عادت الدبابات إلى جنين بالأمس، ضمن الهجمة العسكرية الشرسة التي يقوم بها جيش الاحتلال منذ أكثر من شهر، فقد دخلت الدبابات لتعيد إلى الذاكرة عملية السور الواقي عام 2002، حين اجتاحت دبابات الاحتلال ومجنزراته وآلياته الضخمة، مدن ومخيمات وقرى الضفة الغربية، إبان انتفاضة الأقصى، وهي بذلك تعمل على تصعيد الأوضاع أكثر، ضمن خطط اليمين وحكومة نتنياهو التي تتهدد وتتوعد وتجتاح وتقتحم كل يوم، في الليل والنهار، وتواصل عمليات القتل والاعتقال، والهدف من ذلك هو خلق واقع من خراب ودمار، وهدم البنى التحتية والبيوت، وتهجير الناس من الأحياء والمنازل إلى العراء، حيث تشير المعلومات إلى أعداد مهولة تم تهجيرها من المخيم، ولا يسمح لها بالعودة إلى بيوتها، بل أن العديد من المنازل والبيوت تم هدمها إلى جانب عمليات التجريف والتخريب المستمرة.
عودة الدبابات يبرهن على النوايا المبيتة، ويؤكد أن الاحتلال ماضٍ في سياسات التصعيد، ومحاولة فرض واقع على الأرض يتماشى وخطط التهجير والتطهير العرقي، على نحو مماثل مع ما حدث ويحدث في غزة، والمراقب للواقع على الأرض خاصةً في شمال الضفة الفلسطينية يرى ذلك، ويلمس تصاعد وتيرة الاجتياح العسكري واتساع رقعته، في دلالة واضحة على أن الاحتلال يعمل على العبث في كل ما هو فلسطيني وبث الفوضى والخراب، إلى جانب تقسيم الجغرافيا الفلسطينية وتهديد حياة الناس وأعمالهم ولقمة عيشهم.
مشاهد الدبابات العسكرية وهي تدخل إلى جنين في استعراض هش وتعال جبان، بعد 34 يومًا على بدء الهجمة العسكرية والتي طالت كل شيء، واتسعت لتشمل كل شيء، ما هي إلا محاولة لإعادة احتلال الضفة وتكريس الاحتلال المباشر بصورته الوحشية وسياسته الدموية والقمعية، وهذا يأتي بالتزامن مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وخطط ترامب التي تتناغم وخطط نتنياهو المعلنة في المسألة الفلسطينية، والتي تعيش ظرفًا صعبًا سياسيًا ووجوديًا، وتحديًا غير مسبوق، الأمر الذي يتطلب نهجًا فلسطينيًا وعربيًا موحدًا ومتماسكًا يقوم على الحقوق الوطنية الواجب حمايتها والحفاظ عليها، وحشد الدعم الإقليمي والدولي، لصد كل الأخطار التي تتهدد القضية الفلسطينية في هذه المرحلة الهامة والخطيرة، من أجل إفشال خطط الاحتلال وحكومته الممعنة بالتطرف.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها