تتخذ من الرسم لغة تعبيرية تنطق بها ريشتها، فتحرر اللوحة من صمت اللون الأبيض لكلام تزينه ألوان الحياة، ألوانٌ منبعثة من إنسانية الفنانة التشكيلية الفلسطينية ختام هيبي أبنة قرية شعب في الجليل، تعود بفنها التشكيليّ لكروم الزيتون وأهل الخيام، ترسم الوطن الباكي شوقا لأهله اللاجئين، وأشجار زيتونا يعتصر ألما ودمعا حنينا لأيدٍ غرسته.
وتعود جذور الفنانة التشكيلية ختام هيبي إلى قرية كويكات المهجرة من عائلة حسن، هي أم لأربعة أبناء، وهي من مواليد أبو سنان، تعلمت الفنون في كلية مركز الجليل، وعلمت موضوع الفنون في المدارس وفي مؤسسات الشبيبة في مجد الكروم، وفي المركز الثقافي شعب وعرابة وكابول، وهي أول من افتتح مرسم الفن التشكيلي في شعب.
تمرد القيد فانكسر فكان الإبداع حليف التمرد، التمرد على المعاناة الانسانية والمشاكل الحياتية واليومية الكثيرة التي يعيشها الفلسطيني في الداخل، تقول هيبي :" كان الكلام عن تلك المعاناة ممنوع، ونحن كنا نخاف على أنفسنا وعلى عائلاتنا، فكنا نصمت، والذي يصمت يصبح عنده مرض التمرد، وهذا التمرد الذي يتملكني، أرسمه بفرشاة لوحة تخلط بين التعبيرية والتجريدية وتحمل العديد من الأحاسيس المتنوعة والغالب عليها سمة التشبث بالأرض والجذور".
عملت الفنانة التشكيلية ختام هيبي على تصوير واستكشاف علاقة الأنثى بالأرض والأشجار وخاصة شجرة الزيتون، من أقرب اللوحات الى قلب الفنانة هيبي قالت:" هي لوحة مشتركة بيني وبين الفنان السخنين محمود بدرانة والتي تتحدث عن شجرة الزيتون، الأرض، الصرخة، الأقصى، الرجل الفلسطيني والمرأة الفلسطينية، وهي تتحدث عن عدة قصص موجودة في لوحة واحدة، هذه اللوحة أفتخر بها جدًّا".إبداعات لونية" معرض لطلاب الفنون من شعب
تدرس الفنانة ختام هيبي مجموعة طلاب موضوع الفن التشكيلي منذ ست سنوات، واستضافت مؤخرا مؤسسة كنعان للثقافة والفنون في طمرة معرض (إبداعات لونية) يضم الأعمال الفنية لطلاب وطالبات الفنانة ختام هيبي وذلك في صالة العرض كنعان في ملاهي التوت طمرة.
ويشارك في المعرض كل من: ملاك خوالد، شذا خوالد، محمد عبد العزيز، عمر أسدي، محمد فاعور، خلال فاعور، نغم خوالد، سوار خطيب، نورا حمدوني، حنين خوالد، رزان خالدي، يزن خالدي، حسن شبيطات، إحسان شبيطات، باسل زعير، غيدا خطيب ومحمد فاعور.
في حديث لــ "عرب 48" مع الفنانة ختام هيبي عن معرض (إبداعات لونية) ذكرت:" يضم المعرض أعمال فنية لــ 17 طالبا وطالبة يتعلمون الفن التشكيلي منذ ستة سنوات، حاولت منذ عدة شهور لافتتاح معرض خاص بأعمالهم إلا أنه كانت صعوبات كثيرة، إلى أن استضافت مؤسسة كنعان للثقافة والفنون للفنانة أحمد كنعان من طمرة المعرض والذي سيستمر لمدة اسبوع".
وتابعت:" يتضاعف عدد طلاب الفن التشكيلي سنويا، وهناك رغبة وإقبال شديد من قبل الطلاب، ويجب أن يكون دعم وتقدير بشكل أوسع لمجموعة الفنانين الناشئين الذين يحملون فكرا ورؤيا مستقبلية يجب ان لا يُستهان بها، هم يستحقون المساندة لتطوير قدراتهم وحثهم لتحقيق رؤيتهم".
رسالة الفن من الفنانة وطلابها للعالم
وتطرقت الفنانة ختام هيبي للرسائل الفنية التي تنقلها وطلابها للمحيط القريب على أمل أن تصل هذه الرسائل من خلال الفن للعالم وتقول "لدينا رسائل عديدة ومتنوعة ننقلها من خلال الفن الذي يسري بعروقي، وخلال التدريب لموضوع الفن أرشد الطلاب وأفهمهم أن الفن رسالة، وهذه الرسالة يجب أن تصل، فتجد بأن الطلاب يختارون قضايا معينة ويعبرون عنها من خلال الرسم قد تكون قضية حياتية او سياسية اجتماعية وأخرى".
وعن أبرز الأعمال الفنية التي يضمها معرض (إبداعات لونية) تحدثت هيبي:" يجسد الطالب مروان فاعور المرأة الفلسطينية وكأنها جذور أساسية في القضية الفلسطينية ولا يقلل من قيمة القدس والمسجد الأقصى، فيربط بين مجاور عديد منها المرأة الفلسطينية والأقصى وشجرة الزيتون في لوحته ويختار الألوان الحادة الأبيض والأسود ليؤكد أن العودة حق قادم قريبا".
وتابعت:" كذلك لوحة للطالبة شذى خوالد والتي أخذت صورة لامرأة مسنة من شعب وقامت بإضافة تعابير على وجهها من تجاعيد وجعلت نظرة المرأة أكثر حدة كذلك اختارت خلفية للصورة الخيام نسبة إلى مخيمات الشتات بالإضافة لاختيارها ثمرة الرمان والتي مرتبطة أيضا بأرض فلسطين، ولوحة أخرى للطالبة ملاك خوالد والتي اختارت أن ترسم جدها الذي توفي بعد اسبوعين من بداية رسم اللوحة فكانت الطالبة تبكي في كل مرة تواصل رسم اللوحة".
الطفلة السورية الموناليزا
يعرض الطالب عمر أسدي في لوحته " الطفلة السورية الموناليزا" وعن هذه اللوحة تقول معلمته الفنانة ختام هيبي: "اللوحة تضم صورة لطفلة سورية وقد أختار الطالب عمر ألوان عديدة ليلون صورة الطفلة السورية، هذه الطفلة تقف وبجانبها صورة للوحة الموناليزا التي رسمها باللونين الأبيض والأسود ليؤكد بأن الأهم في الصورة هي ابتسامة الطفلة السورية التي هي أهم من لوحة الموناليزا".
لكن يركز في لوحته على بسمة الطفلة السورية التي يؤكد للعالم بأن بسمة الأطفال في سوريا هي أبرز يمكن أن نعمل لأجل أسدي صف تاسع صورة لطفلة من سورية ابتسامة المونليزا، حيث عكس الشخصية الموجودة مع الوان وهنا أبيض وأسود ، ومع خلفية المونليزا يعطي للعالم أن الشخصية المهمة وليست الأساسية، مع إبراز البسمة للطفلة.
"جذور" مشروع فني مستقبلي عن القرى المهجرة للفنانة هيبي
هذا وتحضر الفنانة هيبي لافتتاح معرضا قريبا يحمل أسم "جذور" لعرض أعمال فنية تتحدث عن القرى المهجرة الفلسطينية، وسيكون التركيز على أشجار الزيتون في القرى المهجرة، وعن هذا المشروع قالت:" توجد علاقة عميقة بيني وبين شجرة الزيتون لا يمكن التعبير عنها بالكلمة، وتعبيري بالريشة هو أقوى، هذه الشجرة التي تمثلنا كفلسطينيين هي جذورنا وهي مقدسة ووردت في القرآن الكريم، وهذا ما ندرسه لطلابنا".
يشار الى أن الفنانة أفتتحت معرض ثابت في بيتها، وهو مفتوح للمجموعات والأفراد لزيارته وتذوق الفن، وهي دعوة لتطوير المجال الفني في قرية شعب والمجتمع العربي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها