الفلسطينيون في أطرهم الشرعية، حماة المشروع الوطني والساعون لتحقيق اهدافه النبيلة، الذين لا يتوهمون ان الطريق لتحقيق هذه الاهداف طريق سهلة لا عراقيل فيها، وهم يعرفون ان الارادة الحرة مصدر قوتهم، كلما كانت تعبيرا عن ارادة الشعب وكلما كانت اكثر صلابة في قرارها المستقل لتحقيق تطلعاته المشروعة.
 
وبكلمات اخرى نحن لا نملك اليوم في موازين القوى المادية، العسكرية والاقتصادية وغيرها الشيء الكثير، بل نكاد لا نملك شيئا في هذه الموازين، واعترافنا بهذه الحقيقة هو مقياس لتعقلنا، لكننا في موازين القوى السياسية والاخلاقية والمعنوية، نملك الشيء الكثير، نملك العزم والاصرار والتصميم، نملك التحضر النضالي والسياسي والانساني، والاهم نملك ارادة الحرية والتحرر، بروحها العصية على الهزيمة، وببرنامج عملها الواقعي، الذي اوصلنا اليوم "رغم التحديات والضغوط والمؤامرات الى موقع سياسي قوي" بحكم ان العالم بات يقف الى جانبنا بدلالة الاعترافات البرلمانية الاوروبية المتتالية بدولة فلسطين، وحيث اعتراف الحكومة السويدية بهذه الدولة "خطوة في غاية الاهمية" كما اوضح واكد ذلك الرئيس ابو مازن في كلمته التي وجهها الى مؤتمر اقليم فتح في نابلس يوم امس الاول.
 
اقوياء نحن اذا دونما اسلحة مثالية، هذه التي تتغنى بها الشعارات الشعبوية، وخطبها التي لا ترى من الواقع شيئا سوى رغبات اصحابها ..!! اقوياء بالواقعية النضالية، التي لا تريد ان تطعم احدا ذلك الجوز الفارغ، اقوياء بالتحضر السياسي الذي أدرك على نحو فاعل، قوة الحق في مصداقية طروحاته العملية، والذي قاد العالم اليوم الى تفهم أجدى لحقيقة دولة فلسطين، بوصفها الدولة الضرورة لتحقيق الامن والاستقرار في قلب العالم هنا في الشرق الاوسط.
 
واقوياء لأننا وكما يقول الرئيس ابو مازن "لا نعمل بردود الفعل، ونتخذ قراراتنا في الوقت المناسب وبما يخدم قضيتنا الوطنية" وهذا يعني اننا لسنا انفعاليين ولسنا رغائبيين، ولا نرتجف من تقولات اساسها المماحكات الحزبية او السياسية، مثلما لا نخشى التهديدات ولا الضغوط ولا ما يحاك ضدنا في دوائر التآمر المعادية، لأننا نؤمن اننا مع ارداتنا الحرة وقرارنا المستقل ووحدتنا الوطنية، في اطرها الشرعية وحواراتها الديمقراطية، قادرون على دحر كل ما يستهدف تدمير مشروعنا الوطني، نعم قادرون على ذلك، هكذا كنا دائما وهكذا سنبقى حتى انتزاع كامل حقوقنا المشروعة وتحقيق كامل اهدافنا وتطلعاتنا الانسانية العادلة والنبيلة في الحرية والاستقلال.