من المفترض، حسب تفاهمات القاهرة الجديدة التي جرت بينعزام الأحمد عن فتح وموسى أبو مرزوق عن حماس – مع الاحتفاظ بالألقاب – أن تعود لجنةالانتخابات المركزية إلى غزة، اليوم الاحد، وأن تبدأ فعليا في تجديد كشوف الناخبينمن واقع السجل المدني من دون أية عوائق أو تأخير.هذا الموعد، هو البوابة الأولى منبوابات المصالحة المستحقة التي أصبحت الأولوية الأولى الآن في ظل المستجدات على الصعيدالداخلي الإسرائيلي، وعلى صعيد الضرورات الفلسطينية الملحة.فوجود لجنة الانتخابات فيغزة، والقيام بعملها المطلوب، هو الذي سيفتح الباب أمام مشاورات تشكيل الحكومة، وليسالأمر مقايضة كما يوحي البعض، بل الأمر ضرورة موضوعية، لأن حكومة الوحدة الوطنية التياتفق في الدوحة أن يتولى رئاستها الرئيس أبو مازن نفسه، لديها مهمة أولى عاجلة، وهيالذهاب إلى الانتخابات الرئاسة والتشريعية في زمن لا يجب أن يتأخر كثيرا، ربما لا يزيدعلى نهاية هذا العام، لأنه من دون أن تمهد هذه الحكومة وتعمل من أجل إجراء الانتخابات،فإنها ستكون حكومة بلا معنى، بلا فائدة، وستكون مجرد لجنة تنسيق هشة بين طرفي الانقسام،أي شرعنة الانقسام، وهذا ما لن يقبل به أحد لا على الصعيد الوطني ولا على الصعيد العربيوالدولي.أحد أبرز مشاكلنا في العمل السياسي الفلسطيني هي المواعيد، والالتزام بالمواعيد،واحترام المواعيد، لأننا قاسينا كثيرا من لعبة إحراق الوقت التي يلعبها معنا الاحتلالعلى امتداد تاريخ المفاوضات، منذ مؤتمر مدريد، تم بعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ المشهورباسم اتفاق أوسلو، وجولات المفاوضات التي جرت في كامب ديفد الثانية، وأنا بولس، قبلأن تتوقف هذه المفاوضات التي يريدها الإسرائيليون أن تستمر تحت عنوان إحراق الوقت فقط،وعدم الوصول إلى شيء حقيقي.كفلسطينيين، جميعنا لدينا عقدة المواعيد المهدورة، والفرصالضائعة، والوقت المحترق والعودة إلى نقطة الصفر !!! وبعد خمس سنوات من عمر الانقسامأصبحت لدينا دراية كاملة بالخسائر الفادحة التي لحقت بقضيتنا، ومشروعنا الوطني، ووحدتناالوطنية، بل الخسائر الفادحة على مستوى صورتنا التي شوهها الانقسام، وتفاصيل حياتناالتي جعلها الانقسام شبه مستحيلة.بطبيعة الحال: فإن كل موعد من أجل أن يتحقق يحتاجإلى حوافز وأجواء محيطة إيجابية، وقد تفاءلنا جدا منذ الرابع من أيار في العام الماضي،حين تكرس على نحو ما شيء اسمه التوافق الوطني، القائم على فكرة التواصل، وتنفيس الاحتقاناتالمتراكمة، وتخفيف حدة الافتعالات الموجهة، وقلنا وقتها، انه حتى لو تأخرت المصالحة،فهي تظل واقفة على الباب، قريبة جدا، أقرب إلينا من حبل الوريد، وأننا يجب ألا نسمحللافتعالات أن تعيدنا إلى حالة من التدهور.و على هذا الطريق، تواصلت لقاءات الرئيسأبو مازن مع مشعل، وجرت حوارات القاهرة، وشكلت اللجان التي تستوعب كل الموضوعات المطروحة،ووصلنا إلى إعلان الدوحة الذي حل عقدة تشكيل الحكومة.و بغض النظر عن بقية الخلافاتالداخلية أو الخلافات الثنائية، واللغة المأساوية التي ينجرف إليها البعض حين تحدثمشكلات على صعيد ملف الكهرباء، أو الوقود أو خلافه، وهي لغة يتعيش منها البعض، إلاأن الطريق بشكل عام ظلت سالكة، والجاهزية ظلت حاضرة، واكتشفنا أننا من خلال حواراتناالواسعة، وعمل اللجان اليومي، أن تضخيم الخلافات والاستعصاءات كان مبالغا فيه جدا،وأن جميع الأمور قابلة للحل حين يتبلور الوعي، وتصدق النوايا، وتتحرر الإرادة من الرهاناتالحمقاء.اليوم سنرى, سيفتح الشعب الفلسطيني عيونه ويرى، وهو متعطش إلى الصدق، والعملالجاد، والانجاز، وخاصة وأن عدونا المتمثل في الاحتلال يتوجه ضدنا بصورة شاملة، ولانعرف كيف سنبرر أنفسنا إذا بقي هذا الانقسام؟