في الحادي عشر من شهر آذار، في العام 1978، عقدت مجموعة دلال المغربي ابنة صبرا وشاتيلا العزمَ على إعادة صياغة التاريخ الفلسطيني هناك على أرض فلسطين التاريخية، وتحديداً على ساحل حيفا- يافا، وفَتَحَ الساحل الفلسطيني ذراعيه مستقبلاً ومرحباً بثلاثة عشر مقاتلاً أصروا على الوصول إلى التراب الفلسطيني المتعطش إلى أبنائه الميامين القادمين من خلف الحدود، محطِّمين الأسلاك والعوائق والقيود، مُقْسمين اليمين بأن تظلَّ الراية مرفوعةً، وأن تبقى فلسطين أغلى من الأرواح والدماء.
استطاعت هذه المجموعة التي حملت اسم كمال عدوان أن تصل إلى عمق الأراضي المحتلة لتبلِّغ الرسالةَ إلى باراك إلى خفافيش الليل الذين اغتالوا القادة كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار وزوجته في العام 1973 عندما تسللوا ليلاً إلى منازل هؤلاء القادة في بيروت وكانت الجريمة. جاءت دلال ومجموعتها لتتحدّى باراك وجيشه وأجهزته الأمنية جهاراً نهاراً، ووجهاً لوجه. هذه العملية التي خطط لها وبرمجها القائد الشهيد أبو جهاد الوزير استطاعت أن توصل الرسالة بكل وضوح وجرأة إلى قادة العدو بأن دماء شهدائنا لن تذهب هدراً، وإنما تنبعث مع الأجيال لتنبت فيهم مشاعر الانتماء، وعزيمة الثوار.
في هذه المناسبة نتذكر أنّ شعبنا المعطاء، شعب الجبارين، والذي أنجب أمثال دلال المغربي ورفاقها الأبطال ليس عاقراً، فكله تصميمٌ على تحقيق أهدافه الوطنية، وتطلعاته المستقبلية، وحماية مكتسباته النضالية.
إنَّ العدوان الإسرائيلي المتجدد والمتواصل منذ ثلاثة أيام باستهداف أبناء شعبنا في قطاع غزة بشكل خاص والذي أسفر حتى صباح 12/3/2012 عن استشهاد حوالي عشرين شهيداً في مشهد مُفجع ومغضب، وهذا ما يطرح علينا جميعاً السؤالَ الواقعي المتعلق بالمصالحة الوطنية الفلسطينية، والسؤال المُلحُّ موجَّهٌ إلى الأخوة في حركة حماس الذين يسيطرون على قطاع غزة الآن بحكم الأمر الواقع، ويعيقون ويعرقلون عملَ اللجان المتفق عليها في وثيقة المصالحة، وخاصة لجنة الانتخابات والمصالحة الاجتماعية، في محاولة جادة لإفشال اتفاق القاهرة وقطر، والعودة إلى الانقسام، إننا نرى أن الردَّ الجاد على العدوان الإسرائيلي هو إفساح المجال أمام تنفيذ بنود المصالحة من أجل المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني.
إنَّ إصرار الكيان الإسرائيلي المحتل على ممارسة العدوان، ومواصلة الاستيطان، وتجاهل قرارات الشرعية الدولية، والتمرد على مساعي الرباعية الدولية المتعلقة بإقامة الدولة الفلسطينية، واعتبار القدس بكاملها عاصمة لها، ورفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتمزيق الأراضي المحتلة في العام 1967 من خلال الحواجز وبناء المستوطنات، إنَّ هذا كله لن يجعلنا نيأس أو نتراجع لأن الثورة مستمرة، والمقاومة مزروعةٌ في وعينا ووجداننا، كما أنَّ الوحدة الوطنية الفلسطينية هي مقياسُ إدراكنا لأبعاد الصراعِ ضد الاحتلال.
في هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا نؤكد لدلال ورفاقها الأبطال الشهداء والأسرى والأحياء، بأن حركتكم الرائدة حركة فتح ستظل وفيةً لدمائكم الزكية الطاهرة، ولن نتراجع عن إنهاء الانقسام الذي أسهم في تدمير الواقع الفلسطيني، وإثارة الفتنة والخلافات، والتلهي بعيداً عن دائرة الفعل والتأثير. نؤكد لدلال ورفاقها ولكل شهداء المسيرة الوطنية بأن حركة فتح متمسكةٌ بإتمام المصالحة الفلسطينية مهما كانت المعيقات، لأننا نتطلَّعُ إلى وحدة الأرض، والشعب، والقضية، واعتماد الاستراتيجية الواضحة التي تحمي ثوابتنا الوطنية، وتفعِّل مقاومتنا الشعبية ضد الاحتلال والجدار والاستيطان، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة في الرابع من حزيران العام 1967، وتكون القدس هي العاصمة الأبدية لدولتنا وشعبنا، وإنجاز العودة إلى الأراضي التي شُرِّدنا منها العام 1948، وأن تكون العودة إستناداً إلى القرار الأممي 194.
نجدد العهد والقسم لقوافل الشهداء بأننا مستمرون في حمل الأمانة.
ونوجه التحية إلى الأسرى الصامدين في الزنازين والمعتقلات، وفي المقدمة أحمد سعدات، ومروان البرغوثي، وفؤاد الشوبكي، والتحية إلى الأسيرة هناء الشلبي التي تخوض معركة الصمود والتحدي بوجه قرارات السجَّان والاحتلال وهي تتسلَّح بالاعتصام عن الطعام الذي مضى عليه حوالي شهر لكسر قرارات السجن الاداري.
التحية إلى شعبنا المكافح المجاهد في الداخل والشتات.
وإنها لثورة حتى النصر.
إقليم حركة فتح - لبنان
مفوضية الاعلام والثقافة
12/3/2012
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها