ربما نحتاج إلى بحوث ودراسات للإجابة على سؤال: هل العنصرية تكون المنهج الاستعماري، أم أن الإفراط بالمنهج الاستعماري يؤدي إلى تكوين العنصرية، لكن ماذا لو قلنا أن العنصرية هي أم كتب المرجعية النظرية للمستعمرين، وأن المستعمرين يستقوون ويتسلحون بنظرية التفوق العرقي بالتوازي مع غزوات وحملات عسكرية على شعوب في بقاع الأرض ما زالت تؤسس مقومات نهوضها.  ونعتقد أن برهاننا المادي موجود، نسمعه ونراه كل يوم، ليس هذا وحسب، بل أن أثر أفعاله وقراراته بوجهيها الاستعماري والعنصري ماثلة للعيان، فقد أبرزها دون أدنى اعتبار للقيم الإنسانية المعاصرة، والشرائع والقوانين الدولية التي تعتبر نموذجًا لرؤية المجتمعات الإنسانية المتمدنة الحضارية للحاضر والمستقبل، بمجال لا محدود من التطوير والسمو.

إنه دونالد ترامب، الذي تفاخر بقرار اعتبار القدس عاصمة موحدة لمنظومة الاحتلال الاستعمارية الصهيونية العنصرية "إسرائيل" حيث منح ما لا يملك "القدس" لمستخدميه في القاعدة الاستعمارية الأعظم في الشرق الأوسط المسماة "دولة إسرائيل" ثم برزت عنصريته بشكل فظ عندما اتخذ الفلسطيني نموذجًا للسوء خلال أحاديثه ودعايته الانتخابية ضد الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن وقد كشف بلسانه أسباب هذا الحقد والكراهية للشعب الفلسطيني وقيادته، عندما قال يومًا: "لقد قطعنا المساعدات عن الفلسطينيين لأنهم لا يحترموننا" وهو في الحقيقة كان يقصد "لأنهم لا يخضعون لخطته الاستعمارية التي صيغت كحل اقتصادي مالي، أما الاحتلال والاستعمار الاستيطاني فإنه يبقى بيد جنرالات وساسة الوكيل الاستعماري "إسرائيل"، وقد قلنا حينها أن ترامب بمنهجه الاستعماري العنصري، يعتبر خطرًا على الشعب الأميركي، وشعوب العالم، واستقراره وأمنه وسلامته، وعلى السلام كمنهج ورسالة، بعدوانه المباشر على الحقوق التاريخية والطبيعية والإنسانية والسياسية للشعب الفلسطيني، المعترف بها، ففلسطين كانت وما زالت فصلاً في قاموس وخريطة العالم الجيوسياسية، ومعيارًا لعدالة ونزاهة وإرادة الشرعية الدولية، ونزيد على تقديرنا بأنه سيتفوق على أدولف هتلر بسبب تضخم عقيدته بالتفوق العرقي.

لقد وقف رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية "فتح" بشجاعة غير مسبوقة، بوجه خطة ترامب الاستعمارية، ووجه له صفعة بقوة 14 مليون فلسطيني، كبحت جماح طموحاته الاستعمارية التي منحها أوصافًا نبيلة، كالاتفاقيات الإبراهيمية، للتعمية والتمويه على عنصريته الاستعمارية، أو على منهجه الاستعماري العنصري، فخرج من البيت الأبيض دون انتزاع موقف سياسي واحد من القيادة الفلسطينية للتباهي به كإنجاز.

أما اليوم فإن ترامب المكشوف والمعلوم جيدًا بالنسبة لنا، والمتفاخر بعقيدته السياسية الصهيونية، قد وضع نفسه بمواجهة معظم شعوب وأعراق وأجناس العالم، كأفظع شخصية عنصرية استعمارية، بقوله: "لقد تحولت الولايات المتحدة الأميركية إلى حاوية لقاذورات الشعوب الأخرى" نطق بما يعتبر أشد تدميرًا بمليار مرة من دمار قنبلتين ذريتين  ألقيتا على مدينتي هيروشما وناغازاكي اليابانيتين، ذلك أنه على علم ويقين أن شعب الولايات المتحدة الأميركية يتكون من أعراق إنسانية وجنسيات شعوب العالم كافة، حتى ولو بنسبة واحد من المليون، ثانيًا: أنه قد أفصح عما يعنيه بشعاره الانتخابي: "اجعل أميركا عظيمة". ثالثًا: قد كشف عن فحوى ومضمون خططه الاستعمارية الجديدة وفيضان العنصرية الذي سيغرق به دولاً كثيرة، إذا وصل إلى البيت الأبيض مرة ثانية، فنحن نتوقع أن يكون ضحاياه الذين ما زالوا يعتقدون بنظرية التفوق مثله، أما نحن فقد قمنا بواجبنا وكشفنا خطره، وخطر ما يمثله على حاضر ومستقبل الأمان والسلام في العالم.