مصادقة الكنيسست الصهيوني على حظر أنشطة وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" هو إمعان صهيوني في تحدي الشرعية الدولية وهو إضافة لتحديات إسرائيلية سابقة للمنظمة الأممية الحاضنة لهذه الشرعية وقوانينها الحامية للأمن والسلم الدوليين، هذا الحظر الصهيوني لنشاط الأونروا يعتبر تمرد على هذه الشرعية الدولية كونه يعني رفض لميثاق الأمم المتحدة صاحبة الولاية على وكالة الغوث "الأونروا" وذلك لأن الحظر هذه المرة يعني عقاب جماعي بوقف الإغاثة لحوالي نصف سكان فلسطين من اللاجئين القابعين تحت هذا الاحتلال الصهيوني العنصري وهو ما يجعل من هذا الحظر يرقى لمستوى جريمة ضد الإنسانية.

وعليه ولكل من يرى الشمس بالغربال يصبح موضوع الحظر على نشاط وكالة الغوث من جانب الاحتلال وبدون أدنى شك هو قرار سياسي صهيوني عنصري ولا علاقة له أبدًا بالسابع من أكتوبر وإنما هو قرار متسق مع الاستراتيجية الصهيونية التي تعمل بدون كلل على شطب وكالة الغوث كونها حاضنة قرار العودة رقم 194 خصوصًا وأن هناك سابقة أخرى في هذا الموضوع وهي محاولة خنق وكالة الأونروا بتجفيف مواردها المالية إبان الفترة الأولى للرئيس ترمب وبدون أي سبب غير أنها كانت محاولة صهيونية يائسة لقتل الشاهد الدولي الحي على قضية اللاجيء الفلسطيني خدمة لذات الهدف وتعزيزًا لتطبيق صفقة "ترمب" العصر التي ضمنها وهب ترمب القدس لليهود ومعظمهم من الخزر على الرغم من أن القدس تعتبر قبلة المسلمين الأولى وقبلة المسيحيين إضافة إلى نصف ما تبقى من الوطن الفلسطيني "الضفة" وهبها أيضًا لذات الجماعة.

الخديعة الكبرى التي استخدمتها الحركة الصهيونية لإقامة كيان لها في فلسطين بعد مؤتمرها الأول في بازل 1897 هي أن فلسطين أرض بلا شعب ولكن وبعد أن انكشفت هذه الخديعة تم البحث عن غيرها وكانت خدع كثيرة تم توظيفها من أجل تعزيز إقامة هذا الكيان خصوصًا وأن أرض الميعاد لم تعد مقنعة كموضوع توراتي ملزم بعد نزول ديانتين بعد اليهودية وهما المسيحية والاسلام وكل واحدة منها جاءت بتعاليم ربانية لتتلائم مع الظروف السكانية والحياتية والزمانية وذلك بعد مرور أكثر من 1800 سنة على نزول التوراة على سيدنا موسى عليه السلام وهو ما يعنى بداية عقد إلهي جديد مع البشرية ومختلف عن ما سبقه وهو ما يفسر قيام الكيان الصهيوني بقرار سياسي أممي يحمل رقم 181 وليس قرار رباني.

حرب الإبادة والتطهير العرقي التي ما زالت تدور رحاها في غزة منذ السابع من أكتوبر وبتحدي صارخ لقانون الحرب أو القانون الدولي وقرارات المحاكم الدولية بزعم محاربة الفصائل الفلسطينية هي خدعة صهيونية أخرى تقع ضمن نفس السياق كونها حرب تهدف لإبادة وتطهير عرقي للفلسطينيين ولكن بشكل مباشر وذلك بالتهجير والتجويع والقتل خصوصًا وأن ثلثي سكان غزة هم من اللاجئين الذين ما زالوا يحتفظون بمفاتيح بيوتهم التي قامت إسرائيل القوة المحتلة على أنقاضها وهو ما يثبت ارتكاب خطيئة بل وجريمة مدانة من قبل كل من يلتزمون الصمت أو يشاركون الكيان الصهيوني في حرب إبادته للفلسطينيين المستمرة لأكثر من سنة والتي فاقت ببشاعتها كل ما سبقها بما في ذلك المحرقة النازية خصوصًا وأن أولاد الناجين من هذه المحرقة هم الذين يمارسون حرب الإبادة هذه.

صمت القبور الذي يمارسه النظام الغربي الرسمي تجاه ما ترتكبه الصهيونية وكيانها ومنذ قيام هذا الكيان هو فعل غير أخلاقي أولاً وغير إنساني ثانيًا كونه يشجع هذا الكيان للتمادي في عصيانه وتمرده على الشرعية الدولية وقوانينها والتي بدأها بعدم التزامه بشروط عضويته في المنظمة الأممية ومنذ سنة 1949 ومع ذلك ما زال الكيان الصهيوني بالرغم من ذلك مستمرًا في عضويته وكأنه كيان فوق القانون الأمر الذي شجعه أيضًا على التعدي وردع كل دول المنطقة والاستيلاء على أرض الغير بالقوة (فلسطين والجولان ومزارع شبعا اللبنانية).

إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال كيان عنصري مارق وهي تمارس طقوس العنصرية والتطهير العرقي دون حسيب أو رقيب وستبقى هكذا طالما بقيت تصول وتجول في فضاء الفيتو الأميركي الذي يمنحها حصانة ديبلوماسية ويمكنها من ممارسة دور ما فوق القانون بعد أن أصبحت تتحكم بمفاصل الحكم في أميركا من خلال تحكمها بالسلطتين التشريعية والتنفيذية الكونغرس والبيت الأبيض الذين أصبح السباق إليهم يمر عبر محطة الايباك الصهيونية.

إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال ومنذ قيامها تتعامل مع الفلسطيني كعدو وجودي لها وتمارس تارة بغباء وتارة بذكاء دور الضحية في مواجهة هذا الفلسطيني وذلك لكونه صاحب الحق وصاحب الأرض التي تقوم عليها ومن أجل ذلك نراها توظف كل المتاح لها بما في ذلك استغلالها وببشاعة عقدة المحرقة النازية لدى النظام الرسمي الغربي من أجل إلغاء الوجود الفلسطيني بحجة الدفاع عن النفس وهذا ما فعلته إسرائيل في حرب النكبة الأولى التي وبسبب التستر الغربي وغض الطرف عن جرائمها نرى أن إسرائيل لم تتوقف يومًا عن جرائمها بحق الفلسطينيين على شكل مذابح وحروب افتعلتها إسرائيل خدمة لهذا الغرض غير الإنساني وغير الأخلاقي والذي تتوج مؤخرًا بحرب إبادة وتطهير عرقي ما زالت تدور رحاها في غزة وانتقلت بها إلى الضفة وإلى لبنان بذريعة بل خديعة الدفاع عن النفس.

ما سبق وبدون شك يؤسس لحرب كونية ثالثة ولكن ودرأ لهذه الحرب لا بد من التكاتف الدولي لحماية الشرعية الدولية واستعادة هيبتها من أجل تطبيق قوانينها خصوصًا بعد كل هذه التظاهرات الجماهيرية الأسبوعية في كل مدن وعواصم الغرب بما فيها أميركا والتي لم تتوقف على مدار سنة كاملة وذلك بسبب ما أصاب هذه الشرعية من تصدع ووهن بسبب الفيتو الأميركي المجحف الذي ما زال يختطف هذه الشرعية إضافة إلى ازدواجية المعايير لرعاة هذا الكيان الصهيوني العنصري "إسرائيل" من دول وازنة في أوروبا وهذا ما يستدعي الشروع في معاقبة هذا الكيان الصهيوني على كل ما يرتكبه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وذلك بمقاطعة هذا الكيان وإسقاط عضويته من الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة إلى أن يعود لرشده بالالتزامه بهذه الشرعية واحترام قوانينها وهيبتها علمًا بأن هذا الكيان الصهيوني هو الذي بادر إلى ذلك بتمرده على هذه الشرعية الدولية وقوانينها وهو ما يعني بأن هذا الكيان هو الذي أسقط الشرعية عن نفسه وعليه فنحن لسنا بحاجة لا لمجلس الأمن ليقرر ذلك ولا بحاجة لفيتو أميركي لمنع ذلك.