وفقًا للجاحظ الذي كان من كبار أئمة الأدب في العصر العباسي، فإن البيان هو للدلالة على المعنى، أما التبيين فهو للإيضاح، العديد من خبراء القانون، أدركوا البيان والتبيين في نص الإعلان الدستوري الذي أعلنه سيادة الرئيس أبو مازن، البيان كان في الإعلان، أما التبيين فقد كان  بالكلمة التي قدم فيها الرئيس أبو مازن الإعلان، فأفتوا بسلامته، وصحته، وما يقضي بموجبه "أنه في حال شغور مركز رئيس السلطة الوطنية، يتولى مهامه رئيس المجلس الوطني الفلسطيني مؤقتًا، لحين إجراء الانتخابات الرئاسية، وفق قانون الانتخابات الفلسطيني".

ومن خارج خبراء القانون، ثمة سياسيون وحزبيون وكتاب صحافة، جادلوا في الإعلان اعتراضًا، أو احتجاجًا لا محل له في الواقع من الإعراب، حتى مع  صواب حق الاعتراض، والاحتجاج، من حيث أنهم تناولوا نص الإعلان، دون الالتفات لمسبباته، التي أوضحها الرئيس أبو مازن في كلمته التي قدم فيها الإعلان الدستوري، والحق أن هذه المقدمة لا توضح سبب هذا الإعلان فحسب، بل إنها بقراءة موضوعية عميقة، تؤكد ضرورته الوطنية، والسياسية البناءة، في إطارها الديمقراطي "انطلاقًا من ممارسة الرئيس أبو مازن، لمسؤولياته التاريخية والدستورية، في سبيل حماية النظام السياسي الفلسطيني، وحماية الوطن، والحفاظ على سلامة أراضيه وكفالة أمنه" حسب ما قال الرئيس أبو مازن في هذه المقدمة، التي أضاف فيها: "وإيمانًا منا بأن كرامة الوطن ما هي إلا انعكاس لكرامة كل فرد من أفراده الذي هو أساس بناء الوطن، وبأن حرية الإنسان، وسيادة القانون، وتدعيم قيم المساواة، والديمقراطية التعددية، والعدالة الاجتماعية، هي أساس الشرعية لأي نظام حكم يقود البلاد للفترة المقبلة من تاريخ شعبنا".

بناء على هذه الرؤية المحمولة على أبلغ تفصيل معرفي، وإدراك وطني، ونضالي، وسياسي مسؤول، أصدر الرئيس أبو مازن الإعلان الدستوري، وسيكون العمل بهذا الإعلان، إلى جانب مقدمة الرئيس، كمثل أمانة في أعناق من سيتصدى لمهمات حماية الوطن، والنظام السياسي الفلسطيني، وعلى أسس الشرعية التي تكفلها الحرية، والمساواة، وسيادة القانون، والديمقراطية التعددية، والعدالة الاجتماعية.

وباختصار شديد، الإعلان الدستوري، وفق مقدمة الرئيس أبو مازن، وقد تنور بحسن البيان والتبيين، هو قرار المسؤولية التاريخية، والوطنية، والقانونية الحضارية، لأجل غدٍ أفضل للوطن، بنظامه السياسي الأمثل، الكفيل بتعزيز مسيرة الكفاح الوطني، حتى اندحار الاحتلال، ونيل كامل الحرية والاستقلال.