لم يفاجئني قرار الكنيست الإسرائيلي، في دولة تدعي أنها واحة الديمقراطية في هذا الشرق أو فيلا في غابة، هذا القرار التعيس الذي صدر في الليل الدامس، يوم الأربعاء 17 تموز 2024 فيما الشعب الإسرائيلي نائم نومًا غير عادي نتيجة حكم بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، الذي امتد لفترة طويلة.
وجاء في القرار التعيس "أن الكنيست الإسرائيلي يعارض بشكل قاطع قيام دولة فلسطينية غرب نهر الأردن"، كما لم يفاجئني صدور هذا القرار الفاشي المتغطرس بأغلبية 68 نائبًا بمن فيهم سانشو نتنياهو، النائب الأرجوحة بيني غانتس، ولم يعارضه سوى نواب الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير والقائمة الموحدة في حين هرب من القاعة مثلما تهرب الأرانب البرية نواب حزب "ييش عتيد" أي بالعربية حزب المستقبل الذي بلا حاضر وبلا مستقبل، ونواب حزب العمل الذين يحملون شهادة وفاته وقد ارتدوا ثوب "الديمقراطيين" ولا عجب، فكم من فتاة قبيحة اسمها جميلة وكم من شاب بخيل اسمه كريم وكم من رجل لص حرامي اسمه سميح أو صديق أو شريف، فمن البديهي أن لا يوجد ديمقراطية في بيت يؤيد ويمارس الاحتلال والاستيطان، ولا ديمقراطية عند من يسرق حرية الآخر وأرضه وخبزه وماءه وهواءه.
ويؤكد بصراحة هذا القرار الغبي بأنه لا "شريك إسرائيليًا" للتفاوض مع قادة الفصائل الفلسطيني من أجل أن يسود السلام بين الشعبين كما أنه يدحض فرضية أيهودا باراك بأنه "لا يوجد شريك فلسطيني" والتي نشرها إبان فترة حكمه البائسة ورسخها في المجتمع الإسرائيلي كي يعدم اتفاق المبادئ في أوسلو وكي يخنق حلم السلام، وكي يقدم السلطة في دولة إسرائيل على طبق من ماس للجنرال أريئيل شارون ولحزب الليكود واليمين الإسرائيلي المتطرف كي تصل دولة إسرائيل إلى ما وصلت إليه في هذه الأيام السوداء.
لقد ارتكب الجنرال باراك جريمة كبيرة بحق شعبه وبحق الشعب الفلسطيني وبحق شعوب المنطقة كلها.
ومن البديهي أن قرار قيام دولة فلسطين على أرض الشعب الفلسطيني بجانب دولة إسرائيل هو قرار فلسطيني مئة بالمئة وليس من صلاحيات الكنيست الإسرائيلي مهما كان لونه السياسي والحزبي، ولا من صلاحيات مجلس العموم البريطاني بعماله وبمحافظيه، ولا من صلاحيات الكونغرس الأميركي بنوابه الديمقراطيين أو الجمهوريين، ولا من صلاحيات أي برلمان في هذا العالم، شرقه وغربه وشماله وجنوبه، وأما هذا القرار البائس الغبي المتغطرس للبرلمان الإسرائيلي فهو قرار لترسيخ الاحتلال والاستيطان ولاستمرار الحرب والقتل والدمار. وهو قرار معادٍ للشعب الفلسطيني، بل هو معادٍ للحرية والأمن والحياة ولجميع شعوب المنطقة.
ولا بد من أن يصحو الشعب الإسرائيلي من نومه، ربما بعد سنة أو سنوات وعندئذٍ يدرك أن سياسة نتنياهو أعادته عقودًا إلى الوراء، أعادته إلى أيام التساؤل الأعمى "أين هو الشعب الفلسطيني؟!" وإلى فترة التحجر السياسي، إلى أيام غولدامئير واسحاق شامير، وإلى نشيد البيتار: "هذه لي وهذه لي أيضًا"، ولا بد من أن يدرك الإسرائيليون بأن الشعب الفلسطيني شعب حي، ما رفع ولن يرفع الراية البيضاء أمام غطرسة المحتلين مهما كان الثمن غاليًا جدًا.
ولا بد أن يدرك الإسرائيليون أيضًا أن الشعب الفلسطيني شعب شجاع، شعب صامد باقٍ على أرضه على الرغم من المجازر التي لا تحصى، شعب يصر على العيش بحرية وحياة كريمة مثل شعوب الأرض المتحضرة.
أما آنَ الأوان أن يرى الأعمى ويسمع الأصم هذه الحقائق؟! أما آن الأوان أن يصحو المتغطرسون؟!.
لا بد من أن يصحوا من أجل شعبهم أيضًا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها