قال الجيش الإسرائيلي إن البحرية الإسرائيلية احتجزت سفينة في البحر الأحمر امس تحمل عشرات الصواريخ المتطورة المصنوعة في سوريا كانت في طريقها من إيران إلى جماعات فلسطينية في قطاع غزة، رجحت مصادر اسرائيلية ان تكون لحركة الجهاد الاسلامي وليست لحماس.
جاء هذا الاعلان في الوقت الذي يزور فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة لتعزيز مطلبه باتخاذ إجراء دولي صارم ضد إيران بشأن برنامجها النووي ودعمها للجماعات الاسلامية.
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر للصحفيين إن القوات الإسرائيلية صعدت إلى سفينة الشحن (كلوس-سي) التي ترفع علم بنما أثناء إبحارها في المياه الدولية دون مقاومة من الطاقم المؤلف من 17 فردا "في عملية معقدة وسرية". وقال ليرنر إن القوات عثرت في السفينة على عشرات الصواريخ طراز "إم302" التي يمكنها أن تصل إلى عمق اسرائيل إذا أطلقت من غزة مما يزيد من قوة النيران لحركة حماس التي تدير قطاع غزة وفصائل مسلحة أخرى.
واضاف "الصاروخ إم302 في أكثر صوره تطورا يمكنه إصابة أهداف على بعد أكثر من مئة ميل وإذا كانت هذه الصواريخ قد وصلت غزة لكان ذلك يعني في نهاية المطاف وضع ملايين الاسرائيليين تحت التهديد."
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي إن الولايات المتحدة ساعدت إسرائيل بتزويدها بالمعلومات عن السفينة. وأضافت "فور علم البيت الابيض بالتحرك الوشيك للسفينة المشتبه بها اصدر توجيهات لوزارة الدفاع بمراقبتها". وأشارت ساكي الى أن خيارات الولايات المتحدة للتعامل مع السفينة كانت تتضمن التحرك من جانب واحد عند الضرورة لكن بعد تبادل معلومات المخابرات اختارت اسرائيل أن تقود العملية.
واعلن المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان واشنطن بدأت التنسيق العسكري والاستخباراتي مع اسرائيل على صعيد الامن القومي بمجرد ان علمت بتحرك السفينة. وطلب الرئيس الاميركي باراك اوباما من قيادته العسكرية اعداد خطط طارئة في حال استدعى الامر اعتراض السفينة، حسبما صرح كارني امام صحفيين على متن الطائرة الرئاسية.
واضاف كارني "طيلة هذا الوقت، كان يتم تنسيق النشاطات العسكرية والاستخباراتية بشكل وثيق مع نظرائنا الاسرائيليين الذين قرروا في نهاية المطاف منع السفينة التي تنقل اسلحة غير مشروعة من العبور". وتابع "سنظل على موقفنا المعارض للدعم الذي تقدمه ايران من اجل زعزعة الاستقرار في المنطقة وذلك بالتنسيق مع شركائنا وحلفائنا". ومضى يقول ان "هذه النشاطات غير المشروعة غير مقبولة لدى الاسرة الدولية وتشكل انتهاكا صارخا لالتزامات ايران ازاء مجلس الامن الدولي".
وعرض التلفزيون الاسرائيلي لقطات تظهر قائد البحرية الإسرائيلية الأميرال رام روثبيرج وهو يفحص صاروخا على سطح السفينة وإلى جواره أكياس اسمنت كتب عليها بالانجليزية "صنع في إيران".
وقال ليرنر إن الصواريخ نقلت جوا من سوريا إلى إيران ومن هناك شحنت أولا الى العراق ثم باتجاه السودان. ولو كانت وصلت إلى الساحل الافريقي فربما كانت ستهرب برا عبر مصر إلى غزة.
وقال المحلل العسكري نيك جينزن جونز مدير وحدة خدمات ابحاث التسليح ومقره استراليا إن معظم التقارير أشارت إلى أن الصواريخ المصنعة في سوريا يتراوح مداها بين 90 و 100 كيلومتر. وأضاف "العديد من التقديرات الاسرائيلية شككت في قدرات هذه الصواريخ ... لقد استخدم حزب الله (اللبناني) تلك الصواريخ ومن المعتقد أن حماس تحاول تخزين نظم صواريخ أبعد مدى".
وقال مكتب نتنياهو إن رئيس الوزراء الذي يزور لوس انجلوس اليوم الاربعاء بعد اجتماع في البيت الابيض ولقاء جماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل في واشنطن وافق على احتجاز السفينة بعد مشاورات مع قادة الأمن الاسرائيليين.
وقال نتنياهو من لوس انجلوس "في نفس الوقت الذي تتحدث فيه (ايران) إلى القوى العالمية وفي نفس الوقت الذي تبتسم فيه طهران وتقول كل أنواع الكلمات المعسولة فان هذه الدولة نفسها ترسل أسلحة فتاكة إلى منظمات ارهابية وتفعل ذلك في شبكة من العمليات السرية في أنحاء العالم".
وقال وزير الخارجية الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان إن اسرائيل حصلت على إذن من بنما للصعود إلى السفينة. وأضاف في مؤتمر في تل أبيب "طبقنا القانون الدولي حرفيا. كانت السفينة تبحر رافعة علم بنما والشركة مسجلة في جزر مارشال وكان القبطان من تركيا والطاقم من عدة دول".
وقال ليرنر إن ايران هي التي نظمت عملية شحن الصواريخ التي قال ان الاعداد لها بدأ قبل أشهر. وذكر المتحدث العسكري الاسرائيلي أن أفراد الطاقم من جنسيات مختلفة ولم تظهر على الفور أدلة على أنهم كانوا على علم بطبيعة الشحنة التي تحملها السفينة.
ووفقا لبيانات تتبع مسار السفينة كانت كلوس سي في ميناء بندر عباس في ايران اوائل شباط 2014 وقبل ذلك في بورسعيد بمصر في يناير كانون الثاني.
ونقلت قناة "العالم" عن مسؤول ايراني لم تكشف هويته "اننا ننفي هذه المعلومات التي لا اساس لها على الاطلاق". ولم يصدر اي تصريح ايراني اخر بعد بهذا الشأن.
وأوضح الجيش الاسرائيلي في بيان بان الاستخبارات العسكرية تلقت معلومات "منذ اشهر عدة" بشأن نقل هذه الصواريخ المصنعة في سوريا من مطار دمشق الى طهران. وقال ان هذه الصواريخ يصل مداها الى 100 كيلومتر وتستخدمها حتى الان فقط الفصائل المسلحة في غزة.
وبحسب البيان فان "هذا امر غير معتاد لان هذا النوع من النقل ياتي من ايران الى سوريا وليس العكس".
ونفت حركتا حماس والجهاد الاسلامي البيان الاسرائيلي. وقال ايهاب الغصين الناطق باسم الحكومة المقالة "هذه خزعبلات وفبركات تهدف الى زيادة التحريض الاسرائيلي ضد المقاومة الفلسطينية وغزة".
من ناحيته قال مسؤول في حركة الجهاد طلب عدم ذكر اسمه لفرانس برس "اننا ننفي بشدة اي علاقة بهذه الاكاذيب. لدى الحركة (الجهاد) وسائل عديدة للحصول على الاسلحة، الاحتلال يبحث عن ذرائع لشن عدوان على قطاع غزة".
من جهته، اشار وزير الجيش الاسرائيلي موشيه يعلون في بيان "مرة اخرى، يبدو ان ايران اكبر مصدر للارهاب في العالم" مشيرا الى ان "هذه الاسلحة كانت مرسلة لمنظمات ارهابية في قطاع غزة عبر السودان".
اما نائب وزير الجيش داني دانون فقال ان هذه الشحنة تثبت ان المجتمع الدولي مخطئ في تخفيف العقوبات عن ايران مقابل تجميد او كبح جماح انشطتها النووية بموجب الاتفاق الذي تم التوصل اليه في تشرين الثاني الماضي. واشار دانون في بيان "يجب ان يكون واضحا الان للمجتمع الدولي ان اي تخفيف للعقوبات ضد ايران سيؤدي مباشرة الى تقوية المنظمات الارهابية التي تعمل تحت اشراف نظام الملالي"، حسب تعبيره.