يواصل الاحتلال التصعيد في الضفة الفلسطينية، وفق رؤيا عدوانية ممنهجة، من خلال تنفيذ سياسة الاغتيالات بقصف الطائرات والاجتياح والخراب الكبير والقتل العمد والاعتقالات، ويعمل على تقطيع أوصال المدن عن بعضها وعن القرى والمخيمات، ببوابات حديدية وحواجز عسكرية، وأبراج وكاميرات مراقبة، وفق سياسة الخنق والفصل العنصري التي جعلت التنقل أمرًا مستحيلاً أمام الفلسطيني، بحيث بات يحمل المشقة وطول ساعات السفر والعناء، كما باتت الحواجز العسكرية نقاطًا لإذلال الفلسطينيين والتنكيل بهم عبر ممارسات رعناء من قبل الجنود، في حين استباح الاحتلال كل المدن والقرى والمخيمات باجتياح يومي في الليل والنهار، وهو يعمد على تضييق الخناق الاقتصادي وحرية الحركة والتنقل، كما يواصل عمليات سرقة الأرض لصالح المستوطنات، عبر مخططات القضم والضم والتهويد التي لا تقتصر على مدن الضفة، بل تستهدف بالأساس القدس، بكل ما فيها من مقدسات ومن موروث إنساني فلسطيني ووجداني، وبكل ما فيها من إرث حضاري عميق.
عن قصد، عمدت حكومة الاحتلال إلى نصب مئات البوابات الحديدية على مداخل المدن والقرى، في معظم الوقت مغلقة، وتُفتح لساعات قليلة كل يوم، وفق نظام الفصل العنصري القائم على عزل الفلسطينيين في تجمعات صغيرة وضيقة، فقيرة الحال وضعيفة في مقوماتها ومقدرات الحياة فيها، في ظل مواصلة عمليات الهدم والتخريب اليومي، واستهداف كل جوانب الحياة، لكي تغرق الضفة في حالة من الشلل الاقتصادي والفقر العام، وكل ذلك يأتي في إطار ما تسعى إليه وتخطط له حكومة الاحتلال، وفق سياسية معلنة تقوم على دفع الفلسطينيين للتفكير بالهجرة الطوعية، ومن أجل ذلك يعملون على خلق واقع يائس وبائس محاصر من كل الجهات، تنعدم فيه كل أشكال الحياة وفاقد لسبل العيش.
مدن معزولة عن بعضها وعن قراها ومخيماتها، مستباحة كل الوقت بيد الخراب والتدمير الممنهج، وعقلية الفصل العنصري والتطهير العرقي، وهي محاصرة بالبوابات والجنود والحواجز العسكرية، وجدار العزل والمستوطنات، وهذا هو الواقع الذي فرضه الاحتلال، ويسعى لتكريسه من خلال جملة من القوانين التي تحقق له هيمنة مطلقة، يريدها ويسعى لتحقيقها بكل الأشكال والوسائل، وبأساليب جديدة ومتجددة.
وأمام ذلك كله يبقى الرهان الفلسطيني على صبر الناس وصمودهم، ولكن الرهان وحده ليس كافيًا، بل إن الناس بحاجة إلى مقومات دعم وإسناد للبقاء والصمود، وهذا يستدعي تكاتفًا فلسطينيًا وعربيًا، ومواقف دولية أكثر جدية في التعامل مع عنجهية الاحتلال التي لن تتوقف، طالما لم تجد من يمنعها ومن يقف في وجهها، فهي ماضية في سياسة التخريب والقتل والتدمير، وهي قائمة على عقلية التطهير العرقي والعنصرية والإرهاب.
غيتوهات معزولة، لا تواصل بينها إلا بأوامر الاحتلال، والناس من دون أدنى الحقوق في حرية الحركة والتنقل والسفر، وهذا ما بات عليه الواقع في الضفة والقدس، وهذا ما يعيشه الناس من قمع واضطهاد وخنق مستمر ومتواصل، ومن عمليات اغتيال واعتقال واجتياح يومي، واستهداف واضح لفلسطين الأرض والقضية والإنسان.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها