لا يهم القضية الفلسطينية ولا العمل النضالي الفلسطيني أن تُقام المعارض أو أن تُنصب ميكروفونات الخطابات ولا حتى مدى تقنية الدبكة و"أووف" أغنية "علِّي الكوفية" فقط، بل يُهِمها  هدف وجِديّة العمل الفلسطيني بما ستُحقِّقه تلك الفعاليات في دفع مسيرة الشعب العربي الفلسطيني الذي يُحتِّم علينا أن ننفُضَ الغبار عن مرآة وعدسات مناظرنا الشخصية لنستطيع التحليل والتقييم بالمنظور الوطني وفق الوطنية  الفلسطينية الجامعة في الوطن والشتات.

في الأسبوع الماضي وامتدادًا من 5 حزيران وحتى 7 حزيران، نظَّم الاتحاد العام للجاليات الفلسطينية في أوروبا، في العاصمة المجرية "بودابست"، مهرجانه الثاني بهدف التضامن مع الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية تحت عنوان "العودة الى يافا"، تخلّله ندوة حوارية سياسية ديمقراطية هادفة عنوانها  "حلم الدولة من اوسلو الى فشل المفاوضات".

وخلال الندوة تمَّت مناقشة كم متَّسع من بوابة اوسلو في الجغرافيا والتاريخ الفلسطيني، وما ترتَّب عليها من تبعية فتح بوابات التأييد الدولي الذي حقَّق الاعتراف بالدولة الفلسطينية "عضوًا مراقبًا"، وما سبقها من أهمية التواصل الحقيقي على كل الأرض الفلسطينية التاريخية مع جماهيرنا في المناطق المحتلة منذ العام 1948، وأيضًا عوارض وسلبيات اتفاق المبادئ (أوسلو) من وجهة نظر أخرى نحترمها.

واختُتِم المهرجان بوصلة فولكلورية فنية توّجَت المهرجان الثاني لاتحاد الجاليات الفلسطينية في اوروبا في تأصيل الذاكرة والمستقبل في الأجيال الشابة ساكنة المهرجان .

بالرأي الهادف لا بد لنا ان نُحلِّل (النتيجة) بالهدف الذي عُقد من أجله المهرجان الثاني لاتحاد الجاليات الفلسطينية في أوروبا، وأول مفاصله أهمية الخروج من العباءة الذاتية الفصائلية التي تعوّدنا عليها في المهرجانات الفلسطينية السابقة العديدة في شتى مدن الشتات الأوروبي، إذ إن الحاضرين الأعضاء والمدعوين الضيوف كان همهم في اليوم الأول هو آليات وكيفية التحرُّك تبعًا للقانون الدولي للمساهمة في رفع الظلم الإنساني عن الأسرى الفلسطينيين لنيل حقوقهم، حيثُ بحث الآلية القانونية كوكبة من الحقوقيين الدوليين المشاركة في اعمال المهرجان الذي يمكن وصفه بالخطوة الدولية الهادف ذات الصبغة (العملية) الإنسانية العالمية للأسرى الفلسطينيين دون استثناء او إقصاء لأي من كان او يكون، ضمن التدويل القضائي الدولي للنظر بقضية الأسرى بمنظور الحق في النضال المشروع ضد الاحتلال ومصادرة الحريات وحقهم في محاكمة ومطاردة جلاديهم وفق القانون الدولي الذي عُمِل به في محاكمات مدينة "نورنبيرغ" الألمانية ضد النازيين بعد الحرب العالمية الثانية وما تلاها من محاكمات في مدينة لاهاي الهولندية في الآونة الأخيرة .

اما المفصل الثاني غير الـمُعتاد في مؤتمراتنا الفلسطينية، كانت في الشتات او فيما تبقى من الوطن (بشطرَيه)، أن المهرجان لم يتعرّض ولم يكن هدفه أو هدف أي من المشاركين فيه أي تعصُّب للذات أو تجريح للآخرين من الرأي الآخر من على مِنبَر مهرجان الإتحاد العام للجاليات الفلسطينية، بل كان مُسدّدًا بهدف الإرتقاء الى العمل المشترَك لكل مشارب الشتات الفلسطيني في اوروبا مٌمَثلا بقدوة العمل المشترك تاركين (الردح) على القبور التي لا تُحيي ميتا!

بالمفصل الثالث، ووفق مشاهدتي، حقّق الاتحاد العام للجاليات الفلسطينية في الشتات الأوروبي نقلة نوعية صادقة في بيانه الختامي إذ اتسم بالموضوعية ودقة الهدف والعمل العلمي المبرمج الذي وضع (خارطة طريق) مهمة في عمل وهدف الجاليات الفلسطينية في اوروبا وعموم الشتات عندما يُحكم العمل بميزان الوطنية الفلسطينية بعيدًا عن التبذير السياسي ببذور الفصائلية وجهل واقع الحاضر، آخذًا بعين الاعتبار الشابات والشبان الذين توافدوا الى وصلة فولكلورية في المهرجان (بالكم) الهائل من الفلسطينية العروبية التي خزَّنها هذا العمل (الفلسطيني) وعززته عروس شابة فلسطينية من شبيبة الجيل الثاني، الثالث، التي تعيش في المجر بعرافتها وتنظيمها للمهرجان دون ان نقفز عن شكر الجالية الفلسطينية في المجر وجميع من شارك وموَّل هذا الحدث الحضاري.

أحمد دغلس