لا تحظى القضايا الدولية والسياسات الخارجية بأهمية كبيرة في أي انتخابات أميركية، وقد أشارت استطلاعات الرأي إلى أن 90% من الناخبين الأميركيين سيصوتون لاعتبارات الاقتصاد والبطالة.

وفي هذه الانتخابات سيتم طرح قضايا جديدة ولكنها مهمة في اتجاهات التصويت مثل الحرية في تغيير الجنس للأطفال دون سن 18، وهو برنامج تبنته المرشحة الديمقراطية كاملا هاريس في برنامجها الانتخابي.

وفيما عدا القضايا الداخلية لم تطرح كاميلا هاريس أي برنامج سياسي بشأن القضية الفلسطينية ووقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. إلا أن بعض الإشارات الهامة حول لقاءاتها الانتخابية تضمنت وصفها لما يحدث في غزة بأنه إبادة جماعية، وأنه يجب العمل على وقف الحرب.

بالمقابل، فإن الناخب الأميركي يدرك بأن الإدارة الديمقراطية الحالية والتي احتلت فيها هاريس نائب الرئيس، أخلفت جميع وعودها بإعادة العلاقات الطبيعية مع السلطة الوطنية الفلسطينية والتي تشوهت بفعل فترة إدارة ترامب.

كما أن هذه الإدارة لم تنجح بوقف العدوان الإسرائيلي وفرض حلول لوقف إطلاق النار، بل على العكس قامت بتصدير الأسلحة الفتاكة لإسرائيل بمليارات الدولارات. ولم تتلق المنطقة العربية المشتعلة بفعل العدوان على غزة والضفة الغربية ولبنان سوى 12 زيارة من قبل وزير الخارجية الأميركية بلينكين لحث الأطراف على التوصل لأي اتفاق سياسي، إضافةً طبعًا إلى عبارات القلق والتعاطف التي تصدرت بيانات الإدارة الأميركية تجاه الصراع في المنطقة.

بالمقابل، فإن المرشح الجمهوري ترامب الذي يحاول دائمًا الظهور بمظهر المرشح القوي والقادر على إعادة قوة الولايات المتحدة، لم يعلن عن برنامج واضح لحل الأزمات والصراعات في الشرق الأوسط، بل إنه اكتفى بقوله بأنه لو كان رئيسًا للولايات المتحدة لم تحدث الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا.

وفي إطارٍ متصل، غازل ترامب العرب بأنه سيوقف الحرب في المنطقة وبأنه لن يسمح بالحرية بتغيير جنس الأطفال. ومع ذلك، فإن سيرة ترامب حسب ما نعرف من فترة رئاسته في الأعوام 2017-2021، لا تبشر بخير أبدًا، فهو أطلق ما سماه "صفقة القرن" والتي رفضها الفلسطينيون واعتبروها تصفية للقضية الفلسطينية، كما أنه نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وأوقف المساعدات عن السلطة الوطنية، وأغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وقطع تمويل الأونروا، واعترف بضم إسرائيل للجولان المحتل.

ومن الواضح أن القضية الفلسطينية ستكون بمثابة الحاضر الغائب في الانتخابات الأميركية. فهي حاضرة في بعض التصريحات الانتخابية المبهمة والتي تستميل الأصوات العربية، كما أنها في نفس الوقت غائبة لكون كلا المرشحين لم يقدما أية حلول سلمية واضحة للقضية الفلسطينية ولوقف العدوان الإسرائيلي. وفي النتيجة، فإن المفاضلة عربيًا وفلسطينيًا ستكون بين سياسة ديمقراطية مرنة وغير فعالة في فرض تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، وبين سياسة جمهورية قوية تستطيع وقف العدوان الإسرائيلي وفرض تسوية سياسية ولكنها حتمًا لن تكون لصالح الشعب الفلسطيني. وبالتأكيد، فإن هذه المفاضلة لن تشتمل على المقارنة لمؤشر الانحياز لإسرائيل، فكلا المرشحين منحاز لإسرائيل بشكل مطلق.