قال المندوب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة الوزير رياض منصور: إن "إسرائيل ما زالت تتحدى العالم، وتستمر بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، على الرغم من إصدار محكمة العدل الدولية ثلاثة أوامر ملزمة تشمل على تدابير مؤقتة لمنع جريمة الإبادة، ووقف قتل المدنيين الفلسطينيين وإيذائهم جسديًا أو عقليًا بصفتهم مجموعة محمية باتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية".
جاء ذلك خلال كلمة دولة فلسطين، ألقاها منصور في الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني، والمنعقدة في العاصمة الصينية بكين، اليوم الخميس، وتتناول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وتبعات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وضرورة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات بشكل فوري.
ومن المقرر أن يصدر عن أعمال الدورة العاشرة للمنتدى كل من إعلان بكين، وبيان مشترك بين الصين والدول العربية بشأن القضية الفلسطينية.
وأضاف منصور: أن "إسرائيل تصر عبر حكوماتها المتتالية على الاحتلال والتدمير والقتل والحصار والتهجير والاستعمار وضم الأراضي، والاستيلاء عليها وبناء جدار الفصل العنصري على أرضنا، وانتهاك حرمة مقدساتنا المسيحية والإسلامية، وسن القوانين العنصرية الجائرة، والتضييق على الحكومة الفلسطينية، وقرصنة أموال شعبنا الفلسطيني ومستحقاته وملاحقة المجتمع المدني ومحاصرته، ومنع عقد الانتخابات في القدس المحتلة".
وأشار إلى أن هذه جميعها سياسات وممارسات منافية للقانون الدولي، ولميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، وتصب في تحقيق هدف واحد وهو القضاء على أي أمل بسيادة دولة فلسطينية، ووجودها كدولة قابلة للحياة، مشددًا على ضرورة من التصدي لهذه السياسات غير القانونية المدمرة، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها واحتلالها.
وأوضح منصور، أن "ما يحدث الآن في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وخاصة العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، يؤكد توافق القراءة السياسية للصين والدول العربية، فكانت الصين أول من طالب بوقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة حماية المدنيين ومنع توسع الصراع الإقليمي، ورفضت ازدواجية المعايير عندما يتعلق الأمر المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال والنساء.
وأشار إلى ان الصين لعبت، كعضو دائم في مجلس الأمن للأمم المتحدة، دورًا محوريًا ومساندًا للموقف العربي في تبني قرارات مجلس الأمن 2712، 2720، 2728، ونقدره عاليًا ونشعر بامتنان عظيم نحوه.
وأكد ضرورة تكثيف الجهود من أجل وقف إطلاق النار بشكل فوري في غزة لحقن الدماء وحماية الأرواح، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل كاف ودائم وفوري دون أي عوائق، ودعم جهود الأمم المتحدة، وبشكل خاص وكالة "الأونروا"، وتقديم الدعم المالي والسياسي لها باعتبارها العمود الفقري الذي لا بديل عنه في العمل الإغاثي خاصة في قطاع غزة الذي يعاني الآن من مجاعة وتجويع مقصود.
ودعا منصور للضغط على إسرائيل بفتح كافة معابر القطاع البرية، مضيفا "لا يعقل أن تقوم إسرائيل بإغلاق 6 منافذ برية للقطاع بما في ذلك مؤخرًا معبر كرم أبو سالم ومعبر رفح، ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية، المطالبات الدولية والإقليمية بفتح المعابر وتقديم المساعدات الإنسانية".
وشدد على رفضنا لكل محاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من قطاع غزة مطالبًا بالانسحاب الفوري والكامل لجيش الاحتلال الإسرائيلي من القطاع، والسماح بعودة النازحين لأماكن سكنهم، محذرا من مغبة الاجتياح البري لمدينة رفح.
وندد باجتياح إسرائيل للمنطقة الشرقية لمدينة رفح، وسيطرتها على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، ما زاد من تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع.
وجدد المطالبة بضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية دولية متعددة الأطراف في أسرع وقت ممكن لإنهاء الاحتلال، وإنقاذ حل الدولتين، وتحقيق الحرية والعدل والكرامة لشعبنا الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق مرجعيات الحل السلمي المتفق عليها، بما فيها مبادرة السلام العربية.
ولفت إلى أن دولة فلسطين لن تدخر جهدا في النضال السياسي والقانوني لتحقيق العدالة لشعبنا الفلسطيني، بما في ذلك من خلال المحاكم الدولية، مثمنا دور الصين على مرافعتها الداعمة لفلسطين أمام محكمة العدل الدولية، وكافة الجهود القانونية والسياسية بما في ذلك التمييز في تعاملاتها السياسية والاقتصادية والتجارية بين إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة وفق قرار مجلس الأمن 2334، وبشكل يتفق مع موقف الصين من كافة الأنشطة الاستعمارية الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وجدد التأكيد على الحرص على توثيق العلاقات الصينية العربية، والالتزام بهذه العلاقات العريقة على المستويات الرسمية والحضارية والشعبية.
وشدد منصور على اهتمام دولة فلسطين بشكل خاص في تعزيز وتطوير العلاقات الوثيقة بين دولة فلسطين والصين، في إطار تعاونها الثنائي والعربي الصيني الجامع، الذي تمتد أواصره لعقود طويلة من الحوار المشترك ثقافيًا واقتصاديًا وتجاريًا وسياسيًا وأكاديميًا من بين مجالات عدة في القطاعات المختلفة.
وتابع منصور، أن الدول العربية والصين توافقت في التوجهات السياسية والدبلوماسية العامة في كافة المحافل الثنائية والدولية، وواصلت الصين دعمها القوى لتحقيق السلام والأمن في منطقتنا واحترام سيادة دولنا وسلامة وحدة أراضينا.
واستطرد: كما دعمت استقرار منطقتنا واحترام مصالحنا الوطنية، ووضعت القضية الفلسطينية في صلب توجهاتها السياسية، ولم تتوان الصين عن تقديم الدعم لدولة فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، والذي كان آخرها دعم طلب دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وحث الدول على الاعتراف بدولة فلسطين، علما بأن الصين هي من أول الدول التي اعترفت بدولتنا.
وذكر أن عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة ليست بالأمر الرمزي، بل إنها أمر في غاية الأهمية للفلسطينيين، ولشعوب المنطقة في هذه المرحلة الدقيقة، خطوة منتظرة منذ عام 1948، معتبرا أنها خطوة ضرورية ليعود الإيمان بالشرعية الدولية والقانون الدولي، ويعود الأمل في التسوية السلمية للصراع.
وقال منصور: "إن تأييد الصين منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ينسجم مع صداقتنا التاريخية الراسخة الممتدة، ويعطينا الثقة بالتقدم بشكل جماعي مشترك نحو تحقيق هذا الهدف المنشود".
وأضاف: "رغم التحديات العالمية وتفاوت الأولويات على الأجندة الدولية، بقي موقف الصين ثابتًا من القضية الفلسطينية بصفتها القضية المركزية في الشرق الأوسط، بل ازداد حجم اهتمام الصين بضرورة حل القضية الفلسطينية بدون تأجيل كسبيل وحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".
وتابع: "كما بقي موقف الصين ثابتا بشأن أسس مرجعيات الحل السلمي العادل والشامل للقضية الفلسطينية الذي يتمثل في حل الدولتين على حدود 1967، وبمكانة القدس لدى مسلمي ومسيحيي العالم بشكل عام، ومكانتها للفلسطينيين بشكل خاص كعاصمة لدولتهم المستقلة".
وأكد أن الصين أبدت استعدادها في مناسبات عدة للمساهمة في إطلاق العملية السلمية على أساس القانون الدولي، بهدف التوصل إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق سيادة واستقلال دولة فلسطين، مذكرًا بمقترح الرئيس شي جينبينغ للسلام ذات النقاط الأربع الذي لاقى ترحيبا من سيادة الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية، وإيمانًا منا بالدور المحوري والفعال الذي يمكن للصين أن تلعبه كوسيط عادل في التسوية السلمية لقضية فلسطين.
وثمن المواقف الثابتة والمنسجمة مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ما يعزز من ثقتنا وصداقتنا مع حكومتكم وشعبكم ويزيد من التزامنا بأطر التعاون المشترك والاحترام المتبادل والحوار الفعال لتحقيق مصالحنا الدولية المشتركة.
كما ثمن منصور دور كافة الدول العربية الشقيقة على دورهم الفعال في حشد الجهود والمساعي الدولية لوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية في قطاع غزة ودعم عضوية دولة فلسطين والاعتراف بها والعمل على خلق أفق سياسي للحل السلمي للقضية الفلسطينية، بما يضمن الأمن والاستقرار في منطقتنا وتحقيق العدل والسلم لشعوبنا العربية.
وترأس وفد دولة فلسطين رياض منصور المندوب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، سفير دولة فلسطين لدى جمهورية الصين الشعبية فريز مهداوي، والمندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية السفير مهند العكلوك.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها