بقلم: محمود أبو عبية

أصدرت محكمة العدل الدولية يوم الجمعة، رأيها الاستشاري حول التداعيات القضائية للممارسات الإسرائيلية وانعكاسها على فلسطين المحتلة، والذي نص على أن وجود الاحتلال الإسرائيلي غير شرعي في الأراضي الفلسطينية، وأنه يتوجب على إسرائيل وقف الاحتلال وإنهاء تواجدها غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أقرب وقت.

وكانت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي اللجنة الخاصة بالمسائل السياسية، وإنهاء الاستعمار، وقد اعتمدت في الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، مشروع قرار قدمته دولة فلسطين لطلب فتوى قانونية ورأي استشاري من محكمة العدل الدولية، حول "الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمها لها بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها، وكيفية تأثير سياسات إسرائيل وممارساتها على الوضع القانون للاحتلال والآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة".

ويأتي الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية كخطوة على الطريق ضمن خطوات نحو إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية.

وقال مدير عام مؤسسة الحق شعوان جبارين: "أنه يجب حمل الرأي الاستشاري للعدل الدولية من دولة فلسطين بالتنسيق مع كل أصدقائها بالجمعية العامة، وأن توضع أجندة طويلة تفصيلية تؤخذ فيها قرارات على مستوى الجمعية العامة لخطوات عملية محددة لمسؤولية الدول الأطراف الثالثة بشأن موضوع إنهاء الاحتلال والمساعدة به، بما يشمل عدم التعامل مع الاحتلال بالجوانب الاقتصادية التي تخص العلاقات الثنائية بين الدول، وعدم تعامل الشركات في تلك الدول مع مؤسسات الاحتلال العسكرية والأمنية التكنولوجية والمدنية وغيرها"، مشيرًا إلى أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ليس ملزمًا بشكل مباشر، ولكنه يستند إلى القانون الدولي، والذي يعتبر ملزمًا لكافة الدول في علاقاتها مع إسرائيل والمشاركة بالانتهاكات، وهو ما يمكن استثماره في حال مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على الرأس الاستشاري، من خلال قرارات مفصلة للرأي الاستشاري، إلى جانب تفصيل خطوات عملية مطلوبة من منظمات دولية وأعضاء الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرها.

وأضاف جبارين: "أن رأي محكمة العدل الدولية حول قانونية الاحتلال لم يكن مفاجئاً، لأن المحكمة مرجعيتها القانون الدولي، والذي يعتبر واضحاً في هذا الشأن بأن إسرائيل قوة احتلال عليها واجبات، ولكن هي انتهكت كل التزاماتها كقوة احتلال وتعاملت مع نفسها كأنها قوة سيد رغم أنها احتلال مؤقت وليس سيد نهائياً، وأن السيادة هي للشعب الفلسطيني"، مؤكدًا أن النقطة الجوهرية التي تناولها الرأي الاستشاري هي عدم شرعية كل ما يقوم به الاحتلال بما يحول دون ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير، والذي يعتبر حقاً أساسياً وثابتا وركيزة أساسية، مشيراً إلى أن القرار تاريخي ومهم، وطالب الأمم المتحدة بأن تقوم بدورها سواء في تحديد الوقت أو بالإجراءات المطلوبة منها لإنهاء الاحتلال غير الشرعي.

وتبرز أهمية الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بأن له قيمة قانونية كبيرة، ويشكل رسالة للمجتمع الدولي لتحميل إسرائيل المسؤولية القانونية عن احتلالها، وفق جبارين.

بدوره، أكد أستاذ القانون الدولي محمد الشلالدة، أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية له قيمة قانونية هامة جداً لأنه يوثق انتهاكات إسرائيل مبينًا أن الفتوى ناقشت معظم الجوانب الفلسطينية.

وقال الشلالدة: "إن الفتوى عبارة عن رأي القانون الدولي وتوفر للمجتمع الدولي فرصة تطبيق القانون بحق دولة الاحتلال كونه صدر من أعضاء محكمة العدل الدولية"، موضحًا أن الفتوى القانونية هي رسالة للمجتمع الدولي لتحميل اسرائيل المسؤولية الجنائية والقانونية وهذا يتيح للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة.

ويُشار إلى أن الهيئة العامة لـ"الكنيست" الإسرائيلية قد استبقت قرار محكمة العدل الدولية بأن صادقت على مشروع قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية، وذلك بعد القرار الذي اتخذه الكنيست في شباط/ فبراير الماضي، برفض الاعترافات الدولية "أحادية الجانب" بالدولة الفلسطينية.

وينص القرار على أن "الكنيست يعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية غرب الأردن"، ويعتبر أن "إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل سيشكل خطرًا وجوديًا على دولة إسرائيل ومواطنيها، وسيؤدي إلى إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة".