خاص /مجلة القدس

 

ليتني سمرةُ الليل... خيالُ الغياب

أتدثَّرُ جلبابَ الهذيانِ

تعبرُني الأغنياتُ

ليتَ لي صدىً من شغب...

مخلباً من قرنفلٍ ليت لي..

ليتني أقطفُ من شفقِ الهمس صوتاً

في مهجةِ الغيبِ أزرعُهُ

أيني من حرارة المعنى

أيني من لهفٍ كاشتعال؟

صورتي

بعضُ انبهار عابر

كغزالٍ هرمتْ رُباه

كلَّ صفاتِ النقصِ شربتُها

كأن.. عند أسواري، ماتَ الكمال.

تائهةٌ أشواقُ أمسي

وحنيني

تدحرجَ على أرصفةِ البدايات

كالحيرةُ الدهماء

في الجهاتِ ضائعةٌ خطاي

ذابلٌ في خاطري الموّال.

لغتي

مسكينةٌ لغتي

أنزَفتُها رحيقَ سوسنِها

لكي تأنسَ بغفوتها

أسدلتُ عليها ستائرَ التعب

على أعناق حروفي معانٍ مسبيَّةِ

وورودي

سقطتْ عن عقدِ عاشقها

كإصبعِ العازف

بعدَ أن خمدَ الحريق.

والصدأً

قبلَ تغويني بقبلةٍ شفتي

أنهكَ الصدأُ ضحكتي الجميلة

صرت..

رمادَ فرحتي مستحيلة

مَنْ يُرمِّمني...

منْ يعيدُني عربيداً كالسكارى

ألمْ أكن العاصفة؟

تقزَّمَتْ عاصفتي النبيلة.

بلا موعدٍ يحضرُ صمتي

كموجةٍ عمياءُ يحضرُ

كالممحاة النزقة

يقتلعُ براعمَ بهجتي

يخبِّئُني

أيُّ الحتوف تغتالُني

فأنا.. أنا الآن صنمٌ مَيْتْ.

ليتني لم أزلْ مغموراً

أتنزَّهُ بين النسيان وغربتي

وهناك

وراءَ حواسِّ الخيال

أُهجِّي تقاسيمَ اللحنِ في براري القرى

أروِّضُ الأعنَّةَ في كهوفِ الصدى

وأحلُمُ أن أضيءَ المرايا

أقطفُ بيديَّ السحاب

أولمُ للجهاتِ جفني

ليتني وليتني.. أجدْتُ الغياب.

كان لي ملامحُ غامقة

مسكونةٌ تضاريسُها بِعَرَقِ الرياحين

عذبٌ صمتُها

هيفاءٌ أنثاها

عن صحكةٍ تراودُني

حين اختلائي بالنعاسِ.. تعانقُني.

وسيمٌ صمتي

كشتلةِ تبغٍ مرَّة

صافٍ.. كنسمةٍ تنهَّدتها سنديانةٌ عجوز

أينَ زمانُكِ ملامحي؟

كانَ بكِ من الصخر

صفاتٌ تكفي لبناءِ قلعة

واأسفي

كلَّ الدروبِ عبرتني

كلُّ الخطى مشتني

وأنا

لم أزلْ أُسلِّفُ الشوكَ وجعي

لم أزلْ أُمنِّيه خنجرتي.. خارطتي

أنهَرُ جُرحيَ.. لئلّا يهزمَ الوجع

أنهَرُهُ

علَّ الوخزَ يوقظُ آهتي.

أعيدوني إليّ

إلى خطايَ الأصيلة

أعيدوني إلى قندولٍ... وغار

إلى نبرة الأحرارِ في كُتبي

هناك

لم يزلْ فتياً غبارُ البدايات

ورهبانُ مطارحي

يبسِمون

يحلمون

ينقشونَ الدمَع في النايات.

حمقاءُ لم تزَلْ

غيومُ المطرِ السمراء

وتلكَ الداليةُ الفتية

عصيَّةٌ عناقيدُها

تهابُها شظايا الفناء.

هناك

لا كفَّ مثقوبةً أصافح

والمارقُ الشبقُ

لا أُسكنْهُ مطارحي

فأنا.. أنا الحُرُّ

لا تغويني مدائحهُمُ

لا ترويني مناهلُهُم

أنا الحُرُّ

قامتي محرابُ الندى

عيني..

معشوقةُ العلياء.