في مقارنة حاول الاعتذار عنها الكاتب الإسرائيلي حامي شاليف، في موقع صحيفة "هآرتس"، يقارن فيها بين أجواء العنصرية اليوم في إسرائيل، وبين ما كان سائدا في ألمانيا في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي.
وكتب أن "ذوي القمصان البنية الـ "أس إيه"، بدأوا حملة عربدة في التاسع من آذار/مارس عام 1933. وفي الغداة نشر في "مانشستر غارديان": "تعرض أناس كثيرون، غالبيتهم يبدو أنهم يهود، في شوارع برلين، وأسقطوا أرضا. بعضهم أصيب بجروح خطيرة. ولم يكن أمام الشرطة سوى نقل الجرحى إلى المستشفيات. ذوو القمصان البنية ضربوا اليهود حتى نزفت الدماء على وجوههم وأيديهم".
ويشير شاليف إلى أن وولتر غيسلينج كتب في مذكراته: "أمام ناظري، لاحق جنود العاصفة، والزبد يخرج من أفواههم كحيوانات متفرسة، شخصا وجلدوه في وضح النهار".
وفيما يعتذر الكاتب لجمهور القراء الإسرائيليين عن المقارنة مع ألمانيا النازية، ويوضح للقراء أن والديه فقدا عائلتيهما في الحرب العالمية الثانية، يتابع أن ذلك يخطر بباله للوهلة الأولى، (وبحسبه يفترض أن يخطر ببال كل يهودي)، عندما يرى كتائب عنصريين يهود يركضون في شوارع القدس وهم يصرخون "الموت للعرب"، ويبحثون عن عرب بحسب لباسهم وملامحهم ولهجتهم، ويلاحقونهم في وضح النهار و"الزبد يخرج من أفواههم كحيوانات مفترسة" (كلمات الكاتب)، ويوسعونهم ضربا قبل أن تأتي الشرطة.
وفي حين يقول الكاتب إنه يصلي من أجل ألا يكون قتل الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير بدوافع قومية، يستدرك بالقول: "كلنا نعرف أن عصابة البلطجية اليهودية ليس ظاهرة شاذة. فليس الحديث عن انفجار غضب لمرة واحدة لا يمكن السيطرة عليها بسبب مقتل المستوطنين الثلاثة. فالعنصرية المستشرية ليست قائمة في الفراغ، وإنما هي ظاهرة تنتشر من الهوامش إلى أجزاء واسعة من المجتمع، وتتغذى على ذخيرة القمع والضحايا والشعور بالنقص والشعور بالفوقية أيضا، ويدعهما سياسيون وكتاب ملوا من الديمقراطية وضعفها". ويتساءل: "كيف يمكننا أن نقول بلطف: شعب واحد ودولة واحدة، ومع مرور الزمن زعيم واحد".
ويشير الكاتب إلى صفحة التواصل الاجتماعي التي تدعو للانتقام لمقتل المستوطنين الثلاثة، والتي حظيت بعشرات آلاف المتابعين، ومئات المطالبين بتصفية عرب لمجرد أنهم عرب. وهناك صفحة أخرى مماثلة تدعو لإعدام اليساريين المتطرفين حظيت بإعجاب أكثر من 10 آلاف شخص، وتتضمن اقتراحات عملية مماثلة. ويضيف أنه "في كل يوم يتلوث الحيز العام بتعليقات تقطر سما، وتتضمن نوعا خسيسا من العنصرية مع دعوات لتشجيع التدمير والقتل وإبادة شعب".
ويتابع الكاتب أنه قد تسلق هذه "العربة" أعضاء كنيست ومنتخبين، والذين يموهون على العنصرية التي في كلماتهم بفقرات من التوراه، التي "تدعو إله الانتقام إلى التصرف مع أعدائنا كما فعل مع العماليق". ويشير في هذا السياق إلى ديفيد روبين، رئيس السلطة المحلية في مستوطنة "شيلاه" سابقا، والذي كتب مقالا في موقع القناة السابعة (آي أن أن)، حيث كتب: "العدو هو العدو. والطريق الوحدية للانتصار في الحرب هي القضاء على العدو، بدون الأخذ بعين الاعتبار أكثر من اللازم السؤال من هم الجنود ومن هم المدنيون. نحن اليهود نوجه قذائفنا أولا للأهداف العسكرية، ولكن لا يوجد ضرورة للإحساس بالذنب عندما نخل بالحياة الهادئة، أو نصيب أو نقتل مدنيين أعداء، فكلهم مؤيدون لفتح وحماس".
ويتابع أنه "يحلق فوق هؤلاء بنيامين نتانياهو ووزراؤه، الذين يدأبون على وصف الصراع بمصطلحات خير وشر، عندما يصفون الأعداء بالكارهين لهم منذ الوالد، وأنهم قتلة واعدون، وأنهم كتلة إرهابية واحدة، بينما لا يظهرون أدنى حد من التفهم أو الشفقة على مليونين من البشر يعيشون منذ نصف قرن تحت الاحتلال، وفي الوقت نفسه يزرعون شعورا بأن كل العالم ضدنا، ولذلك فكل شيء مسموح، فنفتح أبواب جهنم تدريجيا".
وينهي الكاتب مقالته بالقول إن المقارنة تصبح سارية المفعول مع القول المعروف لـ أدموند باراك، والذي جاء فيه أنه "يكفي ألا يفعل الأخيار شيئا لكي ينتصر الشر"، مشيرا إلى أن ذلك كان صحيحا في برلين مع بداية سنوات الثلاثينيات، وقد تكون صحيحة اليوم في إسرائيل أيضا، و"إذا واصل الأخيار عدم فعل أي شيء، فإن الشر سوف ينتصر، ولن يستغرق ذلك وقتا طويلا".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها