خرج الهواء من البالون
يديعوت أحرونوت – غي بخور:9/2
اعتُبر هذا مدة مئة سنة حقيقة لا يمكن الاعتراض عليها وهو ان الصراع العربي الاسرائيلي هو أبو كل الصراعات في الشرق الاوسط. وقد اعتقدوا في العالم انه اذا "حُل" الصراع فسيغشى المنطقة كلها سكون كوني. وكُتبت أكوام مكومة من "الابحاث" في الصراع هذا الى ان نُفخ مثل بالون يهدد بالانفجار.
وهنا جاء الربيع العربي وظهرت الحقيقة عارية وهي ان الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هامشي اذا قيس بالصراعات الحقيقية وان تأثيره الحقيقي محدود. كان صراعا وهميا لاسباب مصلحية.
ان الحكام العرب على اختلاف عهودهم الذين عرفوا مبلغ كون المشكلات الطائفية والدينية والقبلية والاقليمية في بلدانهم فظيعة غير قابلة للحل (وهذا هو سبب المذبحة الفظيعة في سوريا)، وجهوا الانتباه دائما نحو اسرائيل. وهكذا تجاهلت الجماهير العربية ازماتها الحقيقية واشتغلت بالتحريض الدائم على اسرائيل. ان الدولة اليهودية هذه المتخيلة التي لم يعرفها في الحقيقة أحد في العالم العربي، أصبحت بالرغم منها مبيضة خطايا الشرق الاوسط. وارتزق كثيرون ايضا واشتهروا بسبب هذا الصراع صاحب الفضل وقد أصبح بالنسبة اليهم حياة مهنية.
لماذا يكشف صدام حسين للعالم عن الكراهية الفظيعة بين أهل السنة والشيعة في العراق؟ ولماذا يكشف الاسد عن سلطته الدموية العلوية في سوريا؟ ولماذا يكشف المصريون عن العُسر الاقتصادي الفظيع الذي يُطبق على بلادهم؟ ولماذا يكشف القذافي عن الانقسام القبلي المعقد في بلاده؟ ولماذا يكشف لبنان عن التعقيد الطائفي الديني فيه؟ يفضل دائما ان يُغطى الغسيل الوسخ وان تُحصر العناية في اسرائيل بالتنديد بها وانتقادها والسخرية منها.
هكذا أصبح الصراع بين اسرائيل والعرب أداة تنفيذ حقيقية عند الحكام في المنطقة، ووسيلة شرعيتهم الوحيدة تقريبا ازاء شعوبهم وازاء العالم. لأنهم اذا تحدثوا عن وحشية اسرائيل فلن يتحدث أحد عن وحشيتهم. وقد توهموا أنها تنتقض وأنها هشة وتوهموا أنهم مستقرون وكانت الحقيقة بالطبع معاكسة.
بيد انه جاء الربيع العربي وحصل الجمهور العربي على قدرة على الكلام لأول مرة في تاريخه وتبين فجأة ان اسرائيل بعيدة وليست ذات صلة في الحقيقة لأنه ما هي الصلة أصلا بين مشكلاته الحقيقية وبين اسرائيل؟ فهم الجمهور العربي ان حكامه الطغاة بمعان كثيرة خدعوه باسرائيل المتوهمة تلك.
اذا نشأت مثلا دولة فلسطينية فهل يحتضن الاسد أعداءه في الداخل؟ وهل يصالح احمدي نجاد مُبغضيه؟ وهل تتصالح العصابات المسلحة في ليبيا؟ وهل يعاود اليمن الاستقرار؟ وما هي الصلة أصلا؟ وقد عمل منطق مشابه عند حزب الله، فقد اكتسبت هذه المنظمة مجدها المؤقت بحرب مع الجيش الاسرائيلي على ارض لبنان. وحينما انقضى هذا الصراع خسرت شرعيتها في الشارع العربي. وكانت تعاود مواجهة اسرائيل لكنها تعلم ان اسرائيل قوية وتستطيع ان تبيدها هذه المرة.
كان الفلسطينيون هم الأولين الذين أدركوا انهيار أسهمهم. فقد كان اتجاه أبو مازن الى الامم المتحدة في شهر ايلول الاخير خطوة يائسة، فقد علم ان الأحداث في غير مصلحته. لأنه اذا تم الاتجاه في نهاية الامر الى المشكلات الاقليمية الحقيقية فلن تكون حاجة بعد الى الغطاء الفلسطيني، واذا ارتبط أبو مازن بخالد مشعل أو لم يرتبط فان هذا لا يهم أحدا. وفيمن يؤثر هذا؟ حينما يشتعل الشرق الاوسط كله يهبط الشأن الفلسطيني عن برنامج العمل.
هذا هو السبب الذي يجعل شبكات دولية مثل "سي.ان.ان" أو "فرنسا 2" تهجر الآن اسرائيل أو تغلق مكاتب. وصراعها لم يعد قضية وانتقل المركز الى دمشق والقاهرة وطرابلس.
اذا تجددت المواجهة الاسرائيلية الفلسطينية ايضا في المستقبل ستكون فقط صراعا واحدا من صراعات كثيرة في الشرق الاوسط لا "والد كل الصراعات"، كما كان يُرى في الماضي. واسرائيل التي كانت تُرى شيطانا تعود الى مقياسها الطبيعي في المنطقة فهي دولة صغيرة وليست هي الأشد قدرة على حسم الامور، لكنها أكثر شرعية واندماجا في المنطقة مما كانت تُرى في الماضي.
كل جيل وعبيده
معاريف - درور رفائيل:9/2
(المضمون: 1. عاملي المقاول يجب ان يفهموا بان لدينا مشاكل أكبر منهم. 2. لقاء عظيمي الغناء انتج اغنية مقزمة. 3. نحن نجزي الصينيين على تصويتهم ضد سوريا بارسال فيلنائي لهم على وجه السرعة).
1. كم يمكن لنا ان نفهم عاملي المقاول؟
عزيز عامل المقاول، مللت. صحيح يدفعون لك أجرا بائسا وليس لك تقاعد وشروط اجتماعية. ولكنك عامل مقاول. لا يمكن عمل شيء. أردت خصخصة فحصلت عليها. أنا لا اعرف اسمك، كما لا يهم كم هو عمرك. انت تعمل تقريبا 20 ساعة في اليوم وليس لك ايام اجازة، إذ من سيقوم بالعمل عندما تكون أنت في البيت. كل جيل وعبيده. السود في امريكا، الاطفال الصينيين في الصين، وأنت عندنا.
إقبل القضاء، فهذا يسقط من فوق، من وزير المالية. كف عن الاستياء، هذا ليس جيدا لبشرتك، التي على أي حال ليست في افضل احوالها بعد أن تكون تعاطيت طوال اليوم مع مواد التنظيف. هذا الاسبوع، بسببك تعطل الاقتصاد وحياتنا المريحة اخترقت. انت وجع رأس واحد كبير. يحتمل أن نكون في زمن آخر نفهمك، ولكن افهمنا نحن ايضا، لدينا مشاكل أكبر بكثير. التهديد الايراني، كاميرات السرعة الجديدة، والبرد الشديد في الخارج. عندنا ما يكفي من مصادر القلق حتى دون أن تأتي للشكوى: "الويل الويل الويل صعب عليّ... أنا عامل مقاول... ليس عندي شروط اجتماعية... أنا مكشوف... ليس لي اسم..." فليسمونك حاييم، ملكا، مزال او زفتلانا. كف عن البكاء. خذ الممسحة ونظف لنا الاوساخ من امام ناظرينا. تتحدث عن شروط تقاعد من أجلك. آتنا بالتالي!
2. لماذا أغنية آرتسي وآينشتاين متوسطة؟
ثنائي عظماء الغناء العبري، شلومو آرتسي واريك آينشتاين، أصدرا اغنية تسمى "نعود الى البيت". البيت هو لازمة متكررة لدى آينشتاين – فهو ببساطة لا يخرج منه. آينشتاين يتمتع بمكانة خاصة: كل اغنية يصدرها هي حدث. في المقابلة الصحفية اقترح مراجعة الاغنية نفسها، كم هي جيدة. إذن هي ليست جيدة حقا. الاغنية بثت في كل محطات الراديو ومحطات الانترنت. وما كان يمكن لاحد أن يتفادها هذا الاسبوع.
الاغنية تمتلىء بجمل مثل "دوما آمنت بانه سيكون خير فقط"، "نقف في سبيل الحياة ونعود الى البيت". لا يوجد شيء اسوأ من الكليشيهات، ولكنها ايضا لا تضيف شيئا. "الضجيج الكبير يغطي الصمت"، "نراوح بين الحب والهرب". على ما يبدو توجد صيغة تقضي بانه يجب أن يكون تضارب في كل جملة ثانية. وها هو تضارب آخر: الاغنية تعمل حسب الصيغة، ولكن الصيغة لا تعمل. الثنائي الغنائي العبري أصدر اغنية متوسطة، مصطنعة. بشكل عام لقاءات العظام تخلق احداثا مقزمة (تضارب رقم 2). شلومو آرتسي لا يزال يصدر اغان رائعة هنا وهناك. أما آينشتاين فلم يعد.
هذه اغنية لزجة وغبية. غير مصداقة. معلبة ومملة. "نعود الى البيت"، صبابا، فقط ربما ينبغي لنا ان نمر عبر ستوديو التسجيل قبل ذلك.
3. كيف يتركنا متان فيلنائي الان بالذات؟
في مدينة حمص في سوريا يقتل كل يوم عشرات المواطنين. العالم يهمه المواطنون السوريون، ولهذا فانه صوت ضد القرار. روسيا والصين عارضتا الشجب. عقاب سوريا لا يتأخر. اسرائيل ستبعث بمتان فيلنائي ليمثلها سفيرا في بيجين. لعل الصينيون يفهمون شيئا ما، حين سيشرح متان فيلنائي لهم ببطء. فيلنائي هو نائب وزير الدفاع وهو مسؤول عن حماية الجبهة الداخلية. غريب ان في هذه الفترة بالذات (ايران، النووي وما شابه) فيلنائي، الذي لا بد يعرف شيئا ما أكثر منا، يحزم أمتعته ويطير الى الصين. ببطء – ببطء ولكن عند الحاجة الى الطيران من هنا، فانه يفعل ذلك بأسرع ما يكون. ما يمكنها بعد الان أن تفرح هذا الاسبوع هي ايلانا ديان. العليا غيرت قرار القاضي سولبرغ وقضت بان ديان لم تشهر بالنقيب ر. "كانت هذه هي الحقيقة في حينه"، هكذا قرروا في العليا. والقاضي سولبرغ ايضا يمكنه أن يدعي بان في حينه، حين قرر ضد ديان، كانت هذه هي الحقيقة في حينه.
وهكذا انتهى الاسبوع الذي تحول فيه التاسع من شباط الى التاسع من الاضراب وفي يوم عيده.
الحل السيم
هآرتس – أسرة التحرير:9/2
الجدال على طريقة تشغيل عاملي المقاول هو جدال مبدئي على مبنى الاقتصاد، نجاعته وقدرته على المنافسة. السؤال هو اذا كان مناسبا السماح للمدراء، سواء في القطاع العام أم الخاص، ان يقرروا طريقة التشغيل المرغوب فيها للعاملين، أم يجب فرض طريقة واحدة فقط عليهم الا وهي التشغيل المباشر.
في منظمة الـ OECD قرروا منذ الان. هناك تقرر بانه يجب اعطاء حرية ادارية كاملة في تشغيل العاملين في القطاع العام. هناك يعتقدون بان شراء خدمات من مقاولين خارجيين هو حل سليم لتحسين مستوى الخدمة في القطاع العام ولزيادة نجاعته. ومع ذلك، في كل دولة اوروبية المصدر الخارجي هو طريق شرعي ومقبول لتشغيل العاملين. الاستخدام الواسع للطريقة القائمة في انجلترا، ألمانيا، السويد وهولندا، وشراء خدمات من مصادر خارجية توجد في ميل ارتفاع في اوروبا في العقد الاخير.
شراء خدمات من مورد خارجي – بمعنى تشغيل عاملي مقاول – ينبع من حاجة الشركات والوزارات الحكومية الاختصاص في جوهر الاعمال. في العالم التنافسي القائم اليوم فان كل مصلحة تجارية تحاول أن تكون الافضل في مجال عملها المركزي وذلك لان هذا هو السبيل الوحيد للبقاء. وعليه، فان المدراء يكرسون اساس وقتهم لجوهر الاعمال، والخدمات المرافقة، مثل النظافة، الحراسة والعتالة، ولكن ايضا الحوسبة، تدقيق الحسابات واحتساب الاجور، يشترونها من مقاول خارجي.
ولكن مع ذلك ليس مناسبا القول انه يجب تجاهل وضع عاملي المقاول في فرع النظافة والحراسة. فالحديث يدور عن عاملين ضعفاء، في حالات عديدة يتم استغلالهم خلافا للقانون. وعليه فمن المناسب ان يؤدي كفاح الهستدروت الى التوقيع على اتفاق جماعي لتحسين اجورهم، بما في ذلك منح حقوق اجتماعية كاملة، افرازات للتقاعد وايام اجازات – مثل العاملين العاديين. اضافة الى ذلك، فان الحكومة ملزمة بان تحسن بشكل جوهري فرض الاتفاق، عندما يتم التوقيع عليه. ولهذا الغرض عليها أن توسع الوحدة في وزارة الصناعة والتجارة التي تعنى بفرض القانون ومنحها اسنان.
اذا ما حصل هذا، فان كل الجمهور سيكون رابحا. من جهة، سيصلح الظلم المحاق بعاملي النظافة والحراسة، ولكن من جهة اخرى لن يكون تنازل عن حرية ادارة ونجاعة الاقتصاد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها