عليكم الانتظار فلا يوجد حتى اللحظة تنسيق لكم لدى الجانب الإسرائيلي يسمح لكم بالمرور إلى الضفة، زميلتي تحمل بيدها تصريحاً ساري المفعول وممهوراً بتاريخ إنتهاء لم نصل إليه بعد، ورغم ذلك هي الأخرى بحاجة إلى تنسيق مسبق، والتنسيق يحتاجه الكبير كما يحتاجه الصغير حتى وإن كان في الأيام الأولى من عمره، وتنسيق المرور إلى الضفة لا يسمح لك بأن تعرج على القدس ولا أن تصلي في مسجدها، والتنسيق الذي تحتاجه إليها هو أكثر صعوبة عمن سواه، وإذا أردت أن تغادر الوطن من بوابته الشمالية فأنت بحاجة إلى تنسيق مسبق آخر طالما أن محل اقامتك هو غزة.
المريض هو الآخر لا يشفع له مرضه بتجاوز متاهات التنسيق، فبعد أن يتمكن من استكمال النماذج والتقارير الطبية المتعلقة بمرضه والتي تتطلب علاجه بالخارج، عليه ان ينتظر التنسيق بين دائرة العلاج بالخارج المقيمة في غزة مع نظيرتها في الضفة، والموافقة تعني التقدم للخطوة التالية المتعلقة بالتنسيق مع المستشفى لمعرفة مدى جاهزيتها لاستقبال الحالة المرضية سواء كان المستشفى داخل الخط الأخضر أو في الضفة، ولا يعني موافقة المستشفى انتهاء إجراءات المريض التنسيقية، فهو بحاجة إلى تنسيق مع الجانب الإسرائيلي للسماح له بالمرور، وإذا ما فكرت في مغادرة الوطن من بوابته الجنوبية فيجب أن يسير التنسيق بمحاذاة التفكير، فأنت بحاجة إلى تنسيق محلي كي يتم إدراجك ضمن كشوفات المسافرين، وأيضاً بحاجة إلى الشيء ذاته مع الأشقاء في مصر كي يسمح لك بالمرور إلى الأراضي المصرية، وإن كانت التحويلة المرضية تتكفل هنا بتيسير الأمر.
لا يمكن لنا الحديث عن التنسيق دون التطرق للتنسيق الأمني "سيئ الصيت والسمعة"، وإن كنا نجهل تفاصيله وماهيته وما نعلمه عنه أن اتفاق أوسلو الزمنا به، فهل بقي من اتفاق أوسلو وما تبعه من اتفاقيات ما يلزم حكومة الاحتلال بشيء كي نلتزم نحن بما علينا من التزامات؟، وهل يسمح لنا هذا الشكل البغيض من التنسيق تقليص حجم الانتهاكات الاسرائلية اليومية بحق شعبنا؟.
سبق أن كنا بحاجة للتنسيق بين الضفة وقطاع غزة فيما يتعلق بموعد بدء العام الدراسي الجديد وإعلان نتائج الثانوية العامة، ومواعيد الإجازة في المؤسسات الحكومية بما في ذلك الإجازة الإسبوعية، وساعات الدوام في شهر رمضان ورؤية الهلال، وتعديل عقارب الساعة طبقاً للتوقيت الشتوي والصيفي، وموسم الحج بتفاصيله الدقيقة، نجحنا أحياناً وأخفقنا في أحيان أخرى، وما كان لحكومة التوافق أن تخرج إلى النور إلا بعد تنسيق دقيق بين حركتي فتح وحماس تناول كل اسم فيها، ونتاج التنسيق في ذلك أسميناه تجاوزاً حكومة التوافق، وهي بحاجة لأن تسلك طريق التنسيق بين الضفة وقطاع غزة في كل خطوة من خطواتها، فمن غير اللائق أن يكون لدينا إجازة لقطف الزيتون في الضفة دون قطاع غزة.
البديهي أن تكون سنوات الانقسام، وحاجتنا الملحة خلالها للتنسيق بين الضفة وقطاع غزة في جوانب عدة، أكسبتنا الكثير من خبرة التنسيق فيما بيننا، وهو ما يجب أن يسهل علينا أن نمضي بوتيرة أسرع في اتجاه توحيد العمل والأداء، حتى وإن تطلب الأمر التنسيق في صغائر الأمور، طالما أنه بات ضمن مكونات حياتنا اليومية ومتاهاتها.
متاهات: بقلم اسامة الفرا
19-10-2014
مشاهدة: 865
اسامة الفرا
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها