يتعرض الشعب الفلسطيني لحرب إبادة وتطهير عرقي منذ 107 عامًا وبالتحديد منذ إعلان بريطانيا عن إعلان وعد بلفور بإقامة كيان إستعماري إحلالي لليهود على أرض فلسطين التي مثلت جريمة القرن العشرين الممتدة نتائجها حتى القرن الحادي والعشرون وما أسفرت عن حرمان الشعب الفلسطيني من ان يتمتع بحقوقه الأساس بالحرية والإستقلال في وطنه التاريخي.
- محطات حرب الإبادة:
الأولى: فرض الإنتداب البريطاني على فلسطين.
الثانية: قرار تقسيم فلسطين رقم 181.
الثالثة: عدوان حزيران 1967.
الرابعة: العدوان الهمجي القائم على قطاع غزة والضفة الغربية.
- المحطة الأولى: فرض الإنتداب البريطاني على فلسطين
لم يكن ممكنا لبريطانيا أن تنجح بتنفيذ جريمتها بإقامة "دولة لليهود" في فلسطين دون إستخدام القوة العسكرية ولتحقيق ذلك إنتزعت قرار من عصبة الأمم بفرض إنتدابها وبالتالي السيطرة العسكرية الكاملة على فلسطين لتتمكن من تنفيذ وعد بلفور عبر فتح باب الهجرة لليهود من اصقاع العالم ومنحهم وتمكينهم من الإستيلاء ومصادرة الأراضي وتجريد الشعب الفلسطيني من أبسط مقومات القوة وبإرتكاب سلسلة من مئات المجازر وأعمال القتل والاعتقالات التعسفية والإعدام لأبطال المقاومة الفلسطينية.
- المحطة الثانية: قرار التقسيم رقم 181
بعد نجاح المستعمر البريطاني بتحقيق المحطة الأولى بحكم قوته العسكري إنتقل للمحطة الثانية المتمثلة بمنح شرعية جديدة لجريمته "جريمة القرن العشرين" بعد أن استكمل الأرضية بحكم الأمر الواقع التي فرضته القوة الغاشمة بإنتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة لإقامة "الدولة اليهودية " فعمد إلى إنتزاع قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 في سابقة لم يسجل التاريخ مثيلاً لها باحتلال مجموعات سكانية على أسس دينية "اليهودية" بديلاً عن الفلسطينين أصحاب الوطن الأصيل بمكوناته "مسلميه ومسيحييه وغيرها " بتقسيم فلسطين إلى دولتين مبقيًا للشعب الفلسطيني 45 ٪ من مساحة فلسطين التاريخية لإقامة دولته التي بعد مرور ٧٧ عامًا على القرار الدولي بالرغم من ظلمه للشعب الفلسطيني لم ترى النور بحكم الإنحياز و الدعم الأميركي والأوربي اللامحدود للكيان الاستعماري الاحتلالي الإسرائيلي المصطنع وتخلي مجلس الأمن بدولة الخمس دائمة العضوية عن واجباته بتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته وبدلاً من ذلك مكنه من احتلال نصف مساحة الدولة العربية الفلسطينية المحددة بقرار التقسيم.
كان قرار التقسيم الخطوة الأخيرة قبيل الإعلان عن إقامة "إسرائيل" بعد أن تمكنت العصابات الصهيونية اليهودية الإرهابية بدعم وتمكين من قوات المستعمر البريطاني بارتكاب مجازر دموية وتدمير مئات القرى والبلدات الفلسطينية في سياق حرب إبادة وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح أسفر عن إقتلاع مئات الآلاف واضحوا ملايين من وطنهم لتبدأ رحلة العيش خارج مدنهم وقراهم كلاجئين في ظل ظروف قاسية ولا إنسانية بإنتظار الإنتصار لحقهم الأساس بالعودة لمدنهم وقراهم التي طردوا منها والمكفول بموجب ميثاق الأمم المتحدة وإلإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقرار الجمعية العامة رقم 181 وقرار 273 الذي إشترط لقبول "إسرائيل" عضوًا بالأمم المتحدة تنفيذها قراري الجمعية العامة رقم 181 و 194.
- المحطة الثالثة: عدوان حزيران 1967:
هناك أحداث ما بين إعلان إقامة بل صناعة "إسرائيل" وشن عدوان 5 حزيران 1967 من الجدير الإشارة إلى بعض منها كمجزرة مسجد دهمش في اللد ومجزرة الدوايمة واحتلال جنوب النقب وام الرشراش "إيلات حاليًا" للتدليل على طبيعة ووظيفة هذا الكيان العدواني التوسعي الإرهابي الذي تجلت حقيقته الإستعمارية التوسعية بشن عدوانه في الخامس من حزيران 1967 بدعم أميركي بريطاني فرنسي أسفر عن احتلال سيناء والجولان والضفة الغربية وقطاع غزة مستكملاً بذلك احتلاله الإرهابي الاحتلالي لأراض فلسطين التاريخية وتهجير مئات الآلاف من الشعب الفلسطيني خارج مدنهم وقراهم ومخيماتهم في محطة جديدة من التهجير القسري لينضموا لقائمة اللاجئين الفلسطينيين التي تتولى الأونروا وفق نظام تشكيلها شؤونهم إلى حين حل مشكلتهم بتنفيذ قرارالجمعية العامة رقم 194.
- المحطة الرابعة: العدوان الهمجي القائم على قطاع غزة والضفة الغربية:
لم تتوقف سلطات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي يومًا عن إرتكاب وتصعيد جرائمها بحق فلسطين أرضًا وشعبًا منذ احتلالها لعموم الأراضي الفلسطينية سواء في الأرض المحتلة منذ عام 1948 او عام 1967 عدا عن إنتهاكاتها الصارخة لإتفاقية جنيف الرابعة التي كفلت للشعوب التي تخضع لإحتلال أجنبي حقوقها التي تحظر على سلطات الإحتلال الاستعماري المس بها.
ولكن حرب الإبادة والتطهير العرقي وما يندرج تحتها من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي يشنها الكيان الاستعماري الإرهابي الإسرائيلي وكيلاً عن أميركا ومحورها بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة على إمتداد ثمان شهور والتي تهدف إلى طرد الشعب الفلسطيني من قطاع غزة إلى سيناء
في سابقة لم يسجل التاريخ لقرون مضت عظم وحشيتها ولا إنسانيتها عن سابق اصرار وتصميم أعربت عنه بكل وضوح تصريحات مجرم الحرب نتنياهو ومعسكره مما يؤكد دون شك تأكيد نواياه بإرتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي دون خوف من المساءلة والعقاب لإعتماده على النفوذ الأميركي وتمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب وبإستخدام الفيتو لإجهاض أي قرار دولي يصدر عن مجلس الأمن او الجمعية العامة وهذا ما حصل على مدار الشهور الثمانية منذ بداية شن العدوان الهمجي البربري في سياق حرب إبادة وتطهير عرقي وما عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين غالبيتهم العظمى أطفالاً وفترات ونساءًا وتدمير ما يقارب 80% من العمارات والمنازل والمشافي والمراكز الصحية والبنى التحتية وقطع الماء والكهرباء والإتصالات ومنع وصول الغذاء والدواء والحرمان من السكن والحياة الآمنة إلا صورة مبسطة لما حل بالشعب الفلسطيني في ظل عجز عربي وإسلامي ودولي بالتصدي لسياسة الولايات المتحدة الأميركية الرافضة لوقف العدوان الهمجي والمسخرة لكل إمكانيتها ونفوذها لدعم الكيان المجرم سياسيًا وإقتصاديًا وعسكريًا ودبلوماسيًا وإعلاميًا بل والعمل لحشد محور تابع داعم للجرائم تحت عنوان حق إسرائيل الدفاع عن نفسها خلافًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة مما وضع أميركا بموقع القائد والمشارك والمحرض لاستمرار هذه الجرائم في تقويض لمسؤليتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن بالعمل على حفظ وترسيخ الأمن والسلم الدوليين.
- مسؤولية من استمرار حرب الإبادة والتطهير العرقي:
بناءًا على ما تقدم فإن المسؤولية على استمرار احتلال أراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها بموجب قرار التقسيم وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في عام 2012 وبعدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن ومنها قرار رقم 2334 الصادر في كانون أول عام 2016 إبان عهد الرئيس أوباما والذي تنكرت له بل وإنقلبت عليه إدارتي ترامب وبايدن تقع:
▪︎ أولاً على أميركا ومحورها
▪︎ وثانيًا على غالبية الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة التي ارتضت لنفسها الدور الديكوري خلافًا للإصل ان تكون قراراتها الأعلى شرعية وتستوجب تنفيذها عبر إلزام مجلس الأمن وفق الصلاحيات المناطة به تنفيذها دون أن يكون الحق لأي من الدول الخمس دائمة العضوية إستخدام الفيتو.
- المطلوب عمله:
أولاً: مسؤولية التصدي بالانتصار لدوره أمام تغول صلاحيات ونفوذ دول مجلس الأمن دائمة العضوية وما يعنيه ذلك من ضرورة اللجوء إلى تعديل ميثاق الأمم المتحدة بما يحقق مبادئ العدالة والمساواة بين الدول صغيرها وكبيرها وعلى قمة التعديلات إلغاء الفيتو وقبول الدول الأعضاء بالأمم المتحدة المناطق حصريًا بموافقة الدول دائمة العضوية ولمنع الإزدواجية والإنتقائية بالتعامل مع قضايا العالم او بتنفيذ القرارات الدولية.
ثانيًا: فرض عقوبات سياسية وإقتصادية وعسكرية وصولاً لعزل ومقاطعة شاملة على "إسرائيل" ومن يدعمها برفض تنفيذ القرارات الدولية وباستمرار احتلالها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة وللجولان وحرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948.
ثالثًا: استصدار قرار بتجميد عضوية إسرائيل بالأمم المتحدة لانتفاء شرط قبولها ولرفضها تنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة خلافًا لإلتزاماتها بموجب المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة.
بهذا يمكن وقف حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني والممتدة على مدار 107 أعوام دون توقف وإن إتخذت سبل المراحل ولكن نتائج تلك الحروب والجرائم لم تزل ماثلة أمام العالم، هل من أمل من مغادرة مربع التبعية لمربع الفعل والفاعل انتصارًا للعدالة وللإنسانية ولإعلاء قيم الحق والمساواة؟
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها