اليوم الجمعة الموافق الثاني من نوفمبر / تشرين الثانيتحل الذكرى الخامسة والتسعون لوعد بلفور المشؤوم . وعد وزير خارجية بريطانيا العظمىالاسبق في العام 1917، الذي تعهدت فيه الحكومة البريطانية بإقامة «وطن قومي» لليهودالصهاينة على حساب الارض والشعب العربي الفلسطيني. وهو ما تحقق فعليا في الرابع عشرمن مايو / ايار 1948 بدعم قوى الغرب عموما وبريطانيا خصوصا.

ليس الهدف بعد مرور خمسة وتسعين عاما البكاء على الاطلال،واللطم على الخدود ، وندب الحظ الفلسطيني، انما السعي لاستخلاص بعض العبر والدروس،ووضع اليد على الجرح الفلسطيني والعربي. فما هي الدروس المستفادة عند التوقف امام الذكرىالبشعة ؟ وماذا يريد الفلسطينيون من الذات الوطنية؟ والى متى ستبقى حالة التيه مستمرة؟

باختصار شديد, الشعب الفلسطيني، الذي امتشق راية الكفاحالوطني مع مطلع الـ 1965 لتحقيق الاهداف الوطنية في الحرية والاستقلال وتقرير المصيروضمان حل عادل للاجئين الفلسطينيين، أمسك منذ ذلك التاريخ، وتلك الانطلاقة بتلابيبالدروس والعبر، وادرك ان لا خيار لاعادة الاعتبار للقضية الوطنية ومصالح واهداف الشعبالعليا إلا باسماع العالم الصوت عاليا. الامر الذي ارغم العالم على الانصات لصوت الشعبالعربي الفلسطيني، وصوت لصالحه في المنابر الدولية وخاصة مجلس الامن والجمعية العامةوالمنظمات الاممية المتفرعة من الامم المتحدة.

لكن الانخراط في عملية التسوية على اساس اتفاقيات اوسلو،التي اساءت للحقوق والاهداف الوطنية، لا بل مسختها بطريقة غير مسبوقة، رغم بعض النقاطالايجابية، التي حملتها تلك الاتفاقات. فضلا عن عدم التطبيق الخلاق من قبل القياداتالسياسية الممسكة بالقرار الوطني للاستراتيجية الوطنية، والسقوط في براثن اللعبة الصهيونية? الاميركية والنظام العربي الرسمي، أفقد القيادة العديد من اوراق القوة، ووضعها فيمآزق خطيرة تلقي بظلالها على واقع الحال الوطني، حيث بات الانقسام والانقلاب والضعفوالتآكل سيد الاحوال؛ وأخذ العرب يتواطأون على منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعيوالوحيد للشعب، ويدعمون الانقلاب والانقلابيين الحمساويين، وعمليا نفضوا ايديهم مندعم المنظمة والسلطة وحكومتها الشرعية ، رغم القرارات المتتالية المؤكدة على «التزامهمبالدعم»؟ ، والعالم وخاصة الراعي الاساسي لعملية السلام ، الولايات المتحدة وقفت، وتقفبقوة وبثبات خلف دولة التطهير العرقي الاسرائيلية وجرائمها وارهابها الدولاني؛ وباقياطراف الرباعية لا تقوى على البوح بمواقفها خشية السوط الاميركي، اضافة الى ان بعضهايتساوق مع توجهات اسرائيل واميركا في السر والعلانية.

إذاً الحالة الوطنية لا تسر صديقا ولا تكيد عدا. ماالعمل ؟ العمل المناسب يتمثل في:

اولا: استعادة الوطنية الوطنية، والتخلص من الانقلابالحمساوي بكل الوسائل المتاحة، لان اعادة الاعتبار للشعب واهدافه الوطنية، يكمن فياستعادة وحدته الوطنية للرد على الاصوات العبثية المنادية بـ»الفيدرالية» او «الكونفيدرالية»،وللرد على الانقلابيين، الذين يسيرون بخطى حثيثة لتأبيد الامارة في محافظات غزة بدعممن حركة الاخوان المسلمين وقطر والبحرين ومن لف لفهم. ثانيا المضي قدما في الحصول علىعضوية دولة فلسطين غير الكاملة في الامم المتحدة، لايقاف الصراع الفلسطيني ? الاسرائيليعلى قدميه، وازالة الالتباس الناجم عن الاتفاقات الاوسلوية البائسة.

ثالثا: اعطاء المقاومة الشعبية شحنة قوية من التنظيموالتخطيط والدعم والارادة ، وعدم الخشية من الشعب، لانه دون تطور المقاومة ، وارتفاعمنسوبها اليومي والاسبوعي سيبقى العالم في منأى عن مصالح الشعب الفلسطيني، والمكاسبوالانجازات، التي حققها الشعب على مدار سني كفاحه الوطني ستذروها الرياح، كما ذهبتقرارات اممية عديدة تتعلق بالدولة الفلسطينية وحق العودة واشكال النضال وغيرها الكثيرالكثير.

رابعا: العمل على اشتقاق برنامج عمل وطني جديد يستجيبلمصالح الشعب الاستراتيجية والتكتيكية، لان برنامج العمل القائم انتهت مدته وقابليتهللحياة.

خامسا: على القوى الوطنية اعادة النظر في هياكلها وسياساتهاواساليبها السياسية والتنظيمية والادارية والثقافية، لا سيما ان تجربة الانتخابات البلديةوالقروية الاخيرة ، اكدت باليقين القاطع ألا وجود ولا حضور بالمعنى الدقيق للفصائلفي اوساط الجماهير الشعبية، وتغلبت العشائرية والمصالح الصغيرة على المصالح الوطنية،لان ابناء الشعب فقدوا الثقة بالقيادات الفصائلية والحزبية.

كما ان الذكرى الخامسة والتسعين للوعد المشؤوم تطرحالكثير الكثير من الاسئلة والاستخلاصات ، على كل إنسان في الشعب وخاصة القيادة الشرعيةالتوقف امام كل التساؤلات والافكار والتدقيق فيها، لأخذ المفيد منها والعمل على اساسه.وكفى انتظارا.. الشعب يريد الحرية والاستقلال وتقرير المصير وضمان حق العودة للاجئينعلى اساس القرار الدولي 194..