قبل عشر سنوات لم يكن الحصول على شهادة الثانوية العامة لأحد مواطني تجمع المعرجات شمال أريحا بتلك السهولة، فكل الظروف التي كانت سائدة في تلك الأماكن وقتها لم تساعد في ذلك، إلا أن الشابة عالية مليحات كسرت هذه القاعدة لتكمل تعليمها وتصبح ناشطة حقوقية توثّق ما يتعرض له التجمع من اعتداءات متواصلة من الاحتلال الإسرائيلي ومستعمريه.

عالية "27 عامًا" إنها الفتاة الوحيدة من سكان التجمع الذي يفتقر لأدنى مقومات الحياة، التي أكملت تعليمها بعد المرحلة الأساسية. وهي البنت البكر لإحدى العائلات الفلسطينية في المنطقة، وتدور سيرتها بين سكان المنطقة بأنها إحدى الفتيات اللواتي لهن حكاية مُتعبة في الحصول على العلم، بعد المرور بمحطات استثنائية.

ولقد أنهت الصفوف الستة الأولى في المرحلة الأساسية في مدرسة "بدو الكعابنة" داخل حدود المنطقة، ثم ابتعدت عن المدرسة لست سنوات حتى عام 2013؛ لأسباب تتعلق بالدرجة الأولى بانعدام الأمن والمواصلات.

وفي صيف عام 2013، عادت للتعليم ولكنها لم تعد إلى المدرسة، لعدم قدرتها على الوصول إلى المدارس الأكثر قربًا من مسكنها في مدينة أريحا، التي تبعد عشرة كيلومترات حيث تقدمت لامتحان المستوى للصف التاسع. وأحضرت أهم المواد الأساسية (الرياضيات واللغة العربية، والعلوم) للصف التاسع ودرستها جيدًا، وقدمت امتحان المستوى المؤهل إلى المرحلة الثانوية" في رام الله. واعتمدت على الدراسة الذاتية في البيت خلال المرحلة الثانوية، وكانت تقدم الامتحانات كباقي الطلبة في إحدى المدارس الحكومية في مدينة أريحا، وبعد إنهاء "التوجيهي" بنجاح، أكملت دراستها الجامعية في جامعة القدس المفتوحة، وحصلت على شهادة البكالوريوس في الإدارة الصحية بتقدير امتياز.

ومنذ عام تقريبًا، انخرطت كــناشطة في إحدى المراكز الحقوقية، لتبدأ مشوارًا من توثيق ما تتعرض له المعرجات والمناطق المجاورة من اعتداءات للمستعمرين.

وفي هذا الشأن، قالت عالية: "نحن أمام حرب يقودها المستعمرون في الأغوار، لم تهدأ المنطقة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي"، وفي الواقع، فإن اعتداءات المستعمرين في الأغوار الفلسطينية اختلفت بعد ذلك التاريخ بالشكل والكم، وأصبحنا نوثق أشكالًا جديدة من انتهاكاتهم بشكل يومي".

وتحاول الشابة ضمن منظومة شعبية إيصال صورة واقعية عما يجري في التجمع الذي تنتمي له، وساعدها كثيرًا عملها كناشطة حقوقية على اختراق حاجز الجغرافيا المحلية.