أن تعيش 15 عاما مغمورا بالهواجس من أنتجد نفسك محاصرا بالنيران، أو برصاص غير طائش من بندقية يمتشقها جارك المصاب بالعصاب،فذلك يعني، من بين أشياء كثيرة، أنك مهووس بنمط "فدائي" من الحياة يستحقتحويله إلى فلم سينمائي ؛ لكن أن تعيش حياة كهذه دون أن ينتبه أحد إلى "فدائيتك"،ففي ذلك قدر من المرارة لن يتمكن من مقاربتها أي من الممثلين..؛ حتى الهندي الشهير"أميتاب باتشان" ...

 

على نحو ذلك ، يعيش المواطن شادي سدر و13 شخصا هم أفراد عائلته بالبلدة العتيقة في الخليل ، حيث المنزل الذي يؤوي العائلةملاصقا لمبنى "الدبويا" الذي يحتله المستوطنون الإسرائيليون منذ 35 عاماو يطلقون عليه اسم "بيت هداسا"، فيما العائلة التي يصعب عليها حصر عدد الاعتداءاتالتي استهدفتها من قبل نزلاء المبنى، تتذكر فقط أن نصف أفرادها أصيبوا جراء الإعتداءاتالمتكررة بحروق في أنحاء من أجسامهم، وأن طفلا فقد قدرته على الإبصار بإحدى عينيه بعدأن رشق مستوطن وجهه بمادة حارقة، وتتذكر أيضا أن شادي ( 30 عاما ) كان أصيب بالرصاصمرتين ( في أحد كتفيه و إحدى قدميه ) وبحجر كبير مرة واحدة، بعد أن ألقاه مستوطن علىرأسه ما استدعى إدخاله قسم العناية المكثفة بالمستشفى !

 

قال شادي سدر لـ دوت كوم وهو يشرح نمط حياةاستثنائي يعيشه مع والدته و أسرته و أسرة شقيقه – قال أن المستوطنين يدأبون على رجمالحجارة كما لو أنهم يمارسون نوعا من العبادة، مشيرا إلى أن بعضهم كان أطلق على المنزلاسم "بيت الشيطان" ؛ كنوع من التحريض و لحث أطفالهم على مواصلة رجم المنزلبالحجارة أو بالزجاجات الفارغة ؛ إضافة إلى إغراقهم المنزل بالمياه أو إطلاق المفرقعاتليلا أسفل النوافذ ؛ وكل ذلك – كما أشار – بغرض إرغام العائلة على الرحيل.

 

 

من بين الاحتراسات التي تتبعها عائلتا المواطنينشادي سدر و شقيقه لتجنب إصابات محتملة بفعل الإعتداءات المتكررة التي بنفذها المستوطنون،الإمتناع عن الصعود إلى سطح المنزل أو فتح إي من النوافذ التي تطل على المستوطنين،فيما حول الأخيرون مدخل المنزل الوحيد المطل على "سوق الذهب" ( تم إغلاقهفي وجه المواطنين قبل 12 عاما ) إلى مكب لنفاياتهم، بينما حولوا أسطح متاجر السوق المغلقةإلى ملعب لأطفالهم.

 

لأجل تجنيب أفراد عائلتيهما إصابات إضافيةمحتملة بفعل اعتداءات المستوطنين التي لا تنقطع على المنزل الذي يستاجرانه منذ 15 عاما،يتناوب الشقيقان على التعطل عن العمل بغرض حراسة المنزل و حماية الأطفال، فيما يؤكدشادي أن عائلتيهما لن تغادرا المنزل برغم تصدع جدرانه، فهو بات بالنسبة لكليهما" وطنا يستحق البقاء فيه" ؛ غير أنهما – بحسب حديثه لـ دوت كوم – يستشعرانمرارة الخذلان، إذ "لا أحد" من الجهات المختصة في السلطة الفلسطينية يلتفتإلى معاناتهم، ولو بتوفير ما تيسر من دعم يقتضيه اضطرارهما للتناوب على ترك العمل لأجلحراسة بقاء العائلتين بالمنزل !