منذ صعوده السياسي، أثبت الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه ليس مجرد سياسي تقليدي، بل هو رجل أعمال يبرم صفقات وفق مصالحه ومصالح داعميه. ومن بين هؤلاء، برز اسم المليارديرة اليهودية الأميركية مريام أدلسون، أرملة "صانع الملوك" شيلدون أدلسون، الذي كان من أكبر الداعمين الماليين لترامب في انتخابات 2016، مقابل تنفيذ أجندة إسرائيلية تتضمن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، والاعتراف بضم الجولان، والتأكيد على "يهودية الدولة" وقد أوفى بوعوده هذه للسيد أدلسون.
اليوم، تعود السيدة مريام أدلسون إلى المشهد، بعد أن قدمت دعماً مالياً ضخماً لحملة ترامب الانتخابية لعام 2024، يُقدر بمئة مليون دولار، وفق ما تردد في التقارير الإعلامية، لكن هذه المرة، الشرط الذي وضعته أمام ترامب كان أكثر خطورة وهو إعلان ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، هذه خطوة من شأنها أن تنسف ما تبقى من فرص نحو حل الدولتين وتفتح الباب أمام تصعيد غير مسبوق في المنطقة.
إن تاريخ ترامب السياسي حافل بالقرارات الجريئة الجهنمية والغير محسوبة العواقب، التي تصب في مصلحة إسرائيل، وغالبًا ما جاءت تلك القرارات كجزء من ترتيبات مع داعمين نافذين له مثل عائلة أدلسون.
وبالتالي ليس مستبعدًا أن يكون وعده بضم الضفة الغربية قد طُرح فعلاً ضمن صفقات حملته الانتخابية الأخيرة، إلا أن تنفيذ هذا الوعد يواجه عدة عقبات، من أبرزها:

- أولاً: الوضع الجيوسياسي المعقد للضفة: الضفة الغربية ليست كالجولان، فضمها يعني مواجهة مباشرة مع الفلسطينيين والمجتمع الدولي، مما قد يؤدي إلى اندلاع انتفاضة جديدة أو حتى تصعيد عسكري واسع النطاق.

- ثانيًا: الموقف الدولي: لقد لقي قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل معارضة دولية، فإن ضم الضفة الغربية سيكون خطوة أكثر خطورة واستفزازًا، وقد تواجه بعقوبات دولية أو عزلة دولية غير مسبوقة.

- يبقى السؤال مطروحًا هل سينفذ ترامب وعده للسيدة مريام أدلسون؟.

حتى اللحظة، لم يصدر عن ترامب أي إعلان رسمي حول نيته تنفيذ ضم الضفة الغربية، إلا أن بعض المؤشرات تدل على احتمال تصعيد في هذا الاتجاه، منها: تصريحات ترامب الأخيرة حول "ضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشروط تفرضها إسرائيل"، دون الإشارة إلى أي حل يضمن الحقوق الفلسطينية.
التلميحات التي صدرت عن بعض مستشاريه المقربين بأن إدارته المقبلة ستتبنى سياسات "أكثر جرأة" تجاه إسرائيل.
الأيام القادمة كفيلة بالإجابة، وما بين الضغوط المالية والسياسية، يقف ترامب أمام معادلة صعبة.

- هل سينفذ وعده لمريام أدلسون كما أوفى سابقًا لزوجها شيلدون أديلسون، أم أن الحسابات الدولية والمحلية ستفرض عليه التراجع؟.

على أية حال، الأيام القادمة وحدها ستكشف مدى التزام ترامب بوعوده، وما إذا كان الدعم المالي الذي تلقاه من مريام أدلسون، سيترجم إلى قرار كارثي جديد في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. على الفلسطينيين ومعهم العرب، وجميع الدول الرافضة لهذه التوجهات الإسرائيلية الترامبية أن تبقى في   تيقظ واستعداد لمواجهة مثل هذا القرار ونتائجه الكارثية والمدمرة لجميع جهود إحلال السلام والأمن والاستقرار والإزدهار في المنطقة.