افتتح الملك تشارلز البرلمان البريطاني بخطاب العرش بين فيه الخطوط العامة لحكومة حزب العمال الجديدة، والتي تنتقل لداوننغ ستريت في هذه الأيام بعد خمسة عشر عامًا من حكم حزب المحافظين، وبعد مرور عام على تتويج الملك تشارلز ملكًا للمملكة المتحدة، ما جعل مضمون الخطاب يحمل رسائل توضيحية وأخرى توجيهية على صعيد السياسة الخارجية لما يشكله التاج البريطاني من ثقل لبيت القرار الأممي ووزن في المكيال السياسي كونه يرمز للتاج الملكي في المملكة المتحدة.

وهي الرمزية التي تشكل الضابط الأساسي للوحدة لا سيما أنها تعتبر مظلة للحكم ومرجعية أساسية لبيت القرار للعديد من الدول والمجتمعات التي تشمل انجلترا واسكتلندا وايرلندا وويلز، كما يشكل التاج الملكي حاضنة لخمسة عشر دولة وهي تضم أستراليا، كندا، نيوزيلندا، أنتيغوا وبربودا، الباهاس، بيليز، غرينادا، بابوا غينيا الجديدة، سانت لوسيا، جزر سليمان، سانت كيتس ونفيس، والقديس فيسونت، سانت فينسنت والغرينادين، وجامايكا، والبهاما.

وهي الدول التي تخضع للتاج الملكي طوعًا كما يؤطر التاج الملكي البريطاني مجموعة الكومنولث التي تضم الأربعة وخمسين دولة من بينها الهند وباكستان وبهذا يظل التاج البريطاني بظلاله الرمزية بطريقة مباشرة وغير مباشرة على 2.4 مليار نسمة، وهو ما يعادل ثلث سكان العالم تقريبًا هذا إضافة إلى تأثيره العضوي على بيت القرار بالولايات المتحدة ما يجعل منه يشكل مرجعية استراتيجية لبيت القرار العالمي.

وما أريد بيانه بعد هذه المقدمة الطويلة نسبيًا أن حديث الملك تشارلز هو حديث وازن وما تناوله خطابه غالبًا ما يكون برسم التحقيق، سيما وهو يتحدث بافتتاح الدورة البرلمانية الأولى لمجلس العموم ويرسم جملة واضحة المحتوى تحمل في طياتها رسالة توجيهية تدعم تشكيل دولة فلسطينية ذات سيادة اضافه لتأكيده على مسألة حل الدولتين.

وهذا ما يعني رفضه لكل حلول الأسرلة والسياسة الأحادية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني بالقوة المفرطة، وهي تستهدف فرض سياسة الأمر الواقع لأسرلة كامل فلسطين التاريخية عبر سياسة التهجير والتجويع التي تقوم عليها حكومة التطرف والعنوان الإسرائيلية، وهو توجيه يتوقع أن يحمل تبعات كما سيدعم التوجهات التي يقودها الأردن كما الدبلوماسية العربية بوقف العدوان لتوثيق وثاق حل الدولتين عبر الاعتراف الأممي بمشروع الدولة، وهو القرار الذى من شأنه أن يقطع الطريق على حكومة تل أبيب العدوانية وكل السبل التي لا تؤدي لحل الدولتين من أصول قانونية مرجعيات سياسية وثوابت دولية كانت قد بينتها قرارات الشرعية الدولية وأكدت عليها كل القرارات لاسيما الذي حمل عنوان 2334 والذي أكد على حدود الدولة الفلسطينية كما أكد على أهمية توقف التمدد الاستيطاني وبين أن حدود الدولة الفلسطينية تشمل أيضًا القدس الشرقية وصايتها الهاشمية.

وبهذا يكون الملك تشارلز قد نطق بحال لسان المجتمع الدولي ورؤيته وعمق الدولة البريطاني وسياساته عندما أعلن عن دول المركز بمنطوق ملكي ضرورة تمكين مشروع الدولة الفلسطينية، وهو المشروع الذي بات قيد التنفيذ وهو ما يدل أن الحديث حول هذا المشروع انتقل من حديث كان موجه للاستهلاك العام للحديث في بيت القرار، فهل ستقرن دول المركز أقوال الملك بأفعال؟
هذا ما سيجيب عنه مجلس الأمن الدولي عند مناقشة مشروع قرار يعلن فيه الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدود القرارات الأممية.