مشروع تصفوي للقضية الوطنية تلو الآخر، ومخطط تهويدي استيطاني في عباءة مخطط سابق، وأرضية لآلية نهب للأرض جديدة، ورغم توسع الاستيطان الاستعماري ومضاعفته أكثر نحو 6 مرات منذ أوسلو قبل 31 عامًا، وإحداث تغير نوعي على الأرض بين ما كان عليه الوضع قبلها وما هو عليه الواقع راهنًا، وانفلات الاستيطان والتهويد والمصادرة والتزوير والسيطرة على كل مناحي الحياة، وفتح بوابات جهنم من حروب الإبادة والتطهير العرقي والتهجير القسري في القدس العاصمة والضفة عمومًا وقطاع غزة خصوصًا والقرصنة على المال والاجتياحات والاقتحامات لمحافظات الشمال كافة وتقطيع اوصال المدن والقرى والمخيمات من قبل حكومة الحرب بقيادة نتنياهو واقرانه سموتيريش وبن غفير في الائتلاف الحاكم، إلا أن تلك الحروب ومخططاتها الجهنمية في إبادة الشعب الفلسطيني وتصفية الكيانية الفلسطينية الوليدة ستبوء بالفشل والموت المحتم.

ومع ذلك لا يجوز التهاون واستسهال الأمر، والركون إلى صمود الشعب الفلسطيني، والتعامل معها وكأنها آيلة للسقوط سلفًا، لأن ثمن الصراع مع إفشالها وتمزيقها إربًا سيكلف الشعب والقيادة أثمانًا باهظة من دم وحرائق وموت ونهب أرض وتغيير معالم الواقع بما يضاعف من ثقل وتعاظم المسؤولية الوطنية. 
كما لا يجوز الركون إلى النجاحات الأممية، واتساع وزيادة الاعتراف بالدولة الفلسطينية والتأييد للشعب والقضية والحقوق الوطنية في أوساط الرأي العام العالمي، وإحداث تحول هام في جر إسرائيل وقياداتها أمام المحاكم الدولية، ومضاعفة عزلتها وحصارها، على أهمية ونوعية التطورات المذكورة، فإن الضرورة تحتم على قيادة منظمة التحرير وحكومتها والقوى السياسية والنخب المختلفة إعادة نظر جدية وكيفية في برامج مواجهة جديدة على الصعد المختلفة، والكف عن الركون إلى ذات الاليات والسياسات المتبعة. 
ومن المشاريع الصهيونية الخطيرة، التي بدأ تنفيذها ما تم تسريبه من اجتماع لسموتيريش، وزير المالية، والوزير في وزارة الحرب والمسؤول عن الإدارة الاستعمارية في مستعمرة بيت إيل يوم الجمعة اول أمس 21 يونيو الحالي في مستعمرة شخاريت في الضفة الفلسطينية الأسبوع الماضي، وحضره العشرات من رؤساء المستعمرات والبؤر الاستيطانية في الضفة، الذي لمسه الشعب الفلسطيني لمس اليد وعلى جسد أبنائه ومصالحهم الخاصة والعامة قبل الإعلان عنه في صحيفة "يديعوت احرونوت"، والهادف إلى "تغيير الواقع في الضفة" ويشمل: إزالة الحواجز، وإلغاء أمر تقييد البلدات (المستعمرات) في شمال الضفة الغربية، وإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية بما فيها حومش وايفتار وغيرها، ونقل الصلاحيات الإضافية للإدارة الاستعمارية، وتعيين نائب جديد لرئيس الإدارة، وهو المستعمر هيلل روت وغيرها من الإجراءات الاستعمارية الإجرامية.

ووصف وزير المالية النازي الخطة، التي يقف خلفها رئيس وزراء الحرب نتنياهو ردًا على أحد المستعمرين بالقول "انها درامية ضخمة، مثل هذه التغييرات تغير الحمض النووي للنظام" في إسرائيل والضفة الفلسطينية على حد سواء، وهون زعيم الصهيونية الدينية من الصراعات الصعبة مع وزارة الحرب والنظام القضائي بالقول "هذا ليس حدثًا يسهل ابتلاعه" وأضاف أن الخطة "حدث استراتيجي ودرامي ضخم، نحن قريبون جدًا" من تحقيقه. وتابع أنه خصص لهذه الغاية 85 مليون شيقل لتحسين المكونات الأمنية و7 مليارات شيقل أخرى لتحسين وبناء الطرق في الضفة الفلسطينية.

مؤكدًا أن المخطط الاستعماري الجديد الهادف إلى تقويض الكيانية الفلسطينية، وقطع الطريق على استقلال دولة فلسطين المحتلة، والالتفاف على الاعترافات المتزايدة بالدولة الفلسطينية، التي بلغت حتى اللحظة ل149 دولة، والرأي العام العالمي، واستباقا لقرارات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، ووقف الحرب على القطاع وعقد المؤتمر الدولي للسلام، لكنه رغم ما حققه حتى الآن من تقدم على الأرض، بيد أنه سيبوء بالفشل، إذا ما تداركت القيادة الفلسطينية الأمر، ودعت لعقد المجلس المركزي للاجتماع، وأعادت ترتيب شؤون البيت الفلسطيني، وعززت من عوامل الصمود عبر تجسيد الوحدة الوطنية وضاعفت من المقاومة الشعبية تحت القيادة الوطنية الموحدة، وضاعفت من عمليات الدفاع عن الأرض والشعب، وقلبت الطاولة على رأس الاستعماريين الصهاينة، الوقت من ذهب، إن لم نقطعه قطعنا، واللحظة الراهنة حاسمة في معادلات الصراع التاريخي، علينا التقاطها قبل فوات الأوان.