عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر 2023 شكلت من حيث الشكل في الساعات الأولى قوة ردع للاحتلال الإسرائيلي والأهم قدرة المقاومة الفلسطينية بمكوناتها المختلفة في الوصول إلى مواقع العدو الإسرائيلي رغم حجم وقدرة التحصينات العسكرية والأمنية واللوجيستية، سيطرت على مضمون هذا الفعل البطولة والشجاعة والروح المعنوية والنفسية التي يبحث عنها كل إنسان فلسطيني وعربي مؤمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني العنصري الفاشي الذي تسبب في سلسلة من المجازر الوحشية والإرهابية واحتلال فلسطين وتهجير الفلسطينيين من ديارهم على آثار النكبة عام 1948، وبعد ذلك وقعت نكسة حزيران عام 1967، لكل هذه الأحداث كانت إنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 1965 ومع هذه الحقبة من التاريخ بدأت مرحلة جديدة من مسيرة النضال الفلسطيني والتي تبنت الكفاح المسلح وسيلة ضمن حرب العصابات "اضرب وهرب" ولم تتحمل "إسرائيل" العمليات الفدائية للثورة الفلسطينية والتي تتمثل بحركة "فتح" قوات العاصفة، لذلك قررت "إسرائيل" الدخول إلى غور الأردن منطقة الكرامة، حيث تواجد قواعد المقاومة الفلسطينية بمكوناتها المختلفة قبل شروع الجيش الإسرائيلي في دخول الأراضي الأردنية للقضاء على المقاومة الفلسطينية نتيجة العمليات العسكرية لحركة "فتح" والتي جسدت الروح المعنوية والنفسية للفلسطينيين بعد هزيمة حزيران عام 1967، علمت القيادة الفلسطينية بنية "إسرائيل" في الاستعداد للهجوم على الكرامة، وقد كان موقف بعض الفصائل الفلسطينية في ذلك الوقت هو الإنسحاب من مناطق الأغوار والكرامة والذهاب نحو المرتفعات الجبلية والابتعاد لحين الإنتهاء من العدوان الإسرائيلي المرتقب، ولكن قائد حركة "فتح" ياسر عرفات كان قراره المواجهة المباشرة مع جيش الاحتلال وقد وقعت المعركة وشارك الجيش العربي الأردني إلى جانب المقاومة الفلسطينية مما دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى المطالبة بوقف إطلاق النار والانسحاب من الكرامة وهو يجر الهزيمة التي لحقت به، هذه المعركة التاريخية والتي دامت 18 ساعة فقط شكلت نقطة تحول لصالح الثورة الفلسطينية، مما دفع آلاف الشباب الفلسطيني والعربي الالتحاق في صفوف الثورة، المقصود بأن معركة الكرامة وما حققته من إنجازات سياسية وإعلامية كان من موقع الدفاع عن النفس ورغم ذلك خضعت للحسابات بين الفصائل الفلسطينية للحفاظ على إمكانية المقاومة المسلحة، في حين أن عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر لم تخضع للنقاش والحوار بين مكونات فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة، بل تغيب قيادات المكتب السياسي لحركة حماس عن عملية طوفان الأقصى، وكانت النتائج كارثية بكل معنى الكلمة من حيث المضمون، تدمير قطاع غزة  ووفقًا لمصادر الأمم المتحدة فإن 436 ألف منزل قد دمر، إضافة إلى المستشفيات والمدارس والجامعات والبنية التحتية وتهجير 2 مليون فلسطيني داخل قطاع غزة بدون مأوى يسترهم من برد الشتاء القارص وحر الصيف، إضافة إلى 250 ألف شهيد وجريح وآلاف المعتقلين والتنكيل بهم والاعتداء عليهم والاعدامات الميدانية الجماعية وبأن عملية الإعمار في القطاع سوف تأخذ سنوات طويلة، مما دفع الرئيس ترامب الحديث عن تهجير المواطنين من القطاع إلى إندونيسيا ودول آخرى حتى يتم إعادة الإعمار كما يتم الحديث، والأهم بأن قيادات حماس شاركوا في اتفاق الدوحة مع "إسرائيل" دون توضيح تفاصيل هذا الاتفاق والبنود السرية والتي يتم الكشف عنها بشكل تدريجي، ضمن تلك البنود دخول الشركات الأمنية الأميركية الإسرائيلية في تواجد الأمني الدائم في القطاع والإشراف على عودة النازحين بشكل ينظم من قبل الشركات الأمنية.

وفي إطار ذلك تواجد أمني وعسكري من قطر ومصر، إضافة إلى شروط نتنياهو في إبعاد أعداد من الأسرى المحررين بموجب هذا الاتفاق، ولكن ما تزال هناك مفاجأة سرية بين حماس و"إسرائيل" منها خروج قيادات وكوادر وأعضاء من كتائب القسام من القطاع ومنهم أعداد من الجرحى والمصابين هم وعدد من أفراد عائلاتهم، كل ذلك لخروج حماس من قطاع غزة وقد يتم قبول حماس الجديدة والمتجددة
بعد عملية الفحوصات وإعادة هيكلة الحركة على غرار عودة حركة طالبان إلى أفغانستان بعد مفاوضات جرت في الدوحة بين الجانبين الأميركي وطالبان إعادتهم إلى السلطة، كما ترشح معلومات حول إتصالات بين نائب رئيس حركة حماس موسى أبو مرزوق مع مبعوث الرئيس رونالد ترامب.

وقد سبق وقال أبو مرزوق: بأنه "لا يمانع في المفاوضات مع "إسرائيل"، في نهاية الأمر حماس قدمت الكثير من التنازلات للجانب الإسرائيلي من أجل المحافظة  على وجودها السياسي"، في حين رفضت حماس تقديم تنازلات في حوار الجزائر بين مختلف الفصائل الفلسطينية والشخصيات المستقلة والقبول بقرارات الشرعية الدولية في الحكومة الفلسطينية ودخلها في منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها وقد عرقلة الوصول إلى تفاهم مع الجزائر الشقيق في مختلف الجوانب التي تؤدي إلى إنهاء الانقسام  والتوافق الوطني الفلسطيني، في نهاية الأمر سوف تتكشف حقائق جديدة حول الاتصالات بين حماس و"إسرائيل"، ونتائجها ومضمونها. ونقول إذا كان إتفاق أوسلو سيء فإن إتفاق الدوحة هو الأسوأ، والذي أعاد احتلال قطاع غزة والفصل الجغرافي بين شطري الوطن.