الفنان العربي المصري الكبير حلمي التوني هو الفنان الرسّام الذي صوّر العالم العربي والحياة المصرية بكافة تنوعاتها وتشكيلاتها وكان له الباع الطويل في قضية فلسطين إذ شكلت لوحاته واسهامته الجميلة إضافة نوعية على الفن التشكيلي عامة وفيما يتعلق بالثورة والقضية الفلسطينية تضاف لابداعات كافة الفنانين سواء التشكيليين العرب والفلسطينيين.
وفي إطلالة سريعة على الفن التشكيلي الفلسطيني يمكننا الإشارة إلى الرواد أمثال حنا مسمار (1898م-1988م) من الناصرة، ومحمد الدجاني، وجمال بدران من حيفا، والفنان الخطاط بفن الخط العربي مثل محمد صيام،  ويوسف النجار.
والمبدع الكبير الذي نزع النكبة عن كتفيه وواكب انطلاقة الثورة والمقاومة الفلسطينية منذ العام 1965م اسماعيل شموط وزوجته تمام الأكحل شموط، ومن هؤلاء الكبار ممن رسموا للثورة ولفلسطين والمقاومة وجذوة النضال حسني رضوان وسليمان منصور ود. عبدالرحمن المزين وفلاديمير تماري وعصام بدر. 
بل والكثير الذين نقتطف أسماء نماذج فقط منهم توفيق عبدالعال وميشيل نجار، ومحمد بشناق وعفاف عرفات، ويوسف كتلو، وفتحي غبن، وسميرة بدران، ويوسف دويك، وبشير السنوار، وعماد أبواشتية.ووالكثير من الفنانين الرائعين الذين تجاوزوا اليوم المئات.

وما لا يمكن إغفاله عندنا كمقاومة فلسطينية منذ الانطلاقة عام 1965 هو دور الاتحاد العام للتشكيليين الفلسطينين منذ انشائه عام 1969م، والذي أخذ على عاتقه بالتعاون مع إدارة الإعلام والثقافة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، مهمة تنظيم قدرات الفنانين، وتوحيد جهودهم ونشر أعمالهم من خلال معارض فردية أو جماعية تقام في الداخل والخارج.
وبالعودة إلى الفنان الراحل حلمي التوني (30 أبريل 1934 - 7 سبتمبر 2024) يقول عنه الكاتب الفلسطيني يوسف الشايب "أنجز التوني عشرات اللوحات المتعلقة بفلسطين وقضيتها، والكثير من الملصقات أيضاً في إطار تعاونه مع دائرة "الإعلام الموحد" لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما وثق في سلسلة من رسوماته حصار بيروت في العام 1982، ووّثق  بصريّاً في لوحاته، انتفاضة الحجارة العام 1987، ليواصل رسم فلسطين حتى في أيامه الأخيرة.
وكان آخر منشور للفنان الراحل الكبير على  تطبيق "فيسبوك" في منتصف يوليو الماضي عن فلسطين مصحوبًا بعبارة "عيوننا إليكِ ترحل كل يوم" من قصيدة زهرة المدائن.  

وتكتب صحيفة الشروق المصرية عنه في يوم وفاته 7/9/2024م أنه "بحسه الفني البديع عمد حلمي التوني إلى توثيق رموز المقاومة فنيًا كما فعل مع مفردات التراث الشعبي الفلسطيني، فنجد في لوحاته علم الثورة الفلسطينية وعلامة النصر التي حوّلها الزعيم الراحل ياسر عرفات إلى أيقونة، ومفتاح العودة، وأغصان الزيتون وميزان العدالة، إيمانًا بإنسانية وعدالة القضية فضلاً عن وطنيتها وبعدها الهوياتي".
وكان الفنان التشكيلي الراحل "حلمي التوني" قد نشر الكثير من اللوحات -طوال حياته المديدة- التي عبر بها عن مساندته للشعب الفلسطيني حيث الأرض والثورة والمرأة والشرف والصمود. ومؤخرًا في عام 2021 نشر صورة لفتاة تحمل القدس بين يديها معلقًا: "تحية للقدس الصامدة الصابرة"، ما زال شعب فلسطين في القدس متمسكًا بأرضه و مقدساته ويدفع كل يوم الثمن من دماء شبابه".
وفي شهر يوليو عام 2023 الماضي نشر صورة لفتاة فلسطينية تحمل "مفتاح العودة" حول عنقها وعلق عليها بقوله: "أن كنت ناسي أفكرك، عنوان أغنية غنتها زمان هدى سلطان، وفي هذه الأيام نعود لنقول لضمير العالم والأنسانية: "إن كنت ناسي أفكرك".
الصورة لملصق رسمته منذ عشرات السنين.

ويشير يوسف الشايب أن "من بين أبرز لوحاته عن فلسطين تلك التي حملت عنوان "فلسطين في القلب"، وأنجزها في العام 1977، وتظهر فيها فلسطينية تحمل سلة برتقال في حضنها، و"أطفال الحجارة"، وغيرها من التي حرص على استعادتها عبر صفحته في "فيسبوك" منذ اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، وامتدت إلى الضفة، مع تعليقات ينتقد فيها صمت العالم وانحيازه للإجرام، وكيله بمكيالين أو أكثر".
رحم الله الفنان العربي المصري الكبير حلمي التوني الذي عشقنا الفن من رسائل لوحاته ذات العمق  العروبي الحضاري، والمصري والفلسطيني وهو الذي رسم فلسطين بكل ما وصلت إليه يديه البارعتين من مفهوم الأرض والنضال والحق إلى تكريس الرموز مثل شارة النصر لأبي عمار التي جعلها ياسر عرفات رمزًا للنصر القادم بإذن الله وصولاً إلى الانتفاضة ومع كبر سنه لم ينسَ إدانة العدوان الهمجي الفاشي على غزة إذ ظل قابضًا على جمر القضية في عصر الانحدار والتخاذل العربي.