بقلم: حنين خالد 

منذ أن أبصرت النور، وجدت رحاب بريكي نفسها لاجئة تعيش في مخيم عين بيت الماء قرب نابلس، ثم انتقلت للعيش في مخيم نور شمس، منذ تسعة وثلاثين يومًا تعيش تجربة النزوح من مخيم إلى مخيم، بعد أن أصبح مخيم نور شمس ساحة لعدوان احتلالي، فلم تجد غير النزوح منه، حيث عادت إلى المخيم الذي ولدت فيه، وخطت فيه خطواتها الأولى.

تروي أم علاء بريكي، بعضًا من تفاصيل رحلة الألم التي عايشتها: "بعد أربعة أيام من العدوان على مخيم نور شمس أجبرنا جيش الاحتلال على مغادرة منزلنا الذي حوله إلى ثكنة عسكرية، خرجنا تحت التهديد، دون السماح لنا بأخذ أي شيء من احتياجاتنا".

وكأنه كتب على المواطنين أن يظلوا في رحلة لجوء مستمرة، يتنقلون من مكان إلى آخر، فبعد أن تهجر الآباء والأجداد عن مدنهم وقراهم عام ثمانية وأربعين، ها هم الأبناء أيضًا يتذوقون من كأس المرارة ذاته. أم علاء رأت نفسها وقد تركت بيتها وحياتها التي اعتادتها، وانتقلت من مخيم إلى آخر تبحث فيه عن سقف وأمان.

استولى جنود الاحتلال على منزل عائلة أم علاء المكون من ثلاثة طوابق بها خمس شقق سكنية، وتعيش فيه برفقة خمسة عشر فردًا من أولادها وزوجاتهم وأحفادها، اليوم تشتت العائلة بين مخيمات وقرى الضفة، بعضهم لجأ إلى ضاحية اكتابا في طولكرم، وآخرون إلى بلدة بلعا شمال شرق المدينة.

بعد شهر من النزوح التقت أم علاء بأولادها، فقد أصبح الانتقال من نابلس إلى طولكرم دربًا من الآلام، ورغم أن القلق يأكل قلبها على أولادها وأحفادها، إلا أنها آثرت ألا يأتوا اليها خوفا عليهم من التنقل عبر الحواجز الاحتلالية، خصوصًا أن بكرها استشهد بقذيفة "إنيرجا" في العشرين من نيسان العام الماضي خلال اجتياح سابق لمخيم نور شمس، فترك خلفه زوجة وابنًا بعمر الثلاثة عشر عامًا.

أربعة وعشرون ألف مواطن نزوحوا من مخيمي طولكرم ونور شمس، جلهم ربما لن يجدوا مكانًا يأوون إليه إن قرروا العودة، فمعظم منازل المخيمين باتت أثرًا بعد عين.