الرئيس محمود عباس: سنوجه رسائل لنتنياهو والعالم تحدد أسس ومرجعيات


بسم الله الرحمن الرحيم

معالي الأخ الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر، معالي الأخ الأمين العام، أصحاب السمو والمعالي والسعادة،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بداية أرجو أن أرحب معكم بالإخوة الوزراء، رفيق عبد السلام وزير خارجية تونس، والأخ سعد الدين العثماني وزير خارجية المغرب، والأخ عاشور بن خيال وزير خارجية ليبيا، ونتمنى لهم التوفيق في مهماتهم.

أيها الأخوة نحن نشكركم شكرا جزيلا على تخصيصكم هذه الدورة بالإضافة إلى مواضيع أخرى هامة في الوطن العربي من مشاغل كثيرة، أيضا القضية الفلسطينية لها حيز في أفكاركم وعقولكم، في جهودكم واجتهاداتكم، لذلك نقدر لكم هذا الجهد الذي تخصصونه لقضيتكم الكبرى قضية فلسطين.

هناك أيها الأخوة موضوعان أساسيان أريد أن أطرحهما عليكم، الأول هو المصالحة الداخلية الفلسطينية الداخلية تلك المصالحة التي جاءت نتيجة انقلاب وقع قبل أكثر من 4 سنوات، وتوليتم أنتم بالجامعة العربية مسألة إعادة الأمور إلى نصابها وكلفت في ذلك الوقت مصر الشقيقة مشكورة، التي بذلك جهدا كبيرا من أجل تقريب وجهات النظر وإزالة كل العقبات التي تقف في طريق هذه المصالحة لإعادة اللحمة إلى الشعب والوطن الفلسطيني.

وبالفعل كما تعلمون، قامت مصر باستكمال وثيقة هامة تأخرنا حتى اتفقنا عليها، لكن حصلت اجتماعات في القاهرة تناولنا فيها مع الأخوة في حماس وكل التنظيمات مجموعة من القضايا أدت إلى بداية الاتفاق ثم كانت هناك قضية أخرى كانت لا بد أن نستكملها وهي الحكومة، وكيف تشكل واتفقنا على اللقاء برعاية حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة بالدوحة من أجل أن نستكمل هذا الموضوع، ونثبت باقي المواضيع، وهذه كانت فحوى الإعلان الذي أعلن في الدوحة قبل بضعة أيام، وتوصلنا إلى نتيجة هي أننا نشكل حكومة وتم الاتفاق، وربما يساعد أن أتولى أيضا رئاسة هذه الحكومة الانتقالية على أساس أنها ستكون مرحلة ومن ثم تأتي الانتخابات وتنتهي المرحلة الانتقالية، هذه الحكومة التي اتفقنا عليها هي حكومة انتقالية تشكل من أشخاص مستقلين وتكنوقراط فنيين.

ولهذه الحكومة مهمتان، الأولى إجراء الانتخابات، والثانية إعادة إعمار غزة على أساس مؤتمر شرم الشيخ الذي انعقد عشية الهجوم الكاسح على قطاع غزة، واتفقت الدول المانحة في ذلك الوقت على رصد أكثر من 4 مليارات دولار لإعادة إعمار غزة إلا أن هذا الأمر لم يحصل به شيء.

وأعتقد أنه عندما يتم الاتفاق على حكومة انتقالية من شخصيات كما شرحتها، ممكن أن نطلب بمساعدتكم وبرعايتكم انعقاد هذا المؤتمر مرة أخرى لتفعيل ما تم الاتفاق عليه، وتقديم الأموال اللازمة لإعادة إعمار غزة لأن البيوت التي دمرت هناك أكثر من 25 ألف منزل، وألوف العائلات في الشوارع لا زالت كما هي منذ العدوان على غزة.

إذا مهمة هذه الحكومة هي كما قلت إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وللمجلس الوطني، وفي نفس الوقت أن نعمل من أجل تفعيل ما جرى في شرم الشيخ.

هذه 'الماكينة' بدأت العمل بجهود الاستعداد للانتخابات، إنما أحب أن أقول ولا بد أن يكون واضحا أن الانتخابات لا تتم إلا بعد إجراءات تقوم بها لجنة الانتخابات المستقلة الموجودة عندنا، هذه اللجنة ستذهب لقطاع غزة من أجل تسجيل المواليد الجديدة التي أصبحت مؤهلة من أجل أن تقوم بدور الناخب وهذا منذ خمس سنوات لم يحصل.


وهناك أهمية قصوى لتجديد سجلات الناخبين، لدينا ما لا يقل عن 250-300 ألف يحتاجون إلى إعادة التسجيل وبالتالي مهمة هذه اللجنة القيام بهذا العمل، وإذا انتهت هذه المهمة نكون قطعنا نصف الطريق، أما النصف الآخر فهو يعتمد على الجانب الإسرائيلي، بمعنى لا بد أن توافق لنا إسرائيل على أن نجري الانتخابات في القدس الشرقية التي نطمع ونأمل أن تكون عاصمة لدولة فلسطين.

الحكومة الإسرائيلية سبق وأن وافقت في انتخابات 1996 وفي انتخابات 2005 و2006 على إجراء هذه الانتخابات في مدينة القدس، نحن سنتقدم بالطلب وسنطلب من أصدقائنا في العالم أن يتحدثوا مع الحكومة الإسرائيلية من أجل أن توافق، وإلا لا نستطيع أن نجري انتخابات بمعزل عن القدس لأنها إشارة واضحة للعالم ولإسرائيل أننا أسقطنا القدس من حسابنا وهذا لن نقبل به إطلاقا.

إذا بالنسبة للانتخابات، هناك الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، هناك سجلات سنبدأ بها وهناك أيضا القدس التي لا بد أن يتم الموافقة عليها، إذا تمت هذه الأمور كاملة فطبقا للنظام الأساسي عندنا تحتاج لجنة الانتخابات إلى ثلاثة أشهر من أجل البدء بعملية الانتخابات؛ ونرجو الله أن تسير هذه المسيرة ونصل إلى انتخابات حرة ونزيهة بعد هذا التاريخ، يعني نأمل أن تكون في الشهر السادس أو السابع لا أدري بالضبط وهذا يتوقف حول هذه المسيرة، وإن شاء الله هي خطوة مباركة ونشكر حكومة قطر أنها أكملت هذه النقطة وبرعايتها ونستمر بهذا الجهد إلى النهاية.

أرجو ألا تكون هناك أية عقبات في طريقنا من أي جهة كانت، لأن الانتخابات وعودة المصالحة وعودة اللحمة والوحدة بين أبناء الشعب والأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة، هي مصلحة ضرورية هامة جدا لنا ولكم جميعا هذا بالنسبة للمصالحة.

أما بالنسبة لعملية السلام، فكما تعلمون أن اللجنة الرباعية في 23-9 أصدرت مبادرة تقول فيها؛ إننا لا بد أن نستكمل الاتفاق على قضيتن أساسيين مسألة الحدود ومسألة الأمن، وهاتين القضيتين يجب أن يتم الاتفاق على أرضيتهما خلال ثلاثة أشهر من بدء عمل اللجنة، وبعد ذلك قالت اللجنة أيضا إنه لا بد أن يتم البحث في كل قضايا المرحلة النهائية التي هي القدس، واللاجئين، وإنهاء الصراع، والمياه، وغيرها خلال عام 2012، هذه هي مبادرة لجنة المتابعة العالمية، واللجنة بدأت في 26-10 أعمالها، وقالت لدينا ثلاثة أشهر لا بد أن نستكمل هذه الأمور وفعلا بعد شهرين لم تستكمل شيء ولم تستطع أن تعمل شيئا فكانت المبادرة الكريمة برعاية صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني الذي بادر فورا لبذل جهودا خارقة من أجل تقربة وجهات النظر، على أن ينتهي إلى الوصول إلى شيء خلال شهر كانون الثاني بحيث اتفقنا أن يكون الموعد النهائي في 26-1.

الواقع أننا قدمنا نحن بالنسبة لنا كفلسطينيين للجانب الإسرائيلي، سواء بوجود اللجنة الرعاية أو بجهود أشقائنا رؤيتنا فيما يتعلق بالحدود وفيما يتعلق بالأمن، ولا يوجد هناك سر؛ الحدود قلنا أننا نقبل بحدود 67 مع تعديلات طفيفة بالقيمة والمثل، أما موضوع الأمن فنحن نقبل بوجود أي طرف على أرضنا الفلسطينية أيا كان هذا الطرف باستثناء الوجود الإسرائيلي، إذا أصبح لدينا استقلال يمكن أن نقبل بوجود طرف ثالث للرعاية والتدريب والانتباه لأي شيء، لكن لن نقبل بوجود الطرف الإسرائيلي، هذه أفكارنا التي قدمناها ولم يقدم الإسرائيليون شيئا يمكن أن يعتد به ويلتفت إليه وبذلك وقفت الأمور عند هذا الحد.

هناك قضية لا بد أن أتوقف عندها وهي قضية هامة، أننا بعد أسابيع قليلة سنحتفل بالمبادرة العربية للسلام، بمرور عشر سنوات على إطلاق هذه المبادرة في قمة بيروت، ومع الأسف لم يحصل بها شيء وإسرائيل لا تلتفت إليها ونحن في كل مناسبة نقول للإسرائيليين إنها فرصة ثمينة لكم وللسلام في العالم، اعترفوا بدولة فلسطينية وانسحبوا من الأراضي المحتلة، فإن العرب جميعا والمسلمون أيضا سيعترفون بكم ويطبعون علاقاتهم معكم حسب المبادرة العربية، لكن الإسرائيليين لم يحركوا ساكنا ولم يلتفتوا إلى هذه المبادرة الثمينة التي من وجهة نظرنا نعتبرها أثمن مبادرة جاءت من أجل القضية الفلسطينية منذ أكثر من 60 عاما.

الإسرائيليون حتى الآن يرفضون وقف الاستيطان، يرفضون تقديم خرائط، ويرفضون الاعتراف بخطة خارطة الطريق ويقولون إنهم قدموا 14 تحفظا، وهذا سواء كان صحيحا أو غير صحيح، التحفظات لم يتلفت لها من قبل اللجنة الرباعية، إنما أخذت أن الجميع موافقون على خطة خارطة الطريق، وأن على الجميع الالتزام بها، طبعا في هذه الأثناء حاول الرئيس أوباما أن يقدم ما يسمى 'إعادة بناء الثقة' لتمهيد الأجواء للمفاوضات ونحن رحبنا بهذه الخطوات، لأننا كنا نخشى أن هذا تدخل في المفاوضات أو تصبح شرطا أو تنازلا داخلا في إطار المفاوضات، وعندما أكد لنا الأميركيون أن هذه النقاط التي تتعلق ببناء الثقة لن تكون لها علاقة بالمفاوضات فعلا قبلنا، المبادرة هي لا بد من إطلاق سراح عدد من الأسرى، ولا بد من إزالة كثير من الحواجز، ولا بد من تغيير معالم الأرض الفلسطينية، كما تعلمون أن الأرض الفلسطينية مقسمة إلى ثلاثة أقسام (أ، ب، وج)، (ج) لا نقترب منها وهي أكثر من 60% من أراضي الضفة الغربية ولا نقترب منها، وهي كلها بتصرف الإسرائيليين، أما المناطق (ب) نحن موجودين وغير موجدين والسلطة ليس لها سلطة هناك، وتعتبر من ضمن الأراضي التي أصبحت فلسطينية، وعندما قدمها الرئيس أوباما منذ أكثر من عام لم نسمع جوابا من الجانب الإسرائيلي، بمعنى أن إسرائيل لم تجب على هذه الأمور إطلاقا، وإنما بدأت مؤخرا تتحدث عن إطلاق عدد من الأسرى، وفي هذا العدد نحن متفقون اتفاقات رسمية بيننا وبينهم في اجتماع شرم الشيخ على أن يطلق سراح جميع الأسرى ما قبل عام 1993 أي حوالي 135 أسيرا، الذين أصبح لهم أكثر من 30 سنة، لكن إسرائيل تجاهلت كل هذا ثم قبلت أن تقدم عددا قليلا مع بعض الأشياء التي لا نقبل بها.

طبعا لا أريد أن أدخل بما قدموه من تفاصيل؛ مثلا كانوا يقولوا نحن مستعدون لوقف الاستيطان، كيف!! أن لا نقدم عطاءات حكومية جديدة ولكن لا نستطيع أن نعطل العطاءات الخاصة، علما بأن 90% من العطاءات المقدمة للاستيطان هي عطاءات خاصة وكل ما تفعله الحكومة تسهل من حيث مصادرة الأراضي واقتلاع الأشجار تمهيدا للمستوطنين ثم تأتي الشركات الخاصة الإسرائيلية للبناء، الحكومة الإسرائيلية لا تتدخل وهذا تعني به إسرائيل أنها توقف الاستيطان وهذا كلام غير صحيح، الاستيطان في كل مكان في الضفة الغربية والقدس، ولم أعد أشعر أين الاستيطان غير موجود؛ لا يوجد مكان لا يوجد به استيطان وقلت لإخواني ربما نستيقظ في يوم من الأيام ونجد مستوطنة في قلب المقاطعة التي ندير عملنا فيها، ولذلك موضوع الاستيطان أصبح موضوعا مستشريا للغاية ولا يمكن السكوت عليه، وإذا قلت لكم أن القدس الشرقية لم تعد قدسا، بمعظمها أصبحت مستوطنات، وبيوتا إسرائيلية، وبمعظمها أصبحت لهم وليست لنا، وبالإضافة إلى أنهم في كل مدة ومناسبة يطردون أهل القدس منها تحت أية أسباب كانت، للتخلص من السكان الموجودين القدس، كذلك مسألة الاعتراف بحدود 67، لا يعترفون، لا زالوا يصرون أن علينا أن نعترف بالدولة اليهودية، وإذا قبلنا بالدولة اليهودية ممكن أن يتفهموا قولنا، ونحن بصراحة لا نستطيع أن نتقبل الدولة اليهودية لأننا نعرف عواقب هذه الكلمة، علما أن إسرائيل لم تطرح علينا هذه المسألة إلا منذ سنتين، ونحن اعترفنا بإسرائيل في عام 1993، بالاعتراف المتبادل بين المرحوم ياسر عرفات والمرحوم رابين، ولكن هذا لا يعترفون به، في كل مناسبة نقول نحن نعترف بإسرائيل، حتى أميركا حتى ترومان في عام 1948 حين عرض عليه الاعتراف بالدولة اليهودية شطبها بيده وقال أعترف بدولة إسرائيل، لماذا الآن يريدون منا أن نعترف بالدولة اليهودية نحن لا نقبل بأي حال من الأحوال، نحن نعرف غرضهم، وغرضهم واضح، مجرد أن نعترف لا قيمة لمليون و400 ألف فلسطيني عربي موجودين في إسرائيل، ولن يسمح لأي فلسطيني لاجئ العودة لإسرائيل، باختصار هذا هو الهدف.

أمام كل هذا نحن قلنا، لا بد أن نفعل ما يلي، نحن سنرسل رسالة لرئيس الوزراء الإسرائيلي مضمونها طويل؛ التأكيد على أن استئناف المفاوضات يتطلب وقف الاستيطان وبما يشمل القدس الشرقية، وقبول مبدأ الدولتين على حدود 1967، والإفراج عن الأسرى والمعتقلين وخاصة هؤلاء الذين اعتقلوا قبل نهاية عام 1993.

الرسالة ستتضمن مجموعة من النقاط تلخص الاتفاقات والمرجعيات والوضع الحالي، وعدم إمكانية استمرار الأوضاع على ما هي عليه، سنشرح كل شيء وفي النهاية نقول نحن لا نستطيع أن نستمر والوضع على ما هو عليه، أي أن السلطة بلا سلطة ولن نقبل أن نبقى بلا سلطة، وبالمناسبة ليس لدينا أي سلطة كل ما أخذناه في أوسلو، وهي أشياء رمزية أخذت منا، بما في ذلك أنهم ألغوا الإدارة المدنية في 1993 وأعادوها الآن تتعامل مع الفلسطينيين في الضفة الغربية كما كانت قبل الاحتلال ولم يعطونا أي شيء تحت قرار 1650، إذن هذه الرسالة سنقول فيها أن السلطة لم تعد سلطة ونحن لم نعد نتحمل الوضع كما هو عليه.

سنرسل رسائل إلى بعض دول المجتمع الدولي، وننتظر الرد إن قبل بالمبادئ القانونية الدولية التي نشير إليها ونتحدث عنها ونطمح للوصول إليها أهلا وسهلا، وإذا رفض سنذهب للمؤسسات الدولية مرة أخرى، سنذهب إلى مجلس الأمن، وسنذهب إلى الجمعية العامة، سنذهب إلى تفعيل معاهدة جنيف الرابعة وغير ذلك من المؤسسات، لأن العالم لم يرحمنا، الرباعية لم تستطع أن تفعل شيء، فلعل المنظمات والمؤسسات القانونية يمكن أن تفعل شيء، هذا ما سنعمله خلال أيام.

نحن نعرف أيها الأخوة الأعزاء، أننا حينما ذهبنا لليونسكو عاقبونا مرتين، مرة من قبل الكونغرس وأوقفوا المساعدات التي يقدموها لنا وهي مساعدات مجزية، وإسرائيل منعت عنا الأموال التي تجمعها باسمنا عقابا لنا، إذا عقوباتان واحدة من هنا وواحدة من هناك، وسنواجه مثل هذه العقوبات، وسنواجه مثل هذه العقبات لكن ما باليد حيلة، ربما يحجزوا عنا مثل الذي قلت سواء الأميركان أو الإسرائيليين وفهمكم كفاية.