تمت المصالحة بين مختلف القوى الفلسطينية التي عاشت حالة من الانقسام المدمِّر، والأهم أنها كانت برعاية القيادة المصرية الجديدة التي تحظى باحترام مختلف القيادات الفلسطينية، هذه القيادة التي أفرزتها الثورة المصرية والتي تمتلك الرؤية الوطنية والقومية الحريصة على إنضاج الدور المصري المطلوب تجاه القضية الفلسطينية، وهي القضية المركزية التي تدخل في الاهتمامات المصرية القومية والأمنية.
الجهود الفلسطينية الفلسطينية التي سبقت التوقيع، وكانت بتوجيه صادق من الرئيس أبو مازن لتوحيد الصف وإنهاء الانقسام استعداداً لخوض المعركة المصيرية ضد الاحتلال الاسرائيلي ومخططاته الاستيطانية والتهويدية، والتي بلغت ذروتها عندما طرح الرئيس أبو مازن مبادرته الشهيرة بإعلان استعداده للذهاب إلى قطاع غزة ، والاتفاق هناك على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية من كفاءات تمتلك القدرة على معالجة وإنجاز الاستحقاقات المطلوبة لإعادة بناء ما تهدَّم ، ولوضع الترتيبات المطلوبة للانتخابات القادمة في كل أرجاء الوطن، والاتفاق على كيفية إعادة إعمار ما تهدَّم في قطاع غزة.
نحن في حركة فتح لا يسعنا إلاّ أن نبارك، ونساند هذه المصالحة الوطنية التي جاءت بعد معاناة مريرة طالت الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات حيث كانت التكاليف باهظة على كافة المستويات الوطنية والاجتماعية. ولا شك أن الخطاب السياسي للرئيس أبو مازن من موقع المسؤولية كرئيس منتخب كان واضحاً في تحديد المعطيات الجديدة، والصلاحيات الرئاسية والحكومية، والإصرار على الانتخابات كعامل أساسي في إعادة القضية الفلسطينية إلى الشعب الفلسطيني صاحب الحق في تحديد الخيارات المطلوبة مستقبلاً، وصاحب الحق في تقرير المصير. كما أنّ خطاب السيد خالد مشعل حمل معطياتٍ جديدة، والتزامات
جدية أيضاً لتجاوز الماضي وقلب الصفحة السوداء.
من هذا المنطلق نحن نرى أن نجاح هذه المصالحة الفلسطينية التي جاءت بعد مخاض صعب تتوقف على التالي:
أولاً: أن يأخذ الشعب الفلسطيني دوره المسؤول عن حماية الانجازات الوطنية، وفي المقدمة الوحدة الوطنية الضامن الأساسي لتماسك الجبهة الفلسطينية الداخلية.
ثانياً: إنَّ الضوابط التي وضعتها القيادة المصرية المعنية بمتابعة الملف الفلسطيني، والدور الذي ستقوم به في رعاية تنفيذ الاتفاق في مختلف جوانبه ، وخاصة ما يتعلق بالملف الأمني، وملف المصالحة، وملف الانتخابات، هذه الضوابط المصرية الجادة سيكون لها الأثر الكبير.
ثالثاً: أن تلتزم القوى الفلسطينية بإعطاء الأولوية للحوار البنَّاء في التعاطي مع مختلف القضايا الخلافية التي ستبرز خلال تنفيذ الاتفاقية، وهذا يتطلب المصداقية في حماية الخيار الوطني بعيداً عن أية تأثيرات إقليمية دولية.
رابعاً: التوافق على البرنامج السياسي المستقبلي الكفيل بمواجهة التحديات الاسرائيلية، وإزالة الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وذلك على الاراضي الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران العام 1967
خامساً: إعتماد الخطط الموضوعية لإفشال كافة الضغوطات، والعراقيل، والعقبات التي ستعتمدها الولايات المتحدة ومعها الكيان الاسرائيلي لإجهاض المصالحة الفلسطينية والوفاق الوطني الفلسطيني، والذي يتم من خلال المقاطعة، وتجميد الأموال، وشلّ الحركة في الداخل، والمضايقة على المعابر والحواجز، وزيادة الاعتقالات، وهذا يعني الاتفاق على برنامج لمعالجة كافة التحديات.
سادساً: وضع المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني فوق الاعتبارات والأجندات الفصائلية للقضاء نهائياً على مرحلة التدمير الذاتي، والانطلاق باتجاه صناعة مجتمع ديمقراطي يؤمن بالحرية، والشراكة السياسية، والتعددية الحزبية مع وجود سلطة واحدة تتحمل مسؤولية أمن الوطن والمواطن.
سابعاً: ضرورة قيام الفصائل بمراجعة نقدية داخلية على مستوى الأداء، وعلى مستوى نوعية الكادر والمؤسسات التي ستتعاطى مع عملية التغيير والبناء والاصلاح لإزالة حالات التوتر، والانفعال، والتصعيد، والمناكفات التي لا معنى لها.
ثامناً: تجنيد الطاقات الفصائلية والاجتماعية والدينية والثقافية لإنجاز ملف المصالحة ، وما فيه من تعقيدات نتجت عن الممارسات السابقة التي أدت إلى مقتل وجرح المئات من أبناء شعبنا والتي تركت الأحقاد والضغائن، وإيجاد الحلول لمثل هذه التعقيدات سيكون له الفضل في نجاح المصالحة.
رغم مرارة الايام السابقة إلاّ أنّ هذا الاحتفال الوطني ووثيقة المصالحة المباركة من الأسرى ومن أهالي الشهداء، ومن كل الحريصين على القضية الفلسطينية يجعلنا نراهن على نواة الخير الفلسطينية المؤتمنة على ثوابتنا الوطنية وفي المقدمة الرئيس أبو مازن الذي عمل ليلاً نهاراً من أجل الوحدة الوطنية.
تحية النصر والمصالحة إلى كل أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات، والتحية إلى الأسرى الأبطال، وإلى قوافل الشهداء في يوم الوفاء لدمائهم الزكية.
وإنها لثورة حتى النصر
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها